شبكة قدس الإخبارية

"السلام الاقتصادي".. قطاع التكنولوجيا مثالاً

هيئة التحرير

أكدت تقارير صحفية إسرائيلية في السنوات الأربعة الأخيرة أن شركات التكنولوجيا الإسرائيلية تأتي إلى رام الله بحثاً عن حاجتها من المهندسين الفلسطينيين. دار الحديث ذات مرة عن شركة إسرائيلية – فلسطينية كانت تُشغل بعضهم، ولكنها أغلقت أبوابها، وتنبه البعض إلى خطر التطبيع الإقتصادي. لكن الأمر لم يتوقف هنا، ويبدو من التقارير الصحفية المتعاقبة أن الضفة الغربية ما زالت تشكل سوقاً رخيصاً للشركات العالمية التكنولوجية التي تفتح فروعاً لها في "إسرائيل"، ويبدو أنها ستستمر في كونهاً "سوقاً رخيصاً" لا سيما في ظل الحديث المتصاعد عن "السّلام الاقتصادي".

نشر الملحق الاقتصادي لجريدة هآرتس الشهر الماضي تقريراً بعنوان "تكاليف مهندس واحد في تل أبيب تعادل تكاليف 4 مهندسين في رام الله". يقتبس التقرير من أحاديث شخصيات فلسطينية وإسرائيلية ذات صلة بمجال صناعة التكنولوجيا، تحدثت في لقاء كبير عقد في تل أبيب في السابع والعشرين من أيار الماضي.

اللقاء كان بعنوان "أعمال بلا حواجز"، وقد شارك في تنظيمه مركز بيرس للسلام، وتجمع الصناعات المتقدمة (تجمع إسرائيلي)، واتحاد الغرف التجارية الإسرائيلية. في موقع الغرفة التجارية في تل ابيب نشر إعلان عن اللقاء يصفه بأنه "فرصة للقاء شركات برمجة فلسطينية معنية بتزويد الشركات الإسرائيلية بمجموعة متنوعة من التخصصات في مجال البرمجة عن طريق تشغيل الموظفين كموارد خارجية(outsourcing).

ويذكر الإعلان أن اللقاء سيقسم إلى محاضرة حول الفرص والتحديات أمام هذا التعاون بين الشركات الإسرائيلية والفلسطينية، وسيعقب ذلك لقاء "وجهاً لوجه"، بين ممثلي الشركات على كل طرف. وفي برنامج اللقاء الذي أرفق بالإعلان تظهر شعارات كلّ من مركز بيرس للسلام، اليو اس ايد USAID، الاتحاد الأوروبي، وميرسي كورس Mercy Corp، يبدو أنها ساهمت جميعها في تمويل اللقاء.

وفيما يلي اقتباسات من اللقاء مما ورد في تقرير هآرتس:

"قمنا ببحث مقارن – كم يكلفنا تشغيل موظفين متدينيين يهود "حريديم"، موظفين عرب في منطقة الناصرة، موظفين في رام الله، وموظفين في منطقة المركز. مهندس واحد ذو خبرة في تل أبيب يكلف كما يكلف أربع مهندسين ذوي خبرة مشابهة في رام الله"، هكذا قال عيران يريف، مدير التطوير في شركة ميكروسوف – الفرع الإسرائيلي.

"عندنا اليوم فرصة نادرة. في منطقة الشرق الأوسط هناك 350 مليون شخص يتحدثون العربية. هناك فرصة كبيرة جدا أمام الفلسطينيين، وأمام "عرب إسرايل" والمبادرين الإسرائيليين الذي يعرفون كيف يتعاونون معاً لإنشاء شركات تخدم هذا السوق. اللغة العربية هي اللغة الأسرع نمواً في الانترنت. يمكننا صناعة شرق أوسط ذي حداثة – يمكننا خلق سوق انترنت عربي سيكون الرابع من حجمه في العالم بعد الإنجليزية والصينية والإسبانية"، هذا ما قاله "حامي فارس"، رئيس مركز بيرس للسلام، ويدير بالشراكة صندوق "بيتناجو" Pitango وهو أكبر صندوق استثمار إسرائيلي في مجال التكنولوجيا.

"توجد عند الشركات الكبيرة رغبة للوصول إلى عدد كبير من المستخدمين. هم يعرفون أنه من الصعوبة الدخول إلى روسيا والصين، ولكن يعرفون أن هناك فرصة للدخول للعالم المتحدث بالعربية"، يضيف حامي. "نريد رؤية شركات متعددة الجنسيات تفتح مراكز تطوير في السلطة الفلسطينية، ونريد أن نرى المزيد من مراكز التشغيل بالموارد الخارجية Outsourcing ليشكلوا نواة لريادة الأعمال".

شارك في الحدث كذلك مدراء فلسطينيون لشركات البرمجة الفلسطينية، مثل مراد طهبوب مدير Asal Technologies، وطارق معايعة مدير Exalt Technologies. يريف قال: "أعمل مع مراد منذ عامين ونحمل حلماً مشتركاً – إقامة مركز تطوير فلسطيني لشركة ميكروسوفت في رام الله، تماماً مثل مركز التطوير الخاص بها في إسرائيل في هرتسيليا. نحن نتكلم عن ذلك علناً ونبحث عن طرق لتحقيق ذلك، لكن لا توجد لدنيا خطط ملموسة".

"كفلسطينيين يوجد لدينا مهندسون مؤهلون. عندنا خزينة من المواهب غير مستغلة من الإسرائيلين أو الشركات متعددة الجنسيات. كل شخص في كل مكان يبحث عن الموهبة، ونحن نملك تلك الموهبة. هذا هو عرض الأعمال الأساسي الذي نقدمه"، يقول طهبوب. "لدينا ثقافة الابتكار والتطوير والبحث. نحن نفهم العمليات، النظام، وكل ما يتعلق ببناء منتج ناجح"، يضيف معايعة.

يضيف التقرير أن النقاش المتفائل الذي شمل الحديث عن التعاون الاقتصادي العابر للحدود والحواجز اصطدم بالواقع عندما سأل أحد الحضور من سكان جوش عتصيون مدراء الشركات الفلسطينية إن كانت لديهم تجربة في التعاون مع "يهود يسكنون في الضفة الغربية"، فأجابه طهبوب :"نحن لا نعمل مع مستوطنات"."بدأ هذا "البزنس" ببطء، فالتعرف وتعلم كيفيه التعاون هي أمور تأخذ وقتاً. استغرق الأمر وقتاً للعثور على البرامج والمشاريع والأسس التي تبنى عليها الشراكة والعملية المتبادلة. استغرقهم وقتاً ليتعرفوا على "انتل" ويعرفوا كيف نعمل. ولكن بعد 4 سنوات من التعلم الآن توجد لدينا منظمتان اثنتان تعملان مع الشركات الفلسطينية. هذه دورة التعلم

"احتاج جميعنا للوقت لكي نتعلم. وهذا يعمل بشكل ممتاز بالنسبة لنا، سواء من الناحية التكنولوجية، فقد رأينا الابتكار وعملاً أرضانا، ومن الناحية المالية، الأمر منطقي، فالحديث يدور عن تكاليف أقل بكثير من إسرائيل. أنا أدير مجموعات في أمريكا وفي أسيا، وأرى أنه من الأسهل التواصل مع الشركاء الفلسطينيين، الأمر يسير بسلاسة وسهولة. اليوم عندما نتردد هل نضيف مهندساً في أوكرانيا أو الهند، في كثير من الأحيان تكون الإجابة في رام الله"، تحدث فرنكل، مدير مركز تطوير "انتل" في القدس.

يذكر أن هناك ما يقارب 2000 خريج فلسطيني يتخرجون سنوياً من جامعات الضفة الغربية في مجالات تتعلق بصناعة التكنولوجيا، وفقط 30% منهم يجدون وظائف في مجال تخصصهم. وقد ذكر تقرير لجهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني أن قطاع التكنولوجيا - الهايتك- في الضفة الغربية قد نما من 0.8%  عام 2008 إلى 5% عام 2010. وبحسب التقرير، فإن هذا النمو كان بسبب استثمار شركة "سيسكو" العالمية في الضفة، إضافة إلى استثمارات عالمية أخرى، منها البنك الأوروبي الذي ضخ 78 مليون دولار في قطاع التكنولوجيا الفلسطيني.

وفي ذات السياق، نشرت صحيفة "كالكليست" الإسرائيلية قبل أشهر خبراً عن نية أمير قطري زيارة دولة الاحتلال خلال العام الجاري من أجل بحث سبل التعاون في قطاع صناعة التكنولوجيا، خاصة أن قطر تفتقر لأي خبرة في هذا المجال، وهي تحاول لبناء هذا القطاع بالاستفادة من الخبرات الإسرائيلية فيه. وقد علقت وسائل إعلام إسرائيلية أخرى على الخبر قائلةً بأنه قد يقلق الشركات الفلسطينية إذ قد يسحب منها بعض الاستثمارات وفرص العمل مع الشركات الإسرائيلية.

*الصورة تظهر فلسطينيين واسرائيليين اجتمعوا على هامش اللقاء.