فلسطين المحتلة- خاص قدس الإخبارية: ودع الفلسطينيون عام 2019 الذي كان بالنسبة لهم مثقلاً بالأزمات والمشاكل على الصعيد الداخلي وحتى تلك المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي، فمع بداية العام استقالة حكومة الوفاق وشٌكلت حكومة جديدة بعيدة عن التوافق الداخلي.
وشهد العام الماضي زيادة في الفجوة بين فتح وحماس نتيجة لعدم تحقيق الوحدة الوطنية، بالإضافة إلى الأزمة المالية التي عصفت بالفلسطينيين نتيجة قرصنة الاحتلال الإسرائيلي لأموال المقاصة وهو ما انعكس بالسلب على الظروف الاقتصادية تحديداً في الضفة الغربية إلى جانب قطاع غزة.
وإلى جانب ذلك، كانت تداعيات حركة بدنا نعيش حاضرة إذ رأى فيها البعض أنها أعادت جانباً من المظاهر التي كانت عام 2007 بداية أزمة الانقسام الداخلي، وبالإضافة إلى ذلك يحضر مشهد إضراب الأسرى المحررين من أجل المطالبة بصرف رواتبهم.
وليس ببعيد عن ذلك يحضر ملف جولات التصعيد المتكررة مع الاحتلال والتي شهدها القطاع حيث قصفت تل أبيب عدة مرات خلال العام المنقضي للمرة الأولى منذ الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة في الوقت الذي أجرى فيه الاحتلال انتخابات مرتين دون أن تنجح أي من الأحزاب الإسرائيلية في تشكيل الحكومة.
اتساع الهوة
في السياق، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة السلطان قابوس هاني البسوس لـ "شبكة قدس" إن العام 2019 لم يكن أفضل من الأعوام السابقة حيث بقاء الانقسام الفلسطيني واتساع الهوة رغم التفاؤل النسبي في موضوع الانتخابات الفلسطينية العامة.
وأضاف البسوس: "شهد العام ٢٠١٩م مواجهات دامية مع قوات الاحتلال الإسرائيلي على الحدود مع قطاع غزة وأيضا من خلال القصف المتبادل إضافة إلى عملية اغتيال في سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي بهاء أبو العطا".
وأكد أستاذ العلوم السياسية على أنه لم يتم إحراز أي تقدم سياسي أو اقتصادي في فلسطين، في الوقت الذي من المستبعد أن يكون عام 2020 أفضل حالاً إلا أن احتمال حدوث تطورات دراماتيكية سيكون الحدث الأكبر خاصة فيما يتعلق بخلافة الرئيس الفلسطيني.
وأشار إلى أنه من المحتمل حدوث تغييرات على الساحة السياسية الفلسطينية في هذا الموضوع إذا غاب أبو مازن عن المشهد السياسي، لافتاً إلى احتمالية حدوث مناورات أمريكية إسرائيلية للضغط على الفلسطينية للقبول بصفقة القرن.
وعن التوقعات بإمكانية حدوث انتخابات فلسطينية، رأى البسوس أن احتمالية أن تجري ضعيفة جداً رغم عدم استبعاده لذلك بالمطلق إلا أن المؤشرات تشير إلى صعوبة حدوثها، مردفاً: "سيكون هناك مزيد من تعقيد المشهد السياسي الفلسطيني خاصة موضوع الخلاف على خلافة الرئيس الفلسطيني والخلافات الداخلية الفتحاوية".
وفيما يتعلق بغزة علق قائلاً: "احتمالات التصعيد العسكري المحدود على قطاع غزة تبقى قائمة ولكن لا أحد يريد المواجهة العسكرية المفتوحة، في الوقت الذي ستكون فيه التفاهمات محدودة تحت إطار هدوء مقابل الهدوء مع إدخال بعض التحسينات".
وأردف قائلاً: "لكن لا صفقة بين حماس وإسرائيل، وفيما يتعلق بإمكانية حدوث صفقة تبادل أسرى فالمسافة بعيدة بين الجانبين، فالثمن الذي تطالب به حماس أعلى بكثير جدا من السقف الأعلى للجانب الإسرائيلي، لذلك غالبا لن يكون هناك صفقة قريبا".
عام مكرر
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي أن العام 2019 لم يختلف كثيراً عن العام الذي سبقه باستثناء اقالة الحكومة التي شكلت بتوافق وطني وتشكيل حكومة جديدة يرأسها عضو لجنة مركزية من فتح إلى جانب عدم تحقق المصالحة الوطنية.
وبين عرابي لـ "شبكة قدس" أن 2019 لم يحمل أي إنجاز أو اختراق سياسي، بل تراجعت فيه القضية الفلسطينية بفعل الحالة القائمة حاليا، مضيفاً: "حتى المقاومة الشعبية في الضفة لا يوجد لها أي حضور أو حتى برنامج عمل لها".
أما فيما يتعلق بغزة فعلق عرابي قائلاً: "كل الأفكار سواء المواجهات العسكرية أو حتى مسيرات العودة الشعبية لم تحقق اختراقاً في جدار الحصار الإسرائيلي المفروض في الوقت الذي يدور فيه الحديث عن تهدئة وهو ما يعني تجميد لسلاح المقاومة عدة سنوات باستثناء عمليات التطوير على أمل استخدامه في أي مواجهة مستقبلية".
ويستبعد الكاتب والمحلل السياسي أن يحدث أي اختراق سياسي في القضية الفلسطينية إلا إن جرت تحولات إقليمية أو اتفقت فتح وحماس على برنامج عمل وطني مشترك وهو أمر مستبعد الحدوث لحد كبير في ضوء المعطيات القائمة حالياً.
ورجح عرابي إمكانية حدوث أزمات اقتصادية جديدة في ظل القرصنة الإسرائيلية المتواصلة للأموال الفلسطينية والتي كان آخرها قرار خصم 150 مليون من أموال السلطة الفلسطينية على خلفية دفع رواتب الشهداء والجرحى والأسرى.
ولفت الكاتب والمحلل السياسي إلى أن حركة حماس والسلطة الفلسطينية تعولنا كثيراً على التحولات الإقليمية للخروج من الواقع الراهن وبالتالي فإن القضية الفلسطينية قد تبقى في هذا المسار إن لم تحدثت أية تطورات على الساحة المحلية.
ولا يستبعد عرابي أن تحدث هبات جماهيرية إذا ما تصاعدت حدة الأزمة الاقتصادية خصوصاً في الضفة الغربية المحتلة نتيجة للخصومات المتتالية التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي ضد عائدات الضرائب والأموال الفلسطينية.
عام أسود
بدوره، يصف أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة مخيمر أبو سعدة العام 2019 بالأسود حيث لم يحصل أي اختراق في أي من الملفات الفلسطينية خصوصاً المتعلقة بالوحدة الفلسطينية الداخلية واستمرار حالة الانقسام وما حدث في بداية العام من قمع لحراك "بدنا نعيش".
وقال أبو سعدة لـ "شبكة قدس" إن العام الماضي شهد العديد من الأزمات كان من أهمها إقالة الحكومة وتشكيل أخرى وقمع حراك بدنا نعيش مروراً بملف الانتخابات وقرصنة الأموال وجولات التصعيد المتكررة ضد غزة إلى جانب استمرار التراشق الإعلامي بين فتح وحماس.
وأضاف قائلاً: "أبرز ما مميز العام المنقضي هو التوسع الاستيطاني ومصادرة الأراضي والضم في الضفة الغربية والقدس المحتلة وحالة التسارع في ذلك من قبل الاحتلال الإسرائيلي والتناحر في الخطاب الانتخابي الإسرائيلي بشأن ضم الضفة".
وبشأن التوقعات الخاصة بالعام الجديد، رجح أبو سعدة أن يشهد القطاع تحسناً في الأوضاع الاقتصادية في ظل الحديث عن تفاهمات وتسهيلات إلا أنه ربط ذلك بفوز نتنياهو في الانتخابات المقبلة وتمكنه من تشكيل حكومة جديدة.
وواصل قائلاً: "فيما يتعلق بالضفة فهي الأخرى تعيش واقعاً سياسياً معقداً رغم الحالة الاقتصادية الأفضل من غزة، نتيجة لعمليات الضم ومصادرة الأراضي والتوسع الاستيطاني والاعتقالات اليومية، ومن الممكن أن يقدم الاحتلال على ضم أجزاء جديدة منها له خلال العام الجديد".
واستبعد أبو سعدة أن تجري الانتخابات الفلسطينية العامة سواء التشريعي أو حتى الرئاسية خلال العام الجديد أو في المنظور القريب في ظل حالة التخوين والخطاب السلبي بين فتح وحماس والذي أعقب إتهام الداخلية بغزة التي تديرها حماس لمخابرات رام الله بالتورط في اغتيال أبو العطا.