قرأت في إحدى الصفحات، أخبار يُقال أنها تسريبات حول كواليس ترتيبات عودة التنسيق مع اسرائيل - الذي لم ينقطع- منها ترتيبات جديدة بما يخص موضوع الأسرى وهيئة الاستيطان والجدار وإعادة هيكلة للأجهزة الامنية، ودور سعودي بارز في الموضوع، تحت عنوان "منح صلاحيات دينية للسعودية على المقدسات في القدس".
وهناك عنوان آخر ملفت وخطير، وهو أنه في حال وافقت السعودية على تطبيع علاقاتها بشكل علني مع "إسرائيل"، فإن الأولى ستفتح المجال أمام 100 ألف عامل فلسطيني، من قطاع غزة، للعمل في مشروع "نيوم" السياحي، وهو مشروع محمد بن سلمان الجديد الذي يقضي بمصادرة مساحات شاسعة من أراضي القبائل النجدية العربية، في محافظة تبوك، وتحديدًا عرب الحويطات، بحيث تكون مساحة المشروع 26.500 كم مربع، أي اكبر بـ 33 مرة من مدينة نيويورك.
ومشروع "النيوم" هذا سيقوم على دماء ومعاناة وفقر وقهر وتهميش السكان الأصليين لهذه المناطق، من خلال تسويق رواية أن هذه الأرض "أرض بكر" لم يدسها أحد، تمامًا كما الدعاية الصهيونية التي سبقت استعمار فلسطين، علمًا أن السكان يرفضون رفضًا قاطعًا سيطرة حكومة بن سلمان على أراضيهم وتاريخهم وممتلكاتهم، وإقامة المشروع الذي سيكون بوابة الحظ لإسرائيل لإنشاء استثمارات ضخمة فيه، تسهل عليها مهمة تطبيع العلاقات مع دول "الطوق العربي" أكثر فأكثر، وقد نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تحقيقًا صحفيًا عن المشروع بعنوان "إنها تُبنى على دمائنا".
وقد سمعنا عن قصة الشهيد العربي عبد الرحيم الحويطي الذي قتلته قوات الأمن السعودي في نيسان 2020، في منزله الذي تحصن به، رافضًا الخروج منه والانصياع لأوامر الحكومة بالتنازل عن أرضه التي سيمر منها المشروع.
الشهيد الحويطي نشر تسجيلًا مصورًا على صفحته خلال محاصرة قوات الأمن لمنزله، وتحدث عن القضية والمواجهة مع حكومة بن سلمان، وذكر شعب فلسطين ووصفنا بأننا شعب حر، وبأننا مثال يُحتذى به على من يفضلون الموت في أرضهم ولا يتنازلون عنها للأعداء! وفي نفس الوقت يُخطط لنا ولشبابنا أن نكون أداة لتنفيذ هذا المشروع القذر، المصيبة اننا الشعب الذي عانى ويعاني على طول 70 عامًا من الاستعمار، يُراد لنا أن نتحول إلى "مستعمِرين جدد"!
مشروع "النيوم" مشروع استعمار استيطاني داخلي، وقد شهد التاريخ نماذج مشابهة له كما حدث مع قبائل "الإينو" في اليابان على سبيل المثال، والحجة التي تساق دائمًا من الدولة هي أن مثل هذه المشاريع آتية "لتطوير" البلد و"تطوير السكان" وأن الدولة هي التي تعرف مصلحة مواطنيها، لكنها بالأساس مشاريع استعمارية رأسمالية تنفذها فئة حاكمة، تحقيقيًا لمصلحتها الخاصة على حساب حياة ودماء وعرق السكان الأصليين الذين وُجدوا في أراضيهم قبل أجداد بن سلمان بآلاف السنين.