رام الله - متابعة قدس الإخبارية: أصدر الرئيس محمود عباس، الأربعاء 26 يناير 2022، سلسلة قرارات بقوانين تناولت تعديل القوانين الإجرائية أمام القضاء الفلسطيني حيث سيتم إدخالها حيز التنفيذ بعد أن يتم نشره في الجريدة الرسمية.
وتناولت التعديلات، القوانين الإجرائية أمام القضاء الفلسطيني، وشملت تعديل قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية، وقانون الإجراءات الجزائية، وقانون البينات في المواد المدنية والتجارية، وقرار بقانون تشكيل المحاكم النظامية.
وحذر مختصون في الشأن القانوني من خطورة التعديلات الأخيرة المتعلقة بأحكام الإجراءات الجزائية كونها تخالف أبسط ضمانات المحاكمة العادلة تحت إدعاء تسريع إجراءات المحاكمة دون توفير الحقوق الأساسية التي تحكم عملية التقاضي.
في السياق، قال القاضي السابق والمحامي أحمد الأشقر إن تعديل أحكام القوانين الإجرائية يخالف أبسط ضمانات المحاكمة العادلة، وتستهدف القشور دون الجوهر.
وأضاف الأشقر معلقا على التعديلات: "التعديلات تنم عن عجز ذهني في فهم الواقع القضائي وربطه بالإمكانات، وتعبر عن خلل في إدراك معنى القانون والمبادئ الأساسية التي تحكم عملية التقاضي".
وأشار القاضي السابق إلى أن التعديلات تضمنت ركاكة اللغة، وضعف الصياغة، وصفاقة التعبير، وسوء التدبير، وعشوائية النصوص، وضحالة التفكّر والتفكير.
أما الباحث في الشأن القانوني عمار جاموس فرأى أن ما جرى هو تخريب لقانون آخر لكن هذه المرة القانون يمس جوهر حقوق إنسان وليس مجرد قانون إجرائي.
وقال جاموس إن قرار الرئيس عباس نص على تعديل قانون الإجراءات الجزائية رقم ٣ لسنة ٢٠٠١، حيث بموجب التعديلات الجديدة، ينتهي عهد قانون فلسطيني "محترم" صادر منذ أكثر من ٢٠ عاماً عن مجلس تشريعي منتخب، وذلك بعد التخريب الذي حصل في قانون السلطة القضائية وقانون تشكيل المحاكم النظامية منذ حوالي سنة.
وأضاف: "بادعاء بتسريع إجراءات التقاضي، يصدر قرار بقانون لتعديل قانون الإجراءات، يتم فيه إلغاء الضمانات المقررة للناس في مواجهة السلطات العامة، وعلى الرغم من أن تلك الضمانات لم تكن تحترم كثيراً في الواقع، إلا أن النيل منها الآن يتم بموجب قانون الذي هو في الأصل تعبير عن إرادة الناس ولمصلحتهم "من الشعب وإلى الشعب".
ولفت الباحث جاموس إلى أن التوقيف بموجب التعديلات الجديدة تصبح الأصل وليس الاستثناء وهذا يتنكر للأصل في الإنسان البراءة "المتهم بريء حتى تثبت إدانته" -حق دستوري وطبيعي لجميع البشر في جميع الحضارات الإنسانية. مساءلة الموظفين ومحاكمتهم عن الجرائم التي يرتكبونها مرهونة بأذونات من النيابة العامة "يعني بقرارات سياسية".
وأردف قائلاً: "مبدأ شفوية المحاكمة انتهى، وأصبحت الاستئنافات تنظر تدقيقاً وليس مرافعة، وهناك مشكلة أخرى في مناقشة شهود الإدانة، وإدانة متهم بناءً على أقوال متهم آخر، وفي الطعن بالنقض في الجنح، وغير ذلك من المصائب، يعني باختصار القانون الجديد يؤسس نظرية جديدة لم ندرسها في كليات الحقوق، ولكنها واضحة في إضعافها الناس وتقوية السلطة".
واستطرد قائلاً: "لا أعرف الأسس العلمية التي استند إليها علي مهنا/المستشار القانوني للرئيس في كتابته أو موافقته على ما كتب في القانون الجديد، فهو لا يحقق سرعة إجراءات التقاضي بل يهدم ضمانات المحاكمة العادلة. وفي جميع الأحوال، ما حدث لا يعدو في أقل صوره عن تخريب لقانون صالح، وهو نفس التساؤل الذي كان يمكن طرحه عندما تم العبث في قانون السلطة القضائية قبل نحو عام، ربما هو النسخ من القوانين الأردنية أو المصرية مع أن القوانين الفلسطينية التي أصدرها المجلس التشريعي الأول لا سيما في فترة الإصلاح (٢٠٠٢ -٢٠٠٥)، تتفوق بكثير على ما عداها من القوانين العربية ذات العلاقة".
ونوه إلى أن سرعة إجراءات التقاضي لن تتحقق إلا باحترام القانون من الجميع، واحترام أحكام وقرارات وأوامر المحاكم من الجميع بمن فيهم عناصر الأجهزة الأمنية، وزيادة عدد القضاة وموظفي المحكمة، ورصد الموازنات الكافية للمحاكم على غرار موازنة الأمن.