رام الله - خاص قدس الإخبارية: لا يزال سرطان التطبيع ينغل في جسد الوطن العربي بعد توقيع المغرب اتفاقاً للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي بعد كل من السودان والبحرين والإمارات على مدار الشهور الثلاثة الماضية، وسط ترجيحات بانضمام المزيد من الدول.
أما فلسطينياً، فتنحصر المواقف حتى اللحظة في بيانات إدانة وتنديد أصدرتها الفصائل الفلسطينية بما في ذلك حماس والجهاد الإسلامي والجبهتين الشعبية والديمقراطية، إلى جانب قيادات في حركة فتح، في الوقت الذي يغيب فيه الموقف الرسمي للسلطة الفلسطينية.
وشعبياً يبدو أن الفلسطينيين متشائمون من إمكانية انحصار هذا المسار بعد رحيل الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب وتركه منصبه بعد خسارته في الانتخابات الأخيرة أمام المرشح الديمقراطي جوزيف بايدن الذي اكتسح الانتخابات الأخيرة.
ويعتبر الانقسام الفلسطيني الداخلي أحد مسببات حالة التشاؤم في الشارع الفلسطيني خصوصاً في الضفة المحتلة وقطاع غزة، بعد فشل جولات الحوار الأخيرة وعودة التراشق والتصريحات السلبية التي سبقت الحراك الأخير بقيادة الرجوب والعاروري.
في السياق، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح بنابلس عبد الستار قاسم، إن أحد دوافع التطبيع التي يسوقها المطبعون هو التنسيق الأمني واتفاقيات أوسلو الذي دشنت منظمة التحرير في تسعينيات القرن الماضي حينما وقعت الاتفاقيات مع الاحتلال.
وأضاف قاسم لـ "شبكة قدس" أن الفلسطينيين اليوم باتوا مطالبين بإيجاد جسم بديل عن منظمة التحرير التي لا تمثل إلا السلطة الفلسطينية ولن يتغير موقفها طالما بقيت بهذه الحالة. مستكملاً: "على مدار 26 عاماً لم يتغير سلوك المنظمة أبداً ولم يتحول أو يبحث عن بدائل جديدة".
وأوضح قاسم أن مزيداً من الدول ستتجه خلال الفترة المقبلة نحو التطبيع رسمياً مع الاحتلال خصوصاً سلطنة عمان والسعودية. مشدداً على أن الموقف الفلسطيني تراجع كثيراً خصوصاً على صعيد العلاقات مع الحركات والجبهات العربية.
وتابع قائلاً: "لا بد من تعزيز العلاقات والشراكة مع حركات المقاطعة وبناء برنامج وطني حقيقي يرتكز إلى المقاومة ورفض العلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي"، معتبراً أن الواقع الفلسطيني الحالي لا يبشر خيراً على صعيد المواجهة.
بدوره قال الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، إن الولايات المتحدة استخدمت في هذه المرحلة قوتها العالمية سواء بدفع الدول العربية للتطبيع إما بالتهديد أو إغرائها ببعض القضايا الداخلية الخاصة بها، من أجل شراء موقفها بشأن العلاقة مع "إسرائيل".
وأضاف عوكل لـ "شبكة قدس": "ما يجري هو تصدع كبير في الجبهة العربية التي يستند إليها الفلسطينيون، وبالإضافة إلى الدور الأمريكية هناك أسباب عدة دفعت الدول المطبعة نحو الذهاب للتطبيع مع الاحتلال، أبرزها ملف الانقسام الداخلي، وغياب برنامج سياسي واضح للشعب الفلسطيني".
وتابع قائلاً: "الفلسطينيون اليوم باتوا مطالبين بخلق جبهات جديدة لمواجهة التطبيع على الصعيد البرلماني وتحالفات شعبية لإحياء فكرة المقاطعة للاحتلال الإسرائيلي بشكل مختلف عن النمط الذي كان سائداً خلال الفترة الأخيرة".
وأكد على ضرورة أن يكون السلوك الفلسطيني في التعامل مع الدول التي التحقت بقطار التطبيع مدروساً حتى لا تتحول العلاقة وتصل لمرحلة العداء، وأن يتم العمل على وعي الشارع العربي لمواجهة هذه الموجة غير المسبوقة من التطبيع.
من جانبه، قال مدير مركز القدس لدراسات الشأنّ الفلسطيني والإسرائيلي عماد أبو عواد، إن الدور الفلسطيني مؤثر في التصدي للتطبيع، من خلال رفض فكرة أن الفلسطينيين أول المطبعين وبناء برنامج مقاومة حقيقي متوج بوحدة حقيقية تواجه الاحتلال.
وأضاف أبو عواد لـ "شبكة قدس"، أن المطلوب إجراء انتخابات فلسطينية تفرز قيادة تستطيع رفع السقف الفلسطيني عالياً وتواجه التحديات القائمة حالياً، والعودة إلى جوهر القضية الفلسطينية بجذورها التاريخية في ظل الانتكاسة عربياً ودولياً وأن يعلن الفلسطيني حقه في كامل التراب.
وتابع أبو عواد قائلاً: "إعلان مثل هذه المواقف وتنفيذها سيدفع الولايات المتحدة للوقوف بجانب الفلسطينيين من أجل عدم الذهاب بعيداً وخفض سقف المطالب وإيجاد حل للقضية الفلسطينية مرحلياً"، مشيراً إلى أن الانقسام أمات القضية الفلسطينية ودفع العرب للعمل مع "إسرائيل" للقضاء على القضية الفلسطينية.
وعن تغيير السلوك العربي، لفت مدير مركز القدس لدراسات الشأن الفلسطيني والإسرائيلي إلى أن العرب في تطبيعهم مع الاحتلال يحاولون القول إن الفلسطينيين غير مهتمين بقضيتهم في ظل استمرار الانقسام الداخلي، لافتاً إلى أنه كلما تقدم السلوك الفلسطيني داخلياً سيتغير الموقف العربي.
واستبعد أبو عواد تأثر المقاومة الفلسطينية بالتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي كونها تستعد لخوض معركة كبيرة مع الاحتلال الإسرائيلي ستكون فيها الغلبة بنسبة كبيرة لصالح المقاومة.
أما عن سقوط حزب إسلامي في التطبيع، رأى أن الإسلاميين سقطوا في هذه التجربة في المغرب واستجابوا لضغط ملك المغرب محمد السادس وهو ما سينعكس بالسلب على صورة الإسلاميين وهو ما سيشجع الغرب والولايات المتحدة على مزيد من الاختراق.