ترجمة خاصة - شبكة قُدس: كشف تقرير استقصائي، أن إطلاق جيش الاحتلال الإسرائيلي الرصاص على الصحفيين في جنين كان متعمدا، ولم يكن بشكل عشوائي أو عن طريق الخطأ.
وذكر التقرير، أن الصحفية شيرين أبو عاقلة تم استهدافها في منطقة الرأس برفقة الصحفي علي سمودي خلال تغطيتهما الأحداث في مخيم جنين برفقة صحفيين آخرين، وهم يرتدون الستر الواقية الخاصة بالصحفيين.
وادّعى جيش الاحتلال في بداية الحادثة، التي وقعت الأربعاء الماضي، أن اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة قد يكون برصاص مقاومين فلسطينيين، وهو ما شككت به جهات فلسطينية ودولية.
ولكن جيش الاحتلال غير روايته تدريجيا وقال في تصريحات نسبت للقناة 12 العبرية، إن هناك احتمالا واردا جدا لأن يكون جيش الاحتلال هو من اغتال الصحفية أبو عاقلة خلال اقتحامه جنين، "عن طريق الخطأ" على حد زعمه.
وأكد شهود العيان، الذين تواجدوا لحظة اغتيال الصحفية أبو عاقلة من بينهم صحفيون، أن جيش الاحتلال فتح النار على الصحفيين دون سابق إنذار على الرغم من تواجدهم في منطقة مكشوفة لجيش الاحتلال، وأنه تعمد استهدافهم كصحفيين.
وبحسب منظمة bellingcat الدولية التي أجرت التقرير الاستقصائي، فإن مقاطع الفيديو والصور لن تكون كافية "وحدها" لإثبات من أطلق الرصاصة التي قتلت أبو عاقلة، ولكنها مهمة للبدء في تكوين صورة لكيفية تطور الأحداث ومقارنتها في البيانات والشهادات الرسمية لمعرفة الحقيقة.
بحسب التقرير، "أشار جيش الاحتلال في تقرير أولي له، إلى احتمالية أن تكون الرصاصة التي اغتالت أبو عاقلة مصدرها جندي إسرائيلي"، خاصة وأنه لا توجد أي فيديوهات تظهر وجود أي مسلح غير قوات جيش الاحتلال في الشارع التي جرت فيه الأحداث.
بحسب التقرير، فإن الرصاص الذي سمع خلال محاولة تقديم أحد الأشخاص المساعدة لأبو عاقلة بعد إصابتها مباشرة في إحدى الفيديوهات، بطيئة ومتعمدة، مما يوحي إلى أنه تم استهدافها بشكل مقصود، في حين يبين الفيديو المتداول لمقاوم فلسطيني يطلق النار صوب جيش الاحتلال أن إطلاق المقاوم الفلسطيني النار كان عبارة عن رشقات سريعة من زقاق.
وأشار التقرير، إلى أن موقع المقاومين الفلسطينيين الذين تم تصويرهم في مقاطع فيديو نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي أبعد بكثير عن أبو عاقلة مما كانت عليه قوات جيش الاحتلال، وأن المقاومين الفلسطينيين ليسوا في أي وضع يسمح لهم برؤية موقع أبو عاقلة أو استهدافها، وهو ما أكدته الصور والفيديوهات والتحليلات الصوتية واتجاه إطلاق النار التي توافقت جميعها إلى حد كبير مع رواية الشهود.
ويقدر التحليل الصوتي الذي استند إليه التقرير، أن الطلقات النارية التي استهدفت أبو عاقلة كانت تبعد ما بين 177 إلى 184 مترا، في حين نشرت مقاطع فيديو بعد لحظات فقط من انتشار التقارير عن اغتيال أبو عاقلة وصول قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى موقع امتد بين 190 إلى 250 مترا جنوبا حيث قتلت أبو عاقلة. وتشير البيانات الوصفية من اللقطات التي صورها مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي والمصورون في مكان الحادث، أو من مقاطع الفيديو التي صورها جيش الاحتلال الإسرائيلي، إلى توفر المزيد من الوضوح فيما يتعلق بهذه النقطة، وهذا من شأنه أيضا أن يتيح مزيدا من تضييق الاحتمالات فيما يتعلق بمواقع القوات وقت اغتيال أبو عاقلة.
وقت الاغتيال
احتوت سلسلة من مقاطع الفيديو المصورة التي تُظهر الموقع الذي ارتقت فيه أبو عاقلة على ظل يسمح بتقدير وقت اغتيالها في الساعة 6:36 صباحًا بالتوقيت المحلي. وكان الصحفي علي السمودي بالقرب من أبو عاقلة عندما أصيبت برصاصة، حيث أصيب هو الآخر بطلق ناري، وقام ببث نقله إلى مستشفى في مدينة جنين ابتداءً من الساعة 6:33 صباحًا. كما ويمكن تحديد الوقت التقريبي لالتقاط هذا الفيديو من خلال فحص الظلال المرئية، وفي الفيديو المذكور الذي نشره منتج الجزيرة، تتجه الكاميرا غربا على طول شارع بلاط الشهداء، قبل أن تتجه جنوبا نحو جثمان أبو عاقلة. كما يظهر في الفيديو، فإن الظلال الطويلة لكل من الأشخاص ولافتات الطرق تظهر في اتجاه الغرب والجنوب الغربي.
بينما تُظهر مقاطع الفيديو في ذات اليوم، أن الاشتباكات بين المقاومين وقوات الاحتلال في المنطقة بدأت بحلول السادسة صباحًا. وفي أحد مقاطع الفيديو التي تمت مشاركتها على منصة تلغرام في الساعة 5:59 صباحًا، تم تسجيله على بعد حوالي 120 مترًا شرق المكان الذي قُتلت فيه أبو عاقلة لاحقًا، ويمكن سماع طلقات نارية ويمكن رؤية دخان أبيض يتصاعد فوق المباني.
وفي أعقاب اغتيال الصحفية، سعى بعض المعلقين الإسرائيليين إلى لفت الانتباه إلى عدة مقاطع فيديو تزعم أنها تظهر مقاومين يطلقون النار على أهداف غير مرئية في جنين، وفي الحقيقة يظهر تحليل الفيديو الذي يظهر فيه المقاومون الفلسطينيون، أن الادعاءات الإسرائيلية غير صحيحة.
وقامت منظمة بتسيلم، بزيارة الموقع الذي تم فيه تسجيل الفيديو الثاني (فيديو المقاومين الفلسطينيين) وتم التأكيد أنه يبعد نحو 270 مترا عن موقع اغتيال الصحفية شيرين. كما ويظهر الفيديو أن الزقاق الذي يطلق فيه المقاومون الفلسطينيون يطلقون النار أسفل زقاق ينتهي بجدار وليس بالمكان الذي أصيبت فيه أبو عاقلة، وهذا يعني أنه لا يمكن أن يكون المقاوم الذي شوهد قد أطلق النار صوب أبو عاقلة، وهو ما يدحض الرواية الإسرائيلية بالخصوص.
وبحسب التقرير، فإن فيديو المقاوم الفلسطيني يبدو أنه سجل في 11 مايو الساعة 6:41 صباحا.
وتُظهر لقطات كاميرا الجسد لجيش الاحتلال، أن جيش الاحتلال كان يسيطر على جزء من الشارع على بعد حوالي 200 متر تقريبًا من الموقع الذي اغتيلت فيه أبو عاقلة، ويبدو أن أدلة الفيديو تظهر أن السيطرة على الشوارع الجانبية القريبة كان متنازع عليه بين المقاومين وقوات الاحتلال. ولا توجد أي لقطات أو صور تشير إلى تمركز أي مقاومين فلسطينيين بين جنود جيش الاحتلال وأبو عاقلة في أي مرحلة.
اغتيال متعمد
يتضح في مقطع الفيديو الذي يُظهر زميل أبو عاقلة وهو يتعرض لإطلاق نار، أن الطلقات كانت موجهة ومتعمدة وليست رشاشات جامحة وغير موجهة. ويشير هذا النمط من إطلاق النار إلى إمكانية استهداف الصحفيين عن قصد.
يبدو من خلال الصورة أعلاه، أن هناك خط رؤية ضيق من موقع جيش الاحتلال إلى المكان الذي قُتلت فيه أبو عاقلة، ويشير سلوك الرجل الذي حاول مساعدة أبو عاقلة، إلى أن إطلاق النار ما زال مستمرا من الجنوب.
وتشير الاحتمالات إلى أن قاتل أبو عاقلة، قد أطلق النار من موقع مرتفع نظرًا لوجود مبنى شاهق إلى الغرب قليلاً من موقع جيش الاحتلال الإسرائيلي، كان من المحتمل أيضًا أن يوفر هذا خط رؤية إلى المكان الذي كانت توجد فيه وزميلها إذا خرجوا من خلف الشجرة وبعيدًا عن الجدار.
في حين أن إفادات الشهود المتعددة تلقي اللوم على جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي، ولا توجد أدلة فيديو متاحة للشك في روايتهم، ما يؤكد أن هناك تعمدا في استهداف أبو عاقلة وزملائها.
وتظهر الفيديوهات، أنه عندما اشتبك جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي والمقاومين الفلسطينيين، كان لموقع جيش الاحتلال مسار واضح وكان أقرب إلى مكان إطلاق النار عليها، كما أن السيارة في مقدمة قافلة المركبات المدرعة لجيش الاحتلال التي شوهدت في لقطات كاميرا الجسد لجيش الاحتلال كانت على بعد حوالي 190 متراً من المكان الذي أصيبت فيه أبو عاقلة، في المقابل، كانت مجموعات المقاومة التي شوهدت تطلق النار في الشارع على بعد 300 متر.
ويبدو أن التحليل الصوتي الأولي للطبيب الشرعي لمقطع فيديو تم التقاطه في أعقاب اغتيال أبو عاقلة يشير أيضًا إلى أن إطلاق النار نشأ على بعد 177 إلى 184 مترًا تقريبًا.