فلسطين المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: في الكلمة التي افتتح بها الضربة الصادمة التي وجهها القسام، في صباح السابع من أكتوبر، وأطلق عليها معركة "طوفان الأقصى"، وجه القائد العام للكتائب محمد الضيف رسائل لكل التجمعات الجغرافية في فلسطين المحتلة، للاشتراك في الثورة الشاملة كما وصفها ضد قوات الاحتلال، وكان للداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 موقع متقدم في الرسالة.
في معركة "سيف القدس" التي اندلعت في شهر أيار/ مايو 2021، بعد قرار المقاومة الرد على جرائم الاحتلال في القدس المحتلة والمسجد الأقصى، كانت إحدى الصدمات المركزية التي ضربت المنظومة الأمنية والعسكرية، في دولة الاحتلال، هي المشاركة الكثيفة لفلسطيني الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948.
سيَطر الفلسطينيون المشاركون في الهبة حينها على مدن مركزية في الداخل المحتل، مثل اللد والرملة وعكا وغيرها، وهي التجمعات التي لم تشهد حراكاً ثورياً بهذا الشكل منذ النكبة، وعمَت التظاهرات والمواجهات مناطق واسعة من بئر السبع إلى شمال فلسطين المحتلة، ودخل السلاح في المواجهة لأول مرة، واعترفت شرطة الاحتلال بأنها فقدت السيطرة في عدة مواقع، واستعانت بميلشيات المستوطنين ثم قوات من جيش الاحتلال.
"إنذار استراتيجي"
الانتفاضة في الداخل بالتزامن مع المعركة التي خاضتها المقاومة، في غزة، والمواجهات في الضفة المحتلة أثارت رعباً في دولة الاحتلال، من نموذج حرب في المستقبل تكون فيه مشاركة الداخل أكبر مع معركة كبيرة تخوضها المقاومة في غزة، تزامناً مع هجمات من جبهات أخرى.
التقارير الاستراتيجية الإسرائيلية اللاحقة حذرت من أن "هبة أيار" قد تتكرر، في المستقبل، بصورة أكثر شمولاً وضراوة، وأكدت أن الانتفاضة في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، أشد خطراً على دولة الاحتلال من مواقع أخرى نظراً لسهولة وصول المنتفضين إلى قواعد عسكرية ومواقع استراتيجية وشخصيات إسرائيلية ومستوطنات، أكبر من الفلسطينيين وقوى المقاومة، في مواقع أخرى.
الخبراء الأمنيون في دولة الاحتلال دعوا الأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية إلى "استخلاص العبر"، من الهبة، ومراجعة الثغرات في جهاز الشرطة التي ظهرت في مواجهة المنتفضين الفلسطينيين، وسوء التنسيق مع "الشاباك"، وغيرها من القضايا، التي كبَدت الاحتلال خسائر فادحة خلال الهبة بينها قتل خبير كبير في الصناعات العسكرية الإسرائيلية، بعد حرق فندق في عكا المحتلة.
في الشهور التالية على الهبة، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن مخططات لجيش الاحتلال خلال أية حرب مستقبلية تتعلق بالداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، بينها تحديد مسارات طرق بديلة لمرور المركبات العسكرية بعيداً عن البلدات الفلسطينية خاصة في منطقة المثلث وغيرها، لتجنب تعرضها لهجمات خلال توجهها إلى جبهة الشمال.
حملة القمع
خلال الهبة وبعدها شنت شرطة الاحتلال حملة اعتقالات واسعة، في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، طالت أكثر من 3000 فلسطيني، تعرضت مجموعة كبيرة منهم لدرجات مختلفة من الضرب والاعتداء، وكشفت شهادات مؤسسات حقوقية لاحقاً عن استخدام ضباط مخابرات الاحتلال "الشاباك" وسائل مختلفة في الضغط على المعتقلين.
حملة الاعتقالات طالت رموزاً في المجتمع الفلسطيني أيضاً بينهم الشيخ كمال الخطيب، ويوسف الباز إمام مسجد اللد، ومحمد أسعد كناعنة وآخرين تحت ما يسمى بند "التحريض"، وهو الاتهام الذي تستخدمه قوات الاحتلال في منع الفعاليات الجماهيرية والوطنية، وخنق الأصوات الداعمة للتصدي لسياسات الاستيطان والعدوان.
بعد الاعتقالات فرض الاحتلال ظروفاً قاسية على معتقلي "الهبة"، في السجون التي نقلهم لها بعد انتهاء التحقيق معهم، وشدد على عائلاتهم وسعى إلى منعها من الحديث من خلال التخويف، في ظل غياب مؤسسات أسرى على النمط الموجود في الضفة والقدس المحتلتين، في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948.
منظومة "القضاء" في دولة الاحتلال شاركت في حملة قمع "هبة الكرامة"، من خلال الأحكام العالية التي فرضتها على المعتقلين ووصلت بعض الأحكام إلى 15 عاماً، في سياق محاولة ردع بقية المجتمع عن التفكير في تكرار تجربة المواجهة والتصدي مع الاحتلال.
الجريمة… سلاح فتاك
تشير الإحصائيات إلى أن عدد ضحايا جرائم القتل في الفترة بين 1980 - 2000، في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، بلغ 85 بينما أصبح يقتل ضعف هذا العدد في عام واحد في السنوات الأخيرة.
تؤكد مصادر مختلفة بينها وسائل إعلام إسرائيلية وشخصيات سياسية فلسطينية، في الداخل المحتل، أن صعود الجريمة التي وصلت إلى نمط "منظم" في البلدات والمدن الفلسطينية المحتلة عام 1948، بدأ بعد انتفاضة الأقصى التي شارك فلسطينيو الداخل فيها واستشهد منهم 13 شاباً.
ما يقال عن انتفاضة الأقصى يمكن أن يقال عن هبة أيار أو "سيف القدس"، بعد الحدث الصادم لمخابرات وجيش الاحتلال تصاعدت الجريمة بشكل أكثر عنفاً، وشهدت البلدات والمدن الفلسطينية في الداخل مجازر متنقلة أدت في بعض الحالات إلى مقتل أكثر من 5 أشخاص.
العام الماضي، اعترف مسؤول في شرطة الاحتلال أن جهاز المخابرات "الشاباك" يملك عملاء كبار في صفوف عصابات الجريمة، التي تمارس القتل المنظم في صفوف الفلسطينيين في الداخل المحتل.
تؤكد وسائل إعلام إسرائيلية أن مخابرات الاحتلال سهلت لعصابات الجريمة الحصول على السلاح، بهدف خلق موجة من جرائم القتل تشغل المجتمع في الداخل عن مقاومة الاحتلال، وتخلق فجوة اجتماعية ونفسية فيه، تمنعه من الاتحاد في وجه المؤسسات الإسرائيلية.
جرائم القتل طالت شخصيات اعتبارية وأسرى محررين ونشطاء وصحفيين وفئات أخرى مختلفة من المجتمع وهو ما يؤكد على أنها أداة في تدمير المجتمع في الداخل الذي يقع تحت الاحتلال.
التخويف
بعد انطلاق معركة "طوفان الأقصى" ثم المجازر الإرهابية التي نفذها جيش الاحتلال، في قطاع غزة، أكدت مصادر مختلفة من الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 أن الاحتلال يمارس رقابة شديدة على المحتوى المنشور على مواقع التواصل الاجتماعي، لمنع انخراط فلسطيني الداخل في المواجهة.
وقالت المصادر، إن شرطة الاحتلال اعتقلت عدداً من الفلسطينيين بينهم نشطاء وفنانين على خلفية منشورات داعمة لغزة ومنددة بجرائم الاحتلال، وبعضها لم يصل إلى الإعلام.
كما صرح قائد شرطة الاحتلال أن قواته جاهزة لقمع أية فعالية أو مسيرة تخرج لدعم غزة.