الضفة المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: بعد تصاعد الاعتقالات السياسية في الضفة المحتلة، مؤخراً، يعود قانون "إثارة النعرات الطائفية" إلى حديث الإعلام وفي الواجهة مجدداً، بعد سنوات من مطالبة المؤسسات الحقوقية والفصائل وقف العمل به.
يؤكد الحقوقيون أن القانون يشكل أداة في يد الأجهزة الأمنية، لملاحقة النشطاء وأصحاب الرأي في الضفة المحتلة ومحاكمتهم والتضييق عليهم، نظراً لأن الدستور يمنع ملاحقة عناصر الأحزاب أو منع حرية الرأي والتعبير.
المختص في الشؤون القانونية، ماجد العاروري، أوضح أن قانون إثارة النعرات الطائفية يجري العمل به منذ العهد الأردني، وتم إقراره ضمن قانون العقوبات لسنة 1960، حيث ينص على أن "كل كتابة وكل خطاب أو عمل يقصد منه أو ينتج عنه إثارة النعرات المذهبية أو العنصرية أو الحضّ على النزاع بين الطوائف ومختلف عناصر الأمة يعاقب عليه بالحبس مدة ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، وبغرامة لا تزيد على خمسين دينارًا".
وأكد العاروري أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية استعملت القانون، خلال السنوات الماضية، بشكل مبالغ فيه في ملاحقة النشطاء والصحفيين وأصحاب الرأي.
من جانبه، يقول المحامي مهند كراجة من مجموعة "محامون من أجل العدالة"، إن السلطة اعتادت استخدام القانون في محاسبة النشطاء، بمجموعة تهم عرفت "بالتهم السياسية"، وجرى مناقشتها قبل إصدار مرسوم الحريات، وهي "إثارة النعرات الطائفية"، و"نقل الأموال"، و"الانتماء لميلشيات"، و"قانون جرائم الإلكترونية".
وأضاف أن السلطة تضمن قانون "إثارة النعرات"، ضمن لوائح الاتهام للمعتقلين السياسيين، كما أن قانون الجرائم الالكترونية تضمن بنوداً من قانون إثارة النعرات، ليصبح المعتقل يحاكم بناء على قانونين.
وأشار إلى أن من بين الشخصيات التي تعرضت للمحاكمة بناءً على القانون، أستاذ العلوم السياسية الراحل عبد الستار قاسم، الذي بقي يحاكم لسنوات، قبل أن تصدر محاكم الدرجة الأولى والاستئناف والنقض، قررت أنه بريء، وقالت محكمة الدرجة الأولى إنه "لا يمت للواقع أن يكون هناك تهمة إثارة النعرات الطائفية".
وكانت مجموعة "محامون من أجل العدالة"، قالت إن الأجهزة الأمنية الفلسطينية اعتقلت 7 نشطاء خلال الأيام الماضية، بعد المسيرات والفعاليات التي شهدتها الضفة المحتلة، تزامناً مع العدوان على غزة والمواجهات في القدس والداخل.
ومن بين المعتقلين في الحملة الأخيرة، الناشط طارق خضيري الذي أكدت عائلته أن النيابة مددت اعتقاله بناء على تهمتي "الذم الواقع على السلطة" و"إثارة النعرات الطائفية"، وهي التي تستخدمها السلطة عادة للتغطية على اعتقال النشطاء.
وقال كراجة إن المعتقلين في الحملة الحالية الذين تابعت قضاياهم "محامون من أجل العدالة"، كلهم تم التحقيق معهم على كتاباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي.
وأشار إلى أن الفصائل ناقشت هذه القضايا بهدف وقف ملاحقة النشطاء بناءً على هذه التهم، قبل إصدار مرسوم الحريات، وقال: الأجهزة الأمنية تعتقل طلاباً على خلفية نشاطهم النقابي ويتم محاكمتهم بناء على قانون "إثارة النعرات"، لذلك يشكل الغطاء لها لاستمرار توقيف النشطاء، لأن القانون يسمح بالنشاط السياسي، لذلك فهو قانون "تهمة من لا تهمة له".
وأكد أن الاعتقالات فيها مخالفة لضمان المحاكمة العادلة، والاتفاقيات التي أصبحت السلطة طرفاً فيها، وللقانون الأساسي، وللواقع أصلاً لأن التحقيق يتم بناء على المشاركة في الفعاليات والكتابات على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، وكلها من المفترض مصونة في حرية الرأي والتعبير، لذلك يلجأوا لهذه التهم من بينها "إثارة النعرات الطائفية".
وقال: مرسوم الحريات الذي أصدره الرئيس قبل الانتخابات، غير مطبق في الواقع، ويجب أن يتم تطبيقه بما يضمن للناس حرية الرأي والتعبير والعمل السياسي، مع القوانين الأخرى التي سبقته.
وأضاف: من خرجوا في المظاهرات وكتبوا على مواقع التواصل مارسوا حريتهم بعد إصدار المرسوم، لكن مؤخراً تم اعتقالهم على خلفية هذه النشاطات، لذلك بعضهم يشعر بأنه كان "مصيدة".
في شهر أغسطس 2020، اعتقلت الأجهزة الأمنية الفلسطينية الصحفي والمخرج عبد الرحمن ظاهر بعد أن استدعته للمقابلة.
تعرض عبد الرحمن للاحتجاز لأكثر من شهر في سجن الأمن الوقائي بمدينة نابلس، وتعرض للمحاكمة على قانون "إثارة النعرات الطائفية" و"الذم الواقع على السلطة"، كما يقول في حديث مع "شبكة قدس".
وأكد ظاهر أن التحقيق معه كان مركزاً بشكل أساسي على عمله الصحفي والإعلامي، بينما تمت محاكمته المستمرة حتى اليوم، بعد الإفراج عنه بكفالة، على قوانين لا علاقة لها باعتقاله والتحقيق وهو أساساً على خلفية تعبيره عن رأيه.
وقال: الشماعة والغطاء لتبرير الاعتقال السياسي هو قانون "إثارة النعرات الطائفية"، ويتم من خلاله تصفية الحسابات مع النشطاء من قبل الأجهزة الأمنية.
وأضاف: أستغرب أن هذا القانون ما زال يجري العمل به، ولا يستخدم بالطريقة التي وضع من أجلها، اتفهم أن يعتقل شخص ويحاسب على هذا القانون لأنه شتم أحد الأديان أو وجه إهانة لأقلية دينية، أما خلط حرية الرأي والنقد لسياسة الدولة بإثارة النعرات الطائفية أصبح أداة مؤذية لكثير من الناشطين، وتحرمهم من العيش باستقرار في البلد.
وفي سياق متصل، يتفق معتقل سياسي سابق "فضل عدم ذكر اسمه"، مع الرأي القائل أن قانون "إثارة النعرات" أداة بيد الأجهزة الأمنية لمعاقبة النشطاء.
ويشير إلى أنه تعرض للاعتقال عدة مرات، إحداها على خلفية انتقاد تعزية الرئيس عباس برئيس دولة الاحتلال شمعون بيريز، وإصدار بيان ضد التنسيق الأمني.
ويقول إنه تعرض في اعتقالاته لدى جهازي المخابرات والأمن الوقائي، إلى تعذيب من خلال الشبح على الكرسي وتوجيه الإهانات له.
وأضاف: قانون "إثارة النعرات" يمثل الغطاء للاعتقال السياسي، لعدم وجود تهمة نحاكم عليها، ويحصل تمديد للمعتقل بناء على هذا القانون بتعليمات من الأمن، وللأسف القضاء يعمل أحياناً كجهاز يتلقى التعليمات من الأمن، ولا يتم رفض هذه التهم إلا بعد عدة جلسات.
واعتبر أن الفصائل ومؤسسات حقوق الإنسان مقصرة في الاحتجاج على استمعال هذا القانون في ملاحقة النشطاء، وأضاف: يجب أن تنظم فعاليات احتجاجية وملاحقة الأجهزة في القانون، لكنها تكتفي بمراقبة ما يحدث فقط، وبعد كل هبة شعبية ضد الاحتلال يتم طحن الحالة النضالية أو الحراك في الشارع من خلال هكذا تهم، والهدف الأساسي الاعتداء على الناشطين جسدياً ونفسياً تحت سلطة القانون.