الحركة الوطنية الفلسطينية ومنها حماس بحاجة لعلاقات خارجية مع جميع الدول والمنظمات في العالم، ومعيار هذه العلاقة يتوجب أن تكون مصلحة الشعب الفلسطيني والمقاومة العليا، وضرورة القفز عن كل التقسيمات العرقية والطائفية: (سنة وشيعة، مسلمون وكفار، إخوان مسلمون وأحزاب قومية يسارية وشيوعية)؛ لأن التجربة أثبتت أن هذه التقسيمات التي أوجدتها اتفاقية سايكس بيكو وغذاها ودعمها الاستعمار لم تجلب للأمة وللشعب الفلسطيني وللحركة الوطنية الفلسطينية سوى المفاسد، والمهالك، والكوارث، والأزمات، بينما في المقابل تستدعي الأولويات الوطنية نسج علاقات متوازنة ودقيقة مع جميع الفاعلين في المنطقة؛ فالقضية الفلسطينية والمقاومة بحاجة لدعم الجميع في ظل الجغرافيا السياسية المتغيرة.
إن العلاقة مع إيران يجب ألا يكون على أساس أنها دولة شيعية، والعلاقة مع الدول الإسلامية والعربية يجب ألا يكون على أساس أنها دول سنية، والعلاقة مع الدول الأوروبية يجب ألا يكون على أساس أنها دول كافرة، يجب أن تكون علاقة المقاومة مع الجميع مبنية على أساس مصلحة الشعب الفلسطيني العليا وحقه بتقرير المصير وإقامة دولته وسيادته.
أثبتت التجربة أن القارة الأوروبية تحركت نصرة لغزة ورفضا لجرائم الأبارتهايد التي نفذها الاحتلال "الإسرائيلي" خلال الحروب على قطاع غزة، بينما على النقيض لم تجرؤ الأنظمة العربية والإسلامية بإعطاء تصريح للشعوب بالخروج بمظاهرات قرب السفارات الإسرائيلية أو حتى في عمق عواصمها، لأسباب ذاتية وخارجية.
على أي حال، حماس تحتاج إلى علاقات متوازنة مع روسيا، وإيران، وأوروبا، والخليج، ومصر، والعراق، وسوريا، والصين واليابان مستقبلا، وفق المحددات الآتية:
1- تعاونية ومبنية على الاحترام، وتقدير مصلحة جميع الفاعلين ورؤاها للصراع بمعنى أن التنسيق في ملف لا يعني المطابقة في ملف آخر، والافتراق في قضية وجانب لا يعني الافتراق في جانب آخر.
2- غير مرتبطة بصراعات المنطقة؛ فهذه الصراعات تمزيق لوحدة الأمة، وبعثرة لجهودها، وتفتيت لمستقبلها، وما الأزمات والحروب التي مرت بها المنطقة إلا شواهد عملية على ذلك: حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران 1980-1988، وحرب الخليج الثانية بين العراق والكويت 1990-1991م، والأزمة الدبلوماسية مع قطر 2017-2021، وقبلها الربيع العربي 2011 وما نتج عنه من حروب بالوكالة في المنطقة.
3-تكاملية وليست تفضيلية، بمعنى أن العلاقة مع طرف لا يعني أنها ضد طرف آخر.
4- غير مشروطة؛ فتقديم الدعم يكون وفقا لقدرات الدول ومواردها ومنهجها الفلسفي، فما تستطيع فعله إيران في دعم حركات التحرر لا تستطيع دول أخرى على فعله، وما هي مستعدة سوريا على تحمله لا تقدر عليه تركيا أو قطر، وما تقدر عليه قطر لا يمكن لإيران أو سوريا أو لبنان أن تفعله مجتمعة في التأثير والنفوذ والوساطة.