شبكة قدس الإخبارية

خبراء لـ "قدس": تصويت كنيست الاحتلال ضد الدولة الفلسطينية رسالة سياسية لا أكثر

خبراء لـ "قدس": تصويت كنيست الاحتلال ضد الدولة الفلسطينية رسالة سياسية لا أكثر

رام الله - خاص قدس الإخبارية: صوت كنيست الاحتلال بأغلبية ساحقة على مشروع قانون ضد إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، في جلسته يو الخميس الماضي، ومرر مشروع القانون بتصويت 68 عضوًا مقابل 9، فيما كان أعضاء حزب العمل غائبين عن التصويت، وفق ما نقلته صحيفة "هآرتس" العبرية،

وجاء في نص المشروع: ""الكنيست يعارض بشدة إقامة دولة فلسطينية في قلب أرض إسرائيل مما سيشكل خطرا وجوديا على دولة إسرائيل ومواطنيها، وسيؤدي إلى إدامة الصراع وزعزعة استقرار المنطقة، ولن يستغرق الأمر طويلًا حتى تسيطر حماس على الدولة"

ويأتي تصويت كنيست الاحتلال بعد 31 عامًا من توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، وانطلاق المفاوضات بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي حول حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة على حدود عام 1967، فكيف سيكون انعكاسات هذا القرار؟  

بيان سياسي 

يرى الكاتب والباحث السياسي ساري  عرابي أن ما صادق عليه الكنيست هو أشبه بالبيان السياسي، الذي يعبّر عن طبيعة الموقف داخل الاحتلال الإسرائيلي، مستدركًا: ”هذا الأمر ليس مفاجئًا، لأن الدولة الفلسطينية التي ربما يوافق عليها بعض الإسرائيليين هي دولة  ليست ذات معنى وهي دولة ليست على كل الأراضي المحتلة عام 1967 ولا تفكك الاستيطان ومنزوعة السلاح.“ 

ويشير عرابي في حديثه لـ ”شبكة قدس“، إلى أن الكنيست يتوافق مع عدم اتخاذ أي سياسي إسرائيلي أو حزب منذ توقيع اتفاقية أوسلو أي مسلك حقيقي من شأنه أن يفضى إلى دولة فلسطينية تلبي طموح الفلسطينيين، فعام 2000 فشلت المفاوضات بين الرئيس عرفات وباراك برعاية كلينتون وكان فشلها سببًا في انفجار انتفاضة الأقصى، كما وانتهت حزب العمل حينما فشل في الاتفاق مع منظمة التحرير على قضايا الحل النهائي، ومنذ ذلك الوقت أصبحت السلطة الفلسطينية بلا افق سياسي.

ويضيف أن مفاوضات رئيس السلطة محمود عباس مع حكومة الاحتلال في عهد أولمرت وليفني أعطت أملًا سرعان ما تلاشى بانتهاء المفاوضات دون أن تتحول إلى دولة فلسطينية. 

ويشدد عرابي أن فشل المفاوضات وانتهاء فكرة حل الدولتين سيكون بالطبع أمرًا حقيقيًا مع اليمين الإسرائيلي سواء اليمين الليكودي التقليدي او اليمين الصهيوني الديني، حيث يؤمن نتنياهو بدولة ”إسرائيل“ واحدة من البحر إلى النهر، ولا يؤمن بوجود ممثل سياسي للفلسطينيين وهو من أبرز المعترضين على اتفاقية أوسلو.

ويلفت الكاتب والباحث السياسي إلى أن ما أصدره يعبر عن المزاج السياسي الإسرائيلي، مضيفًا، لكن السؤال المطروح اليوم ما هو برنامج فتح ومنظمة التحرير، وكيف ستكون رؤية السلطة لنفسها مع هذا الوضوح بعدم إمكانية تحولها إلى دولة؟ وحصر أفقها في محميات صغيرة وشل الفلسطينيين عن الحركة وإعدام المجال وتحويل السلطة لصراف آلي ووكيل امنّي وبالتالي يجب أن تكون هناك إجابات واضحة من السلطة.

إعادة تشكيل الخطاب الفلسطيني

من جهته، يقول أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية رائد أبو بدوية إنه لا بدّ لنا كفلسطينيين أن نأخذ بعين الإعتبار هذا التوجه اليميني المتزايد والمتصاعد في موضوع رؤيتنا للبرنامج والرؤية والعملية السياسية ككل، وأن نضع أنفسنا أمام أسئلة: هل لا بد من الاستمرار في المراهنة على المفاوضات مع الإسرائيليين للوصول لحل الدولتين في ظل تعنت الاحتلال وانغلاق الأفق الإسرائيلي بشأن حل الدولتين منذ أعوام؟

ويرى أبو بدوية، في حديثه لـ ”شبكة قدس“: أن القيادة السياسية الفلسطينية على مستوى الأحزاب كافة، تحتاج إلى  أن تجلس وتضع برنامجًا سياسيًا وطنيًا، يأخذ بعين الإعتبار، هذ التغييرات السياسية، دون الاستمرار والتمسك بالعمل السياسي الذي أثبت فشله. 

ويوضح: ”منذ أوسلو وحتى اليوم، لا توجد نتائج  للمفاوضات السياسية، بل بالعكس هناك زيادة في الاستيطان، وواقع سياسي ديموغرافي في الضفة  يقتل إمكانية وجود دولة فلسطينية أكثر وأكثر ، والمجتمع الإسرائيلي يميني أكثر وأكثر، بل وهناك في الجانب الإسرائيلي من يفكر بضم الضفة المحتلة. 

لا حلّ دولتين: رسالة للأوروبيين

يأتي تصويت الكنيست، في أعقاب سلسلة اعترافات بالدولة الفلسطينية شهدتها الأشهر الماضية، ففي بيانٍ الشهر الماضي، قالت وزارة الخارجية الأرمينية  إن أرمينيا اعترفت رسميا بدولة فلسطينية، في تحد للاحتلال الذي يعارض مثل هذا التحرك، وجاء في البيان أن أرمينيا تدعم قرار الأمم المتحدة بشأن وقف فوري لإطلاق النار في  غزة وتؤيد حل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وفي خطوة مشتركة، أعلنت إسبانيا وإيرلندا المنضويتان في الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى النرويج والسويد وسلوفينيا، حيث أدت حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة والمستمرة إلى إحياء الدعوات للاعتراف بالدولة الفلسطينية.

وبحسب بيانات رسمية، اعترفت 142 من إجمالي 193 دولة في الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية. لكن ذلك لا يشمل معظم بلدان أوروبا الغربية وأميركا الشمالية وأستراليا واليابان وكوريا الجنوبية.

حول ذلك، يشير أبو بدوية إلى أن نتنياهو وحزب الليكود وأحزاب الائتلاف مررت قرارًا في خلال عام 2023، حول رفض الدولة الفلسطينية، وكان هذا التوجه مواجهة للتوجهات الأمريكية في ذلك الوقت، حيث كان كل جولات وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن منذ 7 أكتوبر لليوم، في معظم جولاته للشرق الأوسط كان يركز على فكرة الدولة الفلسطينية والمسار السياسي والتطبيع، واستغلال الفرصة لتسوية سياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

ويقرأ أبو بدوية في تصويت الكنيست رسالة للأوروبيين ومن ينادي بالاعتراف في الدولة الفلسطينية، على أساس التأكيد أن فكرة دولة للفلسطينيين غير ممكن، ويهدد الأمن، ووجود دولة إسرائيلية.

من زاوية أخرى، ينوّه الأستاذ في العلاقات الدولية إلى أن تصويت الكنيست لا يمكن أن يؤخذ على محمل الجد، لأنه الظروف السياسية في دولة الاحتلال غير عادية وغير طبيعية، ولكنها ليست أكثر من رسائل سياسية. 

”على كل حال، باعتقادي لن تتأثر السياسة الأوروبية والإدارة الامريكية تجاه موقفها الواضح من موضوع الدولتين، ولكن هي مجرد رسالة سياسية لا تسعفها كثيرًا الأوضاع في الشرق الأوسط أو الظرف السياسي والانقسام الذي تعاني منه دولة الاحتلال، وأي مقياس حقيقي للتوجه السياسي يجب أن يكون بعد الانتخابات الإسرائيلية القادمة، لأنها ستقلب الموازين السياسية كلها في الداخل الإسرائيلي“، يوضح أبو بدوية.