شبكة قدس الإخبارية

حوارة... القتال مع "المشروع الاستيطاني" من نقطة صفر

٢١٣

 

369301961_1485661488876317_1314785867294267856_n

نابلس - قُدس الإخبارية: تحولت بلدة حوارة جنوب نابلس، خلال الشهور الماضية، إلى أهم خط في العمليات العسكرية التي تنفذها مجموعات المقاومة وأدت لخسائر في صفوف المستوطنين وقوات الاحتلال.

تشكل بلدة حوارة طريقاً رئيسياً لمركبات المستوطنين التي تمر إلى مستوطنات جنوب نابلس وشمال الضفة المحتلة أو نحو الجنوب ورام الله والقدس أو نحو الأغوار، لذلك يعمل جيش الاحتلال على مدار الساعة في تأمين حماية لها، من عمليات إطلاق النار ورشق الحجارة والزجاجات الحارقة.

الطريق الرئيسي الذي يسلكه المستوطنون وآلاف المركبات الفلسطينية أيضاً، بشكل يومي، شكل فرصة تكتيكية لمجموعات المقاومة لتنفيذ عمليات إطلاق نار قاتلة والانسحاب من المكان بسهولة نسبية، رغم الانتشار الواسع لقوات الاحتلال على طول الطريق، خاصة في الشهور الماضية، بعد الارتفاع الكمي والنوعي في عمليات المقاومة.

"فلسفة المكان" لها حضور مركزي في العلاقة الاشتباكية بين المقاومة وقوات الاحتلال، تحولت الطرق الالتفافية التي افتتحها الاحتلال لمستوطنيه، والشوارع التي يمرون منها، لمصائد للمقاومين الذين نفذوا عليها عشرات عمليات إطلاق النار وتفجير العبوات الناسفة، لذلك يتحول المكان الذي ينفق الاحتلال عليه ملايين الشواقل لتعزيز المنظومات الأمنية فيه، فرصة للمقاومة لتوجيه الضربات عليه، في عملية عكسية حيث يتحول المكان الآمن لفرصة لتحويله إلى مكان غير آمن.

تستغل مجموعات المقاومة الطريق في تنفيذ عمليات إطلاق نار تستهدف قوات الاحتلال ومركبات المستوطنين، والحاجز القريب من البلدة، وفي الانسحاب سريعاً عبره إلى الريف الجنوبي والشرقي لنابلس أو باتجاه المدينة نفسها، وفي حالة الشهيد عبد الفتاح خروشة نحو جنين التي باتت مركزاً خلفياً للمقاومين للانحساب نحوها، بعد الصعود الكبير لمجموعات المقاومة فيها.

يوم أمس، تقدم مقاوم نحو مكان كان بداخله مستوطنان من مدينة أسدود المحتلة، أطلق النار نحوهما وأرداهما قتيلين، قبل أن ينسحب بسلام. استغرق وصول جيش الاحتلال إلى المكان أكثر من 25 دقيقة كما أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية، وزعمت أن الضجيج في مغسلة السيارات التي وقعت فيها العملية، منع جنود الاحتلال من سماع أصوات إطلاق النار، رغم الانتشار المكثف لها، في بلدة حوارة.

منذ شهور، عقب انطلاق عمليات إطلاق النار عبر عدة مجموعات للمقاومة بينها "عرين الأسود" و"كتيبة الفجر" تجاه حواجز الاحتلال، في المنطقة، وحافلات ومركبات المستوطنين، نشر جيش الاحتلال قواته على طول الطريق الرئيسي، في حوارة، وداخل الأحياء فيها، وخلال السير في المركبة يمكن ملاحظة الأعداد الكبيرة من الجنود والآليات العسكرية، والانتشار المكثف بين المحلات التجارية، إلا أن هذه الإجراءات العسكرية لم تمنع المقاومة من تنفيذ عمليات قاتلة ونوعية.

في 26 شباط/ فبراير الماضي، تزامناً مع قمة في العقبة شاركت فيها دولة الاحتلال والسلطة الفلسطينية وممثلين عن الولايات المتحدة ومصر والأردن، لبحث وضع خطة أو إجراءات لوقف تصاعد الحراك الثوري، في الضفة المحتلة، نفذ الأسير المحرر عبد الفتاح خروشة عملية إطلاق نار أدت لمقتل مستوطنين، ثم انسحب باتجاه مخيم جنين، قبل أن يستشهد بعد أيام بعد محاصرته في المخيم رفقة عدد من المقاومين من مختلف الفصائل، الذين احتضنوه وشاركوه القتال حتى آخر نفس.

وفي آذار/ مارس الماضي، أطلق مقاوم النار تجاه مركبة مستوطن باستخدام سلاح "الكارلو"، وأصاب اثنين منهما أحدهما بجروح خطيرة، وانسحب من المكان، قبل أن تلاحقه قوات كبيرة من جيش ومخابرات الاحتلال وتعتقله مصاباً.

وفي الشهر ذاته، أطلق مقاومون النار تجاه قوة من جيش الاحتلال كانت تنتشر في حوارة، وأصابوا جندياً بجروح خطيرة وآخر بجروح متوسطة، قبل أن ينجحوا أيضاً في الانسحاب من المكان، رغم حجم الانتشار العسكري، في المنطقة.

وما بين هذه العمليات وبعدها عمليات إطلاق نار استهدفت مركبات المستوطنين وحافلاتهم، وحواجز الاحتلال، في محيط بلدة حوارة، أي قرب بلدات بيتا وعقربا وغيرها، وصولاً إلى مستوطنة "عيلي" جنوباً التي نفذ فيها الشهيدان مهند شحادة وخالد صباح عملية إطلاق نار أدت لمقتل 4 مستوطنين.

حوارة والبلدات المجاورة التي تشكل احتكاكاً مباشراً بالمشروع الاستيطاني، في جنوب نابلس، الذي يعد المستوطنون فيه من أشرس المستوطنين في العدوان على الفلسطينيين، حاولت دولة الاحتلال تثبيت مسار اقتصادي فيها قائم على علاقات "هدوء" وتجارة، إلا أن عمليات المقاومة والإرادة الشعبية وجهت ضربات نوعية لهذه المشاريع، ووضعت المجتمع الفلسطيني في مواجهة مباشرة مع المستوطنين وقوات الاحتلال.

عمليات المقاومة في منطقة حوارة وشارعها الرئيسي فككت قضية حصر المواجهة، في بلدة بيتا وقرى أخرى مثل عوريف وبورين وغيرها، ونقلتها إلى مدى أوسع في ريف نابلس الذي يعاني من الاستيطان والانتشار العسكري المكثف عليه، ورغم الهجمات التي شنتها ميلشيات المستوطنين، في الشهور الماضية، والدعوات لإحراق القرى التي أطلقها قادة المستوطنين وبينهم وزراء في حكومة الاحتلال على رأسهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، إلا أن المقاومة حافظت على مسار ثابت في الضربات النوعية.


 

#الاحتلال #مستوطنون #المقاومة #نابلس #عمليات #حوارة