رام الله - خاص قدس الإخبارية: على غرار نتائج المرحلة الأولى للانتخابات المحلية في ديسمبر\كانون الأول ٢٠٢١، تصدرت القوائم المستقلة بنسبة 64.4%، بينما حازت القوائم الحزبية على 35% من مجمل القوائم الفائزة، في المرحلة الثانية من الانتخابات المنعقدة في 50 هيئة محلية في الضفة المحتلة، يوم السبت 26 مارس\ آذار 2022، وبمشاركة 53% من أصحاب الحق بالاقتراع.
ومرةً أخرى، أكدت المرحلة الثانية على صعودٍ واضح في القوائم المستقلة، وشهدت تحالفَ الحركة الإسلامية حماس مع اليسار الفلسطيني المترشحين جميعًا في قوائم مستقلة، فضلًا عن ترشح حركة فتح في قوائم متعددة داخل الهيئة الواحدة، وفي ظل هذه المعطيات، أصبح من الجدير السؤال: كيف يمكن أن نفهم نتائج هذه الانتخابات؟
بين مرحلتين..
الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي يرى أن حركة فتح من خلال إدارتها للسلطة الفلسطينية سعت إلى هندسة الانتخابات المحلية، بواسطة مجموعة من الإجراءات والأدوات، تتمثل في تقسيم الانتخابات إلى مرحلتين، المرحلة الأولى الهيئات والقرى الصغيرة، والمرحلة الثانية المدن الكبيرة.
ويوضح عرابي، في حديثه لـ "شبكة قدس"، بأن الحركة بذلك أرادت أن "تقيس نبض الشارع الفلسطيني من خلال البلدات الصغيرة في المرحلة الأولى وتأخذ صورة الفائز فيها، باعتبار أن اللعب على وتر العائلية والعشائرية أسهل في البلدات الصغيرة، وبأن فتح لها حضور تاريخي فيها."
وحول فهمنا لنتائج الانتخابات، يقرأ عرابي في نتائجها مؤشرًا للشارع الفلسطيني بأنه يرغب بالتغيير، وأنه يسجل موقفًا سلبيًا واضحًا تجاه قيادة السلطة الفلسطينية وقيادة حركة فتح الحالية، ووجود قوائم شبابية ومستقلين وقوائم تدعمها حماس أو الجبهة الشعبية يوحي بأن الحيوية السياسية ما زالت موجودة.
وبينما تشير الأرقام إلى عزوف ما يقارب نصف الفلسطينيين أصحاب الحق في الاقتراع عن المشاركة في الانتخابات، يعزي عرابي ذلك إلى تجريف الحياة السياسية خلال الفترة الماضية، الشعب الفلسطيني فقد الثقة في الانتخابات بعد الانقلاب على نتائجها عام 2006 والتي أفضت إلى الانقسام، كما أن الفلسطينيين مدركين بأن المجالس المحلية قد تتعرض لنوع من الضغوط أو مرتبط بشكلٍ أو بآخر بالمنظومة السياسية القائمة، وأن التغيير يجب أن يكون في سياقات أعمق ضمن النظام القائم.
تقدم القوائم المدعومة من حماس
" من الناحية الرسمية، فإن حركة حماس لم تشارك في هذه الانتخابات، وإنما شاركت من خلال عناصر وكوادر للحركة وليس في كل المناطق مثل جنين، التي لا يوجد فيها قائمة من أبناء حركة حماس أو مدعومة منها، بمعنى أن حماس لم تُلقِ بثقلها خلف هذه الانتخابات"، يوضح عرابي.
ويستدرك الكاتب والمحلل السياسي: "على الرغم من ذلك، تمكنت حركة حماس من أن تتفوق على حركة فتح من خلال عناصرها وكوادرها ومن خلال القوائم المتحالفة التي دعمتها الحركة، وهذا لا شك أن له دلالات سياسية كبيرة."
بدوره، يرى أستاذ علم الاجتماع في جامعة بيرزيت بدر الأعرج في حديثه لـ "شبكة قدس" أن فوز حركة حماس في بعض الهيئات المحلية أمرٌ متوقع، فالحركة جماهيرية كبيرة ولها وجود واسع في الضفة المحتلة، حتى لو لم تشارك رسميًا، مشيرًا إلى أن نتائج الانتخابات تؤكد على وجود التفاف لدى قطاع واسع من الجمهور الفلسطيني حول حماس، خاصًا بعد المواجهة البطولية في شهر مايو\أيار الماضي، والتي ساهمت برفع شعبية الحركة أو الحفاظ عليها.
الشعبية وحماس حليفتان
سجلت بعض الهيئات المحلية، تحالفًا لمنتميي حركة حماس والجبهة الشعبية داخل القوائم المستقلة، وهو بحسب الأعرج، تعبيرٌ واضحٌ عن حالة رفض هذه القوى للواقع الموجود في الضفة الغربية، وسعيهم بتغيير موازين القوى على الأقل في الصعيد المحلي.
من جانبه، يُرجع الباحث والمحلل السياسي جهاد حرب تحالف القوتين، كوادر ومؤيدين، إلى أنهما وجدتا نفسهما في معارضة النظام السياسي الفلسطيني الذي تقوده حركة فتح، ورفض وجود هيمنة لأعضاء الحزب الحاكم في جميع الهيئات المحلية.
ويتابع حرب حديثه لـ "شبكة قدس": "التحالف موضعي وفقًا للظروف الحالية، ولطبيعة كل منطقة أو دائرة على حدا، ولا اعتقد أن التحالف سياسي استراتيجي، إذ توجد خلافات فكرية وسياسية وفي الرؤية لطبيعة المجتمع الفلسطيني، مع الإشارة إلى أن التحالف جرى في بعض الهيئات وليس جميعها، تبعًا لإمكانية التحالف من عدمه."
مرة أخرى ... المستقلون إلى الصدارة
ينوّه حرب إلى أن حركة حماس لم تنزل بشكل رسمي في الانتخابات، وأن حركة فتح سمحت لكوادرها بالترشح والتنافس بينها في العديد من المواقع، حتى وصل الأمر لترشحها في بعض المناطق بقائمتين أو ثلاثة مثل سلفيت والعيزرية، وهذا يعني أن المقربين من حركة حماس وفتح أو كوادرهما ترشحوا بقوائم مستقلة.
وعن صعود القوائم المستقلة، يلفتُ حرب إلى رغبة كبيرة لدى الفلسطينيين في ممارسة العملية الديموقراطية والوصول إلى السلطة حتى لو على مستوى الهيئات المحلية، فضلًا بأن العائلات أيضًا في المجالس المحلية الصغيرة، لها دور كبير سواء على المستوى المجتمعي أو التاريخي، ما خلق المجال للتوسع في عدد القوائم مثل بيت لحم ورام الله والبيرة وغيرها.
في الوقت ذاته، يرى الباحث السياسي عدم وجود منافسة حقيقة في الانتخابات، موضحًا، "لا يوجد قرار من حركة حماس بالتنافس بشكل رسمي في الانتخابات، أي أنه لا يوجد منافسة بين أكبر حزبين في الساحة الفلسطينية في الانتخابات."