تمهيد
مثل كل عام يصدر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي توصيات استراتيجية لحكومة الاحتلال، للتعامل مع ما يصفها التحديات الاستراتيجية، التي يواجهها كيان الاحتلال، والتي شملت هذا العام مجموعة من التوجهات الاستراتيجية في مجال النظام العالمي، الساحة الإقليمية، اقتصاد الشرق الأوسط، إيران، الساحة الشمالية، الساحة الفلسطينية، التكنولوجيا، البيئة، الساحة الداخلية، أزمة المناخ، والأمن القومي.
لعل من المفيد الاطلاع على هذه الدراسات لفهم كيف ينظر الاحتلال للمتغيرات العالمية والإقليمية والمحلية، وكيف يتناول ما يسميه التحديات أمام "دولتهم"، واستنادا على ماذا تضع استراتيجياتها لعام 2022، والأكثر أهمية نظرته للموضوع الفلسطيني الذي يعكس العلاقة البنيوية والفكرية للحتلال من خلال تناول هذه القضية، وكيف تجند هذه المتغيرات لاستمرار الاستيطان الكولونيالي، وتعزيز نظام الفصل العنصري والدفاع الوجودي، الذي بدأ منذ زرع الدول الأوروبية هذا الكيان في فلسطين.
إن الاطلاع والتعمق في هذه الاستراتيجيات النخبوية، التي يتم وضعها من قبل العسكريين الإسرائيليين الذين هم جزء من البنية العسكرية والسياسية لدى الاحتلال، تضع أمام السياسيين الفلسطينيين لقطات من شرائح الصراع المستمر معنا، وخاصة أننا المستهدفون بما أننا نشكل التهديد الوجودي الأهم في داخل كيان الاحتلال.
وأريد الإشارة أن العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، والتي بدأت تبرز صراعا قديما وجديدا في القارة الأوروبية بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية والتي بدأت تتراجع عن دورها في العالم وخاصة في الشرق الأوسط وتركيزها المتزايد على نهوض الصين المنافس الأول لها، وحاليا نلمس اهتزاز النظام الأحادي المسيطر في العالم بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، كل هذه التطورات الساخنة لم يتم الإشارة إليها في الدراسة الاستراتيجية، والتي برأيي سوف تؤثر بشكل كبير على الاحتلال، لأن إسرائيل جزء من المنظومة الاوروبية العسكرية والسياسية والقيمية والأيديولوجية مع ما يسمى المعسكر الغربي، وبروز وأفول قوى جديدة سيكون له تأثير كبير على الاحتلال، وخاصة أن وجود إسرائيل جزء من النظام الغربي وخاصة البنية الاستعمارية العنصرية العرقية.
الوضع الداخلي في "إسرائيل"
عام 2021 مرت "إسرائيل" بثلاثة متغيرات رئيسية وهي: أولا جائحة كورونا والتي استطاعت مواجهتها من خلال الإجراءات الوقائية، والتطعيم بالإضافة إلى الدعم الاقتصادي للقطاعات المختلفة، وكانت من أول الدول المتقدمة في هذا المجال.
وثانيا معركة (حارس الأسوار) سيف القدس في أيار 2021 والتي نتج عنها هبة جماهيرية شملت الضفة والقدس والأراضي المحتلة عام 1948.
وثالثا تشكيل حكومة الاحتلال الإسرائيلية الجديدة بتركيبة معقدة بمشاركة حزب عربي لأول مرة برئاسة بينيت.
الاقتصاد الإسرائيلي قوي ومستقر رغم جائحة كورونا، وحافظ على معدل نمو 7% عام 2021، وفي عام 2022 من المتوقع أن يكون 5.5%، ولنمو كبير في الصادرات وخاصة قطاع التكنولوجيا والذي يعمل فيه حوالي 10% من القوى العاملة في إسرائيل، ويتميز الاقتصاد الإسرائيلي بمؤشر الاستثمارات الأجنبية في القطاعات الاقتصادية وخاصة التكنولوجيا حيث كان الاستثمار في الربع الأول من عام 2021 نحو 7.73 مليار دولار، وانخفض إلى 7.02 مليار دولار في الربع الثاني من عام 2021 بسبب جائحة كورونا. ومع أن نسبة البطالة في إسرائيل منخفضة أقل من 10% إلا أن نسبة الفقر عالية وتصل إلى 36.9% من نسبة السكان، ويتوقع خلال هذا العام أن يتحسن الوضع الاقتصادي خاصة في صادرات التكنولوجيا والأمن.
التقرير يركز على ما يسميه علاقة العرب مع اليهود (الأغلبية والأقلية) وهذا المصطلح العنصري الذي استخدمته بريطانيا إبان احتلالها لفلسطين، وحاليا يستخدم من قبل الصهاينة للتأكيد أن العرب ليسوا شعبا أصلانيا في فلسطين. ويعتبر ضم القائمة العربية الموحدة إلى ائتلاف حكومة الاحتلال الإسرائيلية أكبر إنجاز لدمج العرب في "الدولة"، وسوف يساهم في ردم الفجوة بين العرب واليهود.
في بحث أجرته الجامعة العبرية خلال شهر 8\21 عبر 21% من اليهود عن كرههم للعرب، بينما عبر 10% من العرب عن كرههم لليهود، وفي مسح آخر أجراه معهد دراسات الأمن القومي في إسرائيل خلال شهر 8\21، 52% من اليهود عارضوا ضم حزب عربي إلى الحكومة، بينما أيد ذلك 45% من اليهود، ولتوضيح العلاقة بين العرب واليهود وفي استطلاع أجراه معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي في شهر 5\21 عبر 22% من اليهود أن العرب أعداء محتملون، و 47% عبروا عن احترامهم للعرب ولكن لا يثقون بهم.
لذلك التقرير الإسرائيلي يوصي حكومة الاحتلال الإسرائيلية بتقليل ما يعتبرها الفجوة بين العرب واليهود (التمييز العرقي)، مع أن الحكومة رصدت ميزانية تقدر بـ 9 مليارات شاقل لتطوير المجتمع العربي، و 2.4 مليار شاقل لمحاربة الجريمة لمدة خمس سنوات إلا أن الفوارق ما زالت كبيرة للوصول إلى المساواة حسب التقرير.
تشكيل الحكومة الاسرائيلية واعتماد ميزانية وحالة الهدوء النسبي حققت إنجازات لإسرائيل في مجال الأمن والاقتصاد والتكنولوجيا، وتقوية علاقاتها مع الدول العربية والإسلامية، وأيضا دمج العرب في المؤسسة الإسرائيلية وخاصة الكنيست، وفي أحدث استطلاع أجرته جامعة حيفا (اذار,2022 ) أعرب 66% من المجتمع العربي عن رضاهم لدخول حزب عربي للائتلاف الحكومي بشكل عام، وبحسب الاستطلاع 44% راضين عن ائتلاف القائمة العربية الموحدة برئاسة منصور عباس مع الحكومة الإسرائيلية.
تحليل الساحة الإقليمية
تحلل إسرائيل الساحة الإقليمية بناء على مصلحتها واستراتيجيتها الأمنية وعلاقاتها مع الدول في المنطقة، وتوجه هذه الساحة اعتمادا على أهدافها وسياستها الإقليمية وخاصة ما يتعلق بإيران والقضية الفلسطينية.
تعتبر إسرائيل أن ما يميز الساحة الإقليمية هو الصراعات والتقسيم الطائفي، وأن المنطقة متجهة لمزيد من الصراعات، ولكن هذا يشكل فرصة كبيرة لإسرائيل لتعزيز التطبيع والتعاون الإقليمي، معتمدة على اتفاقية التطبيع، وأيضا تضخيم التهديد الإيراني في المنطقة وخاصة لدى دول الخليج، حتى تستطيع إسرائيل أن تستغل هذه التهديدات؛ لتعزيز علاقاتها مع الدول العربية، خاصة أن الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت أقل تدخلا في قضايا المنطقة، وهذا يشكل حيزا حيويا لتحل إسرائيل محلها، وهي تملك القوة العسكرية والاقتصادية والقوى الناعمة (التكنولوجيا)، ومن جهة أخرى دول المنطقة تعاني من الصراعات المسلحة بين الطوائف (تعتبر إسرائيل الصراعات الإقليمية وداخل الدول في المنطقة مذهبية) وتأثير جائحة كورونا على دول المنطقة وأوضاعها الاقتصادية ومشاكل الطاقة المتنامية في العالم.
تعتبر إسرائيل أن دول المنطقة تمر بتغيرات ديناميكية بعلاقتها مع الدول الأخرى، وهذا سينعكس حتما على سياسات وتدخلات إسرائيل الإقليمية، تركيا بدأت باتباع سياسات وبناء علاقات جديدة مع الإمارات وإسرائيل والسعودية والأردن، وتطور علاقاتها مع دول الخليج ومع النظام السوري ودول الخليج تجري مباحثات مع إيران. أما مصر الوكيل والشريك الأمريكي فهي ترغب بتوسيع العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل، ومواصلة لعب دور في قطاع غزة وخاصة الإعمار والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، وتحقيق هدنة طويلة مع حماس، والأردن التي تمر بمشاكل داخلية اقتصادية واجتماعية وخاصة قضية الفتنة، التي اتهم بها الأمير حمزة، كل ذلك أدى إلى حالة من عدم الاستقرار، ومصلحة إسرائيل الحيوية تتطلب وجود حالة استقرار في الأردن، وحل مشكلة المياه مقابل الطاقة وتعزيز التعاون معها.
أولا تعتبر إسرائيل إيران أكبر خطر على وجودها بسبب اقتراب إيران من إنتاج قنبلة نووية، ثانيا تمدد إيران في المنطقة وخاصة غرب العراق وسوريا ولبنان واليمن، الذي تعتبره إسرائيل قوة نارية "بنيران ضخمة ودقيقة" من أكثر من منطقة في حالة نزاع عسكري شامل مع إيران، وخاصة حزب الله الذي يصنع الصواريخ الدقيقة والتي تعتبرها تهديدا كبيرا على وجودها.
استراتيجية إسرائيل تجاه إيران:
-
منع إيران من امتلاك السلاح النووي ومواصلة الضغط العسكري عليها.
-
استمرار التنسيق مع الولايات المتحدة حول احتمال العودة إلى الاتفاق النووي وتحضير خطة عسكرية لمهاجمة إيران في حالة فشل العودة للاتفاق.
-
محاربة التموضع الإيراني في سوريا وغرب العراق بالاتفاق مع روسيا.
-
وقف تصنيع الصواريخ الدقيقة لدى حزب الله والتحضير لعملية عسكرية بالتعاون مع الولايات المتحدة والدول العربية لوقف نفوذ حزب الله في لبنان، ومساعدة الدولة اللبنانية في بناء اقتصادها وتوفير الطاقة اللازمة لها.
-
تقوية تحالف إسرائيل مع دول الخليج عبر الاتفاقية الإبراهيمية، وذلك للضغط على إيران.
لا شك أن التقرير ينظر إلى الأمن الإسرائيلي الأولوية الأولى في علاقاتها مع الدول العربية وإخضاع علاقاتها مع دول المنطقة لمصلحتها السياسية والنظر إليها كمنطقة بحاجة إليها، وخاصة بعد تراجع الدور الأمريكي في المنطقة والذي يوفر فرصة لإسرائيل لاحتلال هذا الفراغ عسكريا واقتصاديا. إسرائيل تهول من الخطر الإيراني، وتجذب دول الخليج إلى مسرحها عبر التعاون الأمني والتكنولوجي والعسكري والاقتصادي، وتسعى لتطوير علاقاتها مع مصر لمساعدتها في غزة وتثبيت التهدئة وحل مشكلة الأسرى الإسرائيليين لدى حماس ووقف تسليح حماس عبر الحدود، أما الأردن التي تعتبر إسرائيل وجوده واستقراره جزءا من وجودها فتسعى إلى أن يلعب دورا متناميا مع السلطة الفلسطينية، وإلى مساعدته للاستقرار عبر مشاريع الطاقة والمياه التي يحتاج إليها.
الاستراتيجية الإسرائيلية في الإقليم
-
التغيرات في المنطقة فرصة استراتيجية لإسرائيل بهدف تعزيز التعاون لتعزيز أمنها واقتصادها وسوف تسعى خلال الفترة القادمة لـ:
-
إنشاء تحالف مع الدول المطبعة والحليفة معها "Middle East Strategic Alliance" لمواجهة المخاطر المشتركة وخاصة إيران والتنظيمات المعادية لها، ولتعزيز سياستها بتهميش القضية الفلسطينية عند العرب، والمتوقع أن يضم التحالف مصر، الأردن، البحرين، الإمارات، المغرب، العراق، والسودان.
-
العمل على مواجهة احتياج العالم للطاقة وخاصة الغاز من الدول المنتجة في المنطقة عبر إنشاء "Gas East Mediterranean Forum".
-
تعميق العلاقات مع مصر والأردن للحفاظ على استقرارهما، وأيضا بهدف تقوية السلطة الفلسطينية وإضعاف حماس.
-
تطوير التعاون الاقتصادي ومواجهة التغيرات في المناخ والعمل على مشاريع البيئة الخضراء لتعزيز علاقات إسرائيل مع دول المنطقة.
-
تحسين التعاون مع تركيا وتطوير التبادل التجاري والتنسيق الأمني والعمل على منع حماس العمل من الأراضي التركية.
توجهات إسرائيل نحو القضية الفلسطينية
في تحليلها للوضع الفلسطيني تنطلق إسرائيل من مفاهيم استعمارية كولونيالية، وفي حقها في الأرض وعدم الاعتراف بالشعب الفلسطيني، والاستفادة من الواقع الفلسطيني والإقليمي لمواصلة مشاريعها الاستيطانية في كل فلسطين التاريخية ما عدا قطاع غزة المحاصر من قبل إسرائيل ومصر.
انتخاب الإدارة الامريكية الجديدة برئاسة بايدن بداية عام 2021 قدم أملا للسلطة الفلسطينية للخلاص من صفقة القرن، وعودة المفاوضات مع إسرائيل ووعود الإدارة الأمريكية لفتح القنصلية الأمريكية في شرق القدس، ولكن بعد عام من انتخاب بايدن لم يحدث أي من التوقعات أو الوعود الأمريكية، وخاصة بقاء السفارة الامريكية في القدس وعدم تحريك المفاوضات، وتجميد فتح القنصلية الأمريكية في شرق القدس، واستمرار إغلاق ممثلية م. ت. ف. في واشنطن، الإدارة الأمريكية الجديدة تسعى إلى تحسين الوضع الاقتصادي لدى السلطة الفلسطينية وهذا يخدم السياسة الإسرائيلية للحفاظ على الوضع الراهن في مناطق السلطة الفلسطينية (لا تقدم ولا ضم) وتحسين الاقتصاد مقابل الهدوء، وفي قطاع غزة الهدوء مقابل الهدوء، والاستمرار بسياسة كسب الوقت دون حل القضية الفلسطينية.
توجهات إسرائيل نحو السلطة الفلسطينية
إسرائيل تعتبر أن وضع السلطة الفلسطينية ضعيف، ولكنه باقٍ مع أن السلطة الفلسطينية تمر بظروف من عدم الاستقرار:
-
كان من المفترض أن تجري الانتخابات الفلسطينية في شهر أيار العام الماضي، وذلك لإنهاء الانقسام الفلسطيني، وأيضا لطمأنة الإدارة الأمريكية الجديدة والأوروبيين أنه سيتم تلبية مطالبهم بتجديد الشرعيات الفلسطينية، ولكن بسبب توقعات الرئيس الفلسطيني من خسارة فتح ألغى الانتخابات بدعوى أن إسرائيل ترفض إجراءها في القدس.
-
أدى مقتل الناشط الفلسطيني نزار بنات من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية إلى تظاهرات واحتجاجات، خاصة لدى الشباب الفلسطيني الذي يعتبر عباس دكتاتورا وأن السلطة وكيل عن الاحتلال.
وبالتالي تسعى إسرائيل إلى استقرار وضع السلطة الفلسطينية من خلال المساعدات الاقتصادية والتنسيق الأمني الذي تعتبره ضمانا لبقاء السلطة الفلسطينية، وخلال السنوات الأخيرة تراجع حجم المساعدات الخارجية للسلطة الفلسطينية، وبالتالي أصبح اعتماد السلطة أكثر على الأموال التي تجبيها إسرائيل من المقاصة.
تعتبر إسرائيل أن الفساد المستشري في أواصل السلطة الفلسطينية، وضعف النظام القضائي بالإضافة إلى التنافس على خلافة عباس، سوف يخلق عدم استقرار أمني واقتصادي، لذلك سوف تتعاون إسرائيل مع مصر والأردن والولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول العربية لمساندة ودعم السلطة الفلسطينية.
لذلك ترى إسرائيل أن لديها مصلحة حيوية في بقاء السلطة الفلسطينية واستمرار العلاقة القائمة على الاتفاقات (أوسلو)، بما فيها الترتيبات الاقتصادية والأمنية، ولهذا يوصي التقرير العمل في أربعة مجالات:
-
ترتيبات انتقالية لمدة 3-5 سنوات بدون اتفاقية مكتوبة، يتم العمل خلالها على تقوية السلطة الفلسطينية كشريك شرعي لإسرائيل، من خلال مساعدتها على بناء هياكلها وأجهزتها حتى تستطيع أن تحكم، وتمكين الأجهزة الأمنية من العمل في مناطق (ب) و (ج)، وإنشاء رصيف مخصص للسلطة الفلسطينية في ميناء أسدود مع مسار للقطارات إلى المعابر(ترقوميا وإيرز)، والمبادرة برزمة من المشاريع بالتعاون مع الدول العربية في مجال الطاقة والبيئة والمياه والمناخ، ومن الممكن مراجعة بروتوكول باريس الاقتصادي.
-
مباشرة العمل بخطة الانفصال عن الفلسطينيين دون اتفاق، من خلال عدم البناء خارج المستوطنات والكتل الاستيطانية الاستراتيجية، وتوسيع منطقة نفوذ السلطة حتى تستطيع أن تسيطر على 90% من الفلسطينيين.
-
الحفاظ على كل مفاتيح الأمن بأيدي جيش الاحتلال من حدود الضفة الغربية حتى نهر الأردن، وتطوير التعاون مع الأجهزة الأمنية لمحاربة الإرهاب.
-
ستعمل دولة إسرائيل على تشجيع دول الخليج على مساعدة السلطة الفلسطينية، وخاصة إمكانية دمجها في المشاريع الإقليمية.
توجهات إسرائيل نحو حماس وقطاع غزة
حققت حماس إنجازا بصفتها حامي المسجد الأقصى، والتي تقف مع الفلسطينيين مما أدى إلى مواجهة مسلحة بين المقاومة الفلسطينية في غزة، وبين إسرائيل خلال شهر أيار الماضي وهذا ساهم بشكل كبير في إضعاف السلطة الفلسطينية، وإلى التفاف الشارع الفلسطيني حول المقاومة.
إسرائيل ستواصل سياساتها الأمنية والاقتصادية تجاه قطاع غزة ضمن الثوابت التالية:
-
تسهيل نقل البضائع إلى غزة.
-
السماح لـ 10,000 عامل (سيتم رفعها تدريجيا إلى 30,000 عامل) فلسطيني من غزة للعمل في إسرائيل، مع العلم أنه لن يكون له تأثير على الوضع الاقتصادي المتردي في قطاع غزة، ولكن لأهميته الأمنية لدى إسرائيل.
-
استمرار إدخال الأموال القطرية، ودفع رواتب موظفي حماس (حيث كشف رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة محمد العمادي أن قطر ستقدم منحة مالية إلى غزة هذا العام بقيمة 360 مليون دولار).
-
الاستعداد لعملية عسكرية في غزة لإنهاء حكم حماس.
-
السماح لمصر بوضع خطة لإعمار غزة بالتنسيق مع إسرائيل والإدارة الأمريكية، وهذا النشاط إعلامي وليس حقيقيا لأنه مربوط بشروط إسرائيل:
-
وقف تسليح حماس وبناء قدراتها القتالية.
-
عودة الأسرى الإسرائيليين.
القدس
الملفت للنظر وضع فقرة خاصة عن الوضع في القدس، وبرأي أن نضال وصمود وهبات المقدسيين المتتالية، وخاصة هبة أيار الماضية، وضعت صانعي القرار في إسرائيل أمام الالتفات بشكل مختلف لوضع القدس، وهكذا رسمت القدس وضعا لها لا يمكن تجاوزه دون الأخذ بعين الاعتبار موقف السكان مما يحدث في المدينة.
إسرائيل لن تتراجع عن مشروعها الكولونيالي في تهويد مدينة القدس، وهي تضع كل قوتها ومؤسساتها وميزانياتها لتغيير هوية القدس السياسية والتاريخية والدينية والثقافية، وحتى تسهل عمل مخططاتها تطبق الأبرتهايد في القدس، بالإضافة إلى الهيمنة والقمع ضد المقدسيين والتطهير العرقي.
توجهات إسرائيل الاستراتيجية خلال العام الحالي في القدس
-
الاستمرار في مشاريعها الاستعمارية المختلفة في مدينة القدس وخاصة مشروع البنية التحتية لمحو الخط الأخضر، وتهويد محيط البلدة القديمة وتوسيع المستوطنات المقامة وإقامة مستوطنات جديدة.
-
تأجيل البناء في منطقة E1 ومنطقة عطاروت (مطار القدس).
-
معارضة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية.
-
الحفاظ على الوضع الراهن في المسجد الأقصى وإنشاء لجنة استشارية عربية إسلامية بقيادة الأردن.
-
منطقة الشيخ جراح وسلوان، يوصي التقرير بإيجاد حلول لبقاء السكان في منازلهم.
النتائج والتوصيات
لقد تراجعت القضية الفلسطينية منذ توقيع اتفاق أوسلو، وهذا التراجع أدى إلى ضعف فصائل المقاومة الفلسطينية، وفيما بعد أدى إلى الانقسام بين فتح حماس ووجود سلطتين فلسطينيتين، لقد نتج عن هذا التدهور السياسي والوطني تراجع القضية الفلسطينية على كل المستويات، وأدى إلى تشرذم الشعب الفلسطيني وتوسع الخلافات، وبالتالي تهميش منظمة التحرير الفلسطينية، وتفريغ محتوى مؤسساتها التمثيلية والنضالية.
أثناء فترة حكم نتنياهو وترامب، استطاعت إسرائيل الحصول على اعتراف أمريكي بأن القدس عاصمة دولة الاحتلال، وإسرائيل دولة للشعب اليهودي، ونقلت أمريكا سفارتها من تل أبيب إلى القدس، وأعلنت عن نواياها فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية من خلال ما سمي صفقة القرن، التي نصت أن فلسطين وطن الشعب اليهودي. والفلسطينيين سيعيشون في جزر منفصلة متقطعة الأطراف تحت السيطرة العسكرية الصهيونية، وأبقت دور السلطة في التنسيق الأمني والحفاظ على الاستقرار في مناطقها.
إسرائيل مستمرة في سياسة كسب الوقت دون اتخاذ قرارات استراتيجية حاسمة فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني، ويبدو أن احتلالها ما زال غير مكلف، وتدير الصراع وفق تقسيماتها التي فرضتها على الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة 1948، قطاع غزة، الضفة الغربية والقدس، وعزلت الفلسطينيين الموجودين في الخارج، والذين أغلبهم لاجئون عن التأثير في المسار السياسي للقضية الفلسطينية.
نتنياهو نجح في فرض سياسة أن العلاقة مع الدول العربية ليست بالضرورة بعد حل المشكلة الفلسطينية، ولكن من خلال التعاون الإقليمي والاقتصادي مقابل السلام، وهذه الجهود أثمرت في التطبيع مع الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، بالإضافة إلى مصر والأردن، وهذا التطور حصل بعد أن قبلت الدول العربية بفكرة الصهيونية وبحقها في الوجود، وصولا إلى تطوير العلاقة إلى تحالف عسكري ضد إيران، وأدت إلى تهميش القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية في المنطقة إلى قضية اقتصادية وإنسانية وأمنية.
الوضع في الإقليم انتقل إلى مرحلة تاريخية جديدة تتميز بتراجع الدور الأمريكي في المنطقة، استمرار الصراعات الداخلية والمذهبية، وأيضا العالم يشهد العودة إلى الصراعات القديمة في أوروبا، مما سيؤدي إلى تغيير في النظام العالمي المبني على الهيمنة الأمريكية، إسرائيل سوف تحتل الساحة الفارغة في المنطقة؛ لتلعب دور الشرطي المدافع عن الدول العربية أمام العدو المفترض إيران.
التوصيات الاستراتيجية
-
أهمية التمسك بالرواية الفلسطينية التاريخية، وذلك حتى يستطيع الشعب الفلسطيني النهوض بقضيته ومؤسساته التمثيلية.
-
توحيد الهوية الفلسطينية في أماكن تواجد الشعب الفلسطيني لأنها طوق النجاة في بقاء الشعب الفلسطيني كشعب يتطلع للتحرر وتقرير المصير وعودة اللاجئين.
-
ضرورة استمرار المقاومة الفلسطينية والصمود والمواجهة للحفاظ على حيوية القضية الفلسطينية ومنع تغريب الوعي والأسرلة والتطبيع.
-
العمل على توحيد العمل الفلسطيني بعكس التمزق الحاصل في وجود سلطة لم يبق أمامها سوى التنسيق الأمني، ومأسسة المقاومة في غزة للحفاظ على سلطة محاصرة، ودخول الأحزاب العربية الكنيست الصهيوني ودخول حزب فلسطيني في الائتلاف الحكومي، والقبول بهوية جديد لدى بعض الفلسطينيين خاصة في الأردن، كل ذلك يشكل تهديدا لوجود الشعب الفلسطيني.
-
التواصل والعمل مع الشعوب العربية التي ما زالت ترفض التطبيع مع الاحتلال وخاصة من خلال الجاليات الفلسطينية الموجودة عندها.
-
العديد من الشعوب الأوروبية والدولية مؤيدة ومساندة للقضية الفلسطينية لذلك من الضروري العمل معها لدعم القضية الفلسطينية والعمل معها على اعتبار أن الصهيونية شكل من أشكال العنصرية (الأبرتهايد)، وبالتالي ضرورة عزلها وعقابها ومقاطعتها.
-
معركتنا في القدس بقاء وصمود.