إنه ليس بحائط الفيس بوك أو تويتر , إنه حائط سبق تلك الحوائط في التعبير عن ما يسكنه من صور وشعارات الشجن والفرح والذكريات التي تدون على تلك الجدران , جدران لطالما رطبت منشورتها بدموع الفراق على شهدائها وتزينت بدماء الأبطال, إنه حائط مخيمنا العتيد , به 140 حرف قل أو زاد من العبارات ستبقى منقوشة فيها إلى الأبد وفية لأصحابها .
هو نفسه الحائط ما زال يفتح صدره كل صباح ليروي حكاية من عاش خلفه وعانقه ليلاً , قد تكون حكاية شقيق سرت مخيلته شوقاً لرؤية أخيه الأسير في سجون الإحتلال الإسرائيلي , أو حكاية أم مازال الحائط يرتعش مع قلبها , ينبض بقوة وبسرعة لا يأبى السكوت قلقاً على ولدها المرابط على الثغور مع كل طلقة رصاص عابرة تسمع أو قصف غادر مفجع فداءاً للوطن , لا يهدأ ذلك القلب إلا إذا همس باب ذلك الحائط بعودة ولدها سالماً.

يا شهــــيد, ها قد بدأ حائط الذكريات ينكز خاطري , دوي إنفجار صدح, قلبي يرتجف بلا سبب, ها قد بدأت أشتم رائحة البارود , ها هو بدأ يعلو صوت المكبرين في أذني , البنادق خرجت تهتف “لقد عرفنا السبب” , إني أرى حديث تلك الأمنية , أمنية العرس الكبير, إنـــي الآن أراك شهـــــيد.
يا صديق , لقد خرج الكثير الكثير في المخيم ,نعم كان الزفاف كبير بما لا تتوقعه يا شهيد , الحقيقة كانت أكبر من تلك الأمنية, من شدتها لقد كنت الغريب وأنا الصديق ,أحاول أن أغتنم الفرصة لمصاحبتك أقاتل أزاحم كي أوفي بعهد الأخوة في حياتك ورحيلك , ألم أقل لك يا حبيب أن الحلوى وزعت؟ , إذن لن يفي الكلام هنا على هذا الحائط, المساء لقاؤنا وأقص عليك بقية الحديث, وداعاً يا شهيـــد.
إلى روح الشهيد في الذكرى الأولى لإستشهاده “محمد يحيى المغاري”