فلسطين المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: عند كل انتخابات أمريكية، يصعد الرهان الرسمي الفلسطيني على تغيير في الإدارة الأمريكية، قد يدفع باتجاه "تعديل" في السياسة الداعمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، في الوقت الذي تتجاهل فيه شبه إجماع شعبي وفصائلي، على فشل هذا المسار الذي دخل فيه العمل السياسي الفلسطيني، منذ سنوات، بعد الدخول في التسوية.
الرهان العربي الرسمي على كسب الإدارة الأمريكية، وإقناعها بالانحياز لجانب بالعرب، لم يبدأ اليوم، بل يعود لعقود ماضية، كان أبرزها الوهم الذي تزعمه الرئيس المصري السابق أنور السادات، وقاده إلى اتفاقية "كامب ديفيد"، التي أخرجت مصر من الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي.
تأتي الانتخابات الأمريكية الجديدة، في ظل واقع فلسطيني معقد، وتصاعد في إجراءات الاحتلال لسرقة ما تبقى من الأرض الفلسطينية، واتفاقيات التطبيع التي أقدمت عليها أنظمة رسمية عربية، وجهود لإنهاء الانقسام، وسط تساؤلات عن تأثير نجاح بايدن في سباق الرئاسة، على مسار المصالحة، في ظل حديث مصادر إعلامية عن قناة اتصال أقامتها السلطة معه.
ويستذكر خبراء ومحللون، كيف بشر مسؤولون بالسلطة الفلسطينية، في بداية عهد الرئيس دونالد ترامب، أنه سيعمل على تقديم حل "عادل" للقضية الفلسطينية، حسب وصفهم، لتكشف الأيام عن أكبر هدايا تقدمها إدارة أمريكية لدولة الاحتلال، ربما طوال تاريخ علاقاتهما.
"قُدس الإخبارية" حاورت أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية، وليد المدلل حول مختلف هذه القضايا:
دائماً لدى القيادة الفلسطينية رهان على تغيير في الإدارة الأمريكية، رغم كل هذه السنوات من السراب كما تقول فئة واسعة من الشعب الفلسطيني، برأيك هل سياسياً هناك أمل في التعويل على أن تنصف الولايات المتحدة الفلسطينيين؟
الرهان الرسمي الفلسطيني على الحل السياسي، بعد أن ألقى بكل "البيض في سلة واحدة". عندما حصل تغيير في الإدارة الأمريكية كما حصل مع ترامب، وجدنا انحيازاً أشد تطرفاً إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي.
الطرف الفلسطيني لا يدرك هذه الحقائق، أو بالأحرى لا يريد أن يراها، عندما رأينا الموقف المنحاز للاحتلال في عهد ترامب، أشد وضوحاً، حصل انكشاف لظهر الموقف الرسمي الفلسطيني، بسبب إسقاط الخيارات الأخرى مثل المقاومة في مواجهة الاحتلال.
بالعودة إلى التاريخ، كيف يمكن وصف مراحل السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية؟ وهل رؤية ترامب تعد انقلاباً على هذه السياسة؟ أم أنها استمرار لاستراتيجية دعم وتقوية "إسرائيل"؟
السياسة الأمريكية معروفة وثابتة، باعتبار "إسرائيل حليفها الاستراتيجي وهناك اصطفاف أمريكي لجانب الاحتلال، وهذا موقف تقليدي، كل إدارة تأتي تؤكد على موقف من سبقها، لكن هناك تنافس في درجات الاصطفاف، ربما كان الأكثر تطرفاً في عهد دونالد ترامب.
بالمجمل، هناك تنكر من جانب الولايات المتحدة لحقوق شعبنا، ومحاباة "لإسرائيل"، وهناك تحالف بين الطرفين وينعكس على الموقف الأمريكي من القضية الفلسطينية.
متى بدأت العلاقات الرسمية بين منظمة التحرير والولايات المتحدة؟ هناك من يعتبر أن اتصالات الشهيد علي حسن سلامة مع الأمريكيين كانت فاتحة هذه العلاقات، ما رأيك؟
العلاقات دائماً تبدأ سرية ويتم الكشف عنها لاحقا. في نهاية السبعينات بدأ الحديث عن حل سياسي، وكان هناك حضور أمريكي وأوروبي، وبدأ الاتصال الفلسطيني بالجهات الغربية، وفي بداية الثمانينات أصبح الحديث عن "حل سلمي" أكثر وضوحاً، رغم معارضة منظمة التحرير لاتفاقية "كامب ديفيد"، لكنه أسس لتسوية سياسية، ورغم خروج مصر من الجامعة العربية، بقي الاتصال بين منظمة التحرير والنظام المصري، والتأثير استمر لدفع المنظمة لاتفاق سياسي.
يوجد إجماع ربما بين المحللين والخبراء على أن أمام كل رئيس أمريكي ثوابت في السياسة الخارجية يجب أن يلتزم بها، فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ودولة الاحتلال ما هي الثوابت الأمريكية؟
الثابت بالنسبة للولايات المتحدة هو "إسرائيل". قرار نقل السفارة إلى مدينة القدس المحتلة، كان في عهد الرئيس الديمقراطي أوباما، وتنفيذه جاء في عهد ترامب، إذا هناك تكامل وتوافق، لكن إدارة ترامب حصل في علاقتها مع إسرائيل ما يمكن وصفه "بالتطرف"، والتغيرات التي قام فيها لن يتمكن بايدن من التراجع عنها، في حال نجاحه بالانتخابات، لكن درجة انحيازه للاحتلال قد تكون أقل.
في حال فاز بايدن بالرئاسة الأمريكية، هل سنشهد تراجعاً من جانبه عن مجموعة الإجراءات التي اتخذها ترامب ضد الفلسطينيين، مثل إغلاق مكتب منظمة التحرير، ووقف المساعدات، وصفقة القرن وغيرها، وهل يجب التعويل فلسطينياً على أمل من هذا النوع؟
نعم، هناك إمكانية لأن يتراجع عن هذه الإجراءات، لكنها إجراءات بسيطة بالنسبة للإدارة الأمريكية، التي تسعى لاستعادة دور في "عملية السلام" بالمنطقة، وهي عبارة عن خطوات شكلية، الأهم الاستجابة لحقوق الشعب الفلسطيني، وهو ما لم يحصل من الولايات المتحدة الأمريكية طوال تاريخها.
لا أتوقع أن يحدث انقلاب في التعامل مع القضية الفلسطينية، قد يحصل انقلاب في قضايا مثل المناخ، أو التعامل مع الصين. قد يكون هناك موافقة على إقامة مؤتمر دولي للسلام، أو إعادة فتح مكتب منظمة التحرير، لكنها تبقى إجراءات شكلية.
دائماً هناك حديث في الأوساط العربية والفلسطينية، عن "لوبي يهودي أو إسرائيلي" قوي في الولايات المتحدة، ما دقة هذا الكلام؟ وما تأثيره على السياسة الأمريكية؟
اللوبي الصهيوني أقل "اللوبيات" في الولايات المتحدة، رغم أننا عربياَ نضخم دوره، هناك "لوبيات" أكبر منه مثل اللوبي الصيني أو البرازيلي، لكن قضية التحالف بين الولايات المتحدة و"إسرائيل"، ثابت، ولو أردنا أن نعبر عنه بخط بياني سنجد أنه صاعد دائماً.
في سياق متصل، تنتشر جاليات عربية وفلسطينية في الولايات المتحدة ودول العالم، ما الذي يمنع برأيك أن يكون لها تأثير في السياسة الخارجية لهذه الدول تجاه قضايانا؟ أم أن القضية أعقد من مجرد وجود "جماعات ضغط"؟
الجاليات العربية ليس لها تأثير، لأنها قليلة العدد وليس لها وجود في مواقع التأثير السياسي، ولا في الشركات والتجمعات الاقتصادية الكبيرة في الولايات المتحدة، التي لها دور في السياسة الخارجية الأمريكية.