رام الله المحتلة – خاص قدس الإخبارية: شرعت شركة الكهرباء الإسرائيلية في قطع التيار الكهربائي عن مناطق في الضفة الغربية المحتلة، بدءًا من اليوم الأربعاء الماضي لمدة 4 ساعات يوميا، بسبب وجود ديون متراكمة على شركة كهرباء القدس.
وأعاد هذا القرار الإسرائيلي الأنظار للأزمة التي تعاني منها الضفة المحتلة منذ سنوات في ضوء الأزمة المالية التي تمر بها السلطة الفلسطينية، إذ تكررت هذه المشكلة عدة مرات خلال السنوات الأخيرة وسط قرارات ووعود كانت أبرزها لرئيس الحكومة محمد اشتية بالانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال.
في نهاية العام الماضي، أكد اشتية أن حكومته ماضية في استراتيجية الانفكاك عن الاحتلال، وقطاع الكهرباء جزء أساسي من هذا الانفكاك، موضحًا: "لا يعقل أن تكون هناك أكثر من 114 جهة تزود الأراضي الفلسطينية بالكهرباء، ولمنع هذه الشرذمة والتشتت، لا بد من تأسيس شركة كهرباء واحدة لكل فلسطين".
ورغم التصريحات الرسمية إلا أن السلطة لم تنفك عمليًا، عن الاحتلال الإسرائيلي وبقي الاعتماد قائمًا في كثير من المجالات بما في ذلك الكهرباء الذي يشكل عصبا أساسيا للحياة اليومية للفلسطينيين.
في الوقت ذاته، ومع حديث اشتية عن الانفكاك الاقتصادي، زاد الاعتماد على الاحتلال في مجال توريد الكهرباء بنسبة وصلت إلى 94% بحسب تقرير رسمي صادر عن مجلس تنظيم الكهرباء، بعدما كان الاعتماد على الاحتلال خلال السنوات السابقة لا يتجاوز 88% من مجمل الاستهلاك.
في السياق، يقول أستاذ علم الاقتصاد نصر عبد الكريم إن التوقعات كانت متفائلة، وكان من المفترض إعطاء الحكومة نفسها فترة زمنية أطول لتخفف الانفكاك وتدريجيًا.
ويعتقد عبد الكريم في حديثه لـ "شبكة قدس":، أن استهداف التقليل من الاعتماد على الكهرباء الإسرائيلية عبر الاعتماد على الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ومن خلال مشاريع توليد الكهرباء هو أمر مشروع، متسائلا: "لكن السؤال هل كان بالإمكان فعلا تقليل الاعتماد؟".
ويضيف: "أستطيع القول إن الخطة الموضوعة خطة طموحة، لكنها ليست واقعية، لأنك إذا أردت أن تخفف وتتخلص من الاعتماد، فعليك الحصول على طاقة شمسية تحل مشاكل جزئية، بمعنى تلبي طلب بمنطقة جغرافية ما، لكن لا تحل المشكلة بالكامل في ظل تزايد الطلب على الكهرباء تزامنا مع النمو السكاني ونمو المشاريع الاقتصادية والصناعية".
ويشير إلى أن "الاحتلال لن يسمح لنا بالانفكاك عنه اقتصاديًا لأنه يعتقد أنه إذا سمح بذلك، ما يعني أنك ستمتلك جزءًا من قراراتك وبالتالي كأنها تمنحك السيادة وإسرائيل لا يمكن أن تمنحك سيادة".
ويستكمل: "هي تسهل حياتك من خلال مشاريع السلام الاقتصادي، لكنها لن تسمح لك ألا تعتمد عليها في قضايا حيوية مثل الكهرباء، أو تسمح بأن يتطور الاقتصاد الفلسطيني بشكل يبدأ الاستغناء عن العمل في داخل الكيان، وطالما أن إسرائيل لديها أجندة جيوسياسية، فهي تريد فرض شروط تسوية سياسية على الفلسطينيين من البوابة السياسية لأن العلاقات الاقتصادية تقوم بتوظيفها سياسيًا".
في موازاة ذلك، يقول مدير الدائرة الفنية في شركة الكهرباء - فرع رام الله والبيرة المهندس ثائر جرادات، "إنه لا جديد في موضوع أزمة الكهرباء، فنحن نعمل بطريقة وثيقة مع الحكومة ومع الرئاسة لحل الأزمة لكن الوضع القائم حتى الآن لا يوجد تغيير، والمحطة القُطرية الآن تتذرع بالديون".
وحول خطة تخفيف الاعتماد على الاحتلال في مجال الطاقة، يضيف جرادات لـ "شبكة قدس": "استثمرت شركة الكهرباء كثيرًا في موضوع الطاقة المتجددة، وقدمت تسهيلات لمن يريد استخدام وتركيب الطاقة المتجددة، إضافة إلى ذلك، ساعدتنا الحكومة من خلال التشريعات والإعفاء الضريبي للمؤسسات التي تركب طاقة بديلة".
ويردف قائلاً: "لا نستطيع القول إن الطاقة المتجددة هي مفتاح النجاة، لكنها تساعد في محاولتنا الاستقلال عن الاحتلال في الحصول على الكهرباء".
بدوره، يقول الخبير الاقتصادي والأكاديمي نائل موسى، إن إجمالي الـ 500 ميغا واط التي يتم الحديث عنها، تعادل أقل من 30% من الاستهلاك الفلسطيني، إذ بحلول عام 2030 سيكون هناك نمو في معدل الاستهلاك لتصبح هناك حاجة لنحو 1800 أو 1900 واط.
ويضيف موسى لـ "شبكة قدس":: "جميع ما نأخذه من الطاقة الشمسية سيتراوح ما بين 17% إلى 30%، إلا أن أساليب الطاقة الأخرى غير متاحة عندنا، وبالتالي فإن الانفكاك أو الانسلاخ يجب أن يفهم في سياقه الصحيح ولا يوجد دولة في العالم تعيش ضمن إطار الاكتفاء الذاتي".
وشدد الخبير الاقتصادي على وجوب أن يكون هناك تنويع في مصادر الطاقة وألا تكون العلاقة مع الاحتلال قائمة على سياق الاعتماد عليهم فقط، مردفاً: "الانفكاك الذي تحدث به اشتية فُهم في غير سياقه".
وبحسب موسى فإنه من الممكن تنويع مصادر الطاقة عبر اللجوء إلى الأردن أو مصر، بالإضافة على المصادر البديلة وهو الأمر الذي من شأنه تحقيق الانفكاك بمفهومه المقصود، بالإضافة إلى إتاحة الفرصة أمام المستثمرين".