في هذا العدد من صحيفة فتح الناطقة باسم اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية الإعلان الرسمي عن استشهاد القائد البطل أبو علي إياد، وذلك بعد شهر من استشهاده، في 12/7/1971 وقد يكون ذلك بسبب ضراوة القتال في معارك الأحراش وانقطاع وسائل التواصل مع من تواجد من الفدائيين في المعركة، فيما كانت الصحيفة تصدر من دمشق
رفض أبو علي إياد الخروج من الأردن بالرغم من عدة وساطات أردنية - فلسطينية رسمية، وبقي ملتزماً بما التزم به من بقاء العمل الفدائي بعيداً عن أي تجمعات سكانية، وكان يرى من خروج المقاومة الفلسطينية من الأردن هو بداية وأد تلك المقاومة، وهو ما تم فعلاً، إذ أنّ عرابي التنازلات كانوا أول من وصلوا دمشق وبيروت.
من هو أبو علي إياد؟
وليد أحمد نمر نصر الحسن شريم، من مواليد مدينة قلقيلية في 12 / 1 /1935، درس في مدارس قلقيلية، وفي العام 1954 ذهب للعراق وتلقى دورةً لإعداد المعلمين، ومن ثم عمل مدرساً في بلاد الحرمين، حتى عام 1962، وهو عام انتصار الثورة الجزائرية، فانتقل الشهيد للجزائر وعمل ضمن فريق تعريب وإعداد المناهج الدراسية، وكان الشهيد من أوائل من ذهبوا لسورية، بعد الإعلان عن انطلاقة حركة فتح في 1965، وبدأ مباشرةً في العمل الفدائي، ونفذ وشارك في عدة عمليات، منها عملية مستوطنة (بيت يوسف) بالقرب من بيسان، في عام 1966، كما عمل مدرباً عسكرياً في معسكر الهامة للثورة الفلسطينية، بالقرب من دمشق.
بعد نكسة حزيران 1967، بدأ أبو علي إياد بعمله العسكري منطلقاً من منطقة الجولان، وجنوب سوريا، إذ قام هناك قواعد متقدمة للفدائيين، لكي يتمكنوا من ضرب العدو الصهيوني في شمال فلسطين، وبحسب مادة بحثية حللت خلالها مضمون صحيفة فتح، واليوميات الفلسطينية بين عامي 1968 و1970، كانت الجبهة الشمالية من أكثر الجبهات ضراوةً وتميزت بوجود عدة عمليات نوعية فيها، وكانت مفتوحةً مع منطقة شمال الأردن، التي ضمت قواعد الشيوخ أيضاً.
بعد تصاعد حدة التوتر في شمال الأردن، بين المقاومة الفلسطينية والجيش الأردني، بعد 6 أشهر تقريباً من اتفاق القاهرة، والذي نص على تنظيم تواجد قواعد الفدائيين في الأردن، قررت قيادة فتح إرسال أبو علي إياد كقائد عسكري ميداني، كونه غير معروفاً في تلك المناطق، لتخفيف حدة التوتر، وعمل خلال ال 3 أشهر التي سبقت استشهاده على إعادة الحياة للجبهة الشمالية، وبالفعل دبت الحياة فيها من جديد، وبعد عدة عمليات موجعة، تصاعد القصف الصهيوني لأحراش جرش وعجلون، وما فيها من بلدات، وهنا طلبت قيادة الجيش الأردني من أبو علي إياد، الانسحاب من المنطقة، وكان رد أبو علي إياد: "اعتبروننا بشكل رسمي غير مرغوب بنا، وافتحوا لنا طريقاً لدخول الأرض المحتلة عبر الأغوار، وأنا موافق على كل ما تقدمتم به".
للأسف الشديد ومع بداية تموز 1971 بدأت عملية عسكرية منظمة قوية لتصفية وجود المقاومة الفلسطينية في منطقة الأحراش، وهنا ولآخر لحظة كان أبو علي إياد، مؤكداً على بوصلته نحو الاحتلال الصهيوني، وجعل من ملحمة استشهاده كربلاء جديدة، وكانت آخر كلماته عبر إشارة اللاسلكي: "نموت واقفين وما بنركع".