القدس المحتلة- خاص قُدس الإخبارية: تسعة عشر عامًا، أمضاها الأسير ضرغام الأعرج في سجون الاحتلال، تاركًا بصمته خلفه، فلم يرغب أن يكون هامشاً وما ما بين جدران السجن المظلمة، فاستطاع في آخر عامين ونصف له أن يكون بمثابة "راعي الأشبال" المقدسيين في السجون.
ضرغام الأعرج (39 عامًا) من بلدة السواحرة الشرقية جنوب القدس المحتلة، تعرض للاعتقال في الثاني من تشرين الثاني عام 2000، في منطقة راس العامود بالقدس المحتلة أثناء توجهه لمدينة رام الله، بتهمة الانتماء لخلية عسكرية تابعة لحركة فتح، إبان انتفاضة الأقصى.
عقب شهر من استشهاد ابن عمته، ورفيق دربه، عاد الأعرج من الأردن إلى فلسطين، وكان حب الوطن يشغل تفكيره وفؤاده، يقول الأعرج: "اعتقلتُ شابًا صغيرًا، والقضية كانت كبيرة، لم أكن أتخيل أنني سأقضي هذه السنوات الطويلة، لكنّ دائمًا كان الأمل موجودًا، بقلبي، وبدعم عائلتي، كنت أعدّ الأيام في انتظار الحرية". حتى تحرر ضرغام في 30 تشرين أول 2019.
حياة جديدة غير منتظرة
وعن أوّل لحظات الاعتقال، يتحدث الأعرج: "كنتُ متوجها لمدينة رام الله، وتم اعتقالي على حاجز في منطقة راس العامود، كانت مدة التحقيق في المسكوبية 55 يومًا، أولًا من معتقل مجدو، وبعدها انتقلتُ إلى النقب، وبعدها عوفر، ومن ثم أعادوني إلى معتقل مجدو وفي هذه اللحظات تم إرجاعي إلى التحقيق ثلاث مرات في "المسكوبية" ولم أكن قد صدر بحقي حكمٌ بعد".
ويضيف في حديثه لـ "قدس الإخبارية"، "لم أكن أعلم أن أوقاتي في الحرية داخل فلسطين ستتوقف فجأة، حتى نطق قاضي الاحتلال بالحكم 19 عامًا، ومن حينها بدأت مرحلة جديدة، وتجربة غير عادية، ومصير جديد، عنوانه مقارعة الاحتلال في السجون".
ويتابع، كانت سنوات الاعتقال، ما بين مراكز التحقيق "المسكوبية" والزنازين والعزل الانفرادي والتنقل بين السجون كافة، مضيفًا: "في بداية الاعتقال، كان جيش الاحتلال هو المشرف على الأسرى آنذاك. و"عندما حُكمت انتقلتُ من المعتقلات التي كانت تحت حكم الجيش، إلى السجون المركزية، وهناك كانت بدايتي حينما التقيت بالأسرى القدامى، وأصحاب الأحكام العالية الذين كان لهم أثرًا في شدّ عزمي، وإثبات نفسي لأترك بصمة في السجن".
"حبسٌ بين أربعة جدران، بعيدًا عن ضوء الشمس وهواء الحرية، أيام تشبه بعضها، والقمع يتجدد بأنواعٍ مختلفة، انتهاكات متواصلة، من "ضرب واعتداء وتنكيل، ورش غاز وهجوم وتفتيش من السجان كمحاولات ضغط من الاحتلال على الأسرى، كانت اللوائح والقوانين من السجان هي التي تتحكم بسير حياتنا في السجن"، لم يكن خيار أمامي سوى التحمل والصبر فهذه رحلة طويلة لم تكن إلا في بدايتها بعد".
يستعرض الأعرج هذه الفترات بحلوها ومرها ويقول: "نحن جزء لا يتجزأ من المجتمع، فحياتنا داخل سجون الاحتلال ما هي الا انعكاس للحياة خارجه، وكل ما يحدث في الخارج كان يؤثر علينا في الداخل، كفترة الانقسام الفلسطيني الصعبة، تفاعلنا مع كل شيء يحدث في الخارج عند سماعنا الأخبار، تجربة صعبة وطويلة مرّت عليّ، كان لها خصوصيتها أجبرنا على أن نعيشها حتى انتهاء الحكم".
إنجازه في السجون
ويتطرق الأعرج لدوره في سجون الاحتلال: "عشتُ السجن بكل تفاصيله، طوّرت نفسي، وساعدت الأسرى المرضى، وكنت مسؤولا عن الأشبال لمدة عامين ونصف، كما كان لنا دورٌ مع الأسيرات، حين قبعنا في معتقل الدامون، بقسم قريب منهن، وكان لتنقلي، أثرٌ في ثقافتي حيث تعرفت على العديد من الأسرى والمناطق وتعلمنا وعلّمنا".
لم يجعل الأعرج هذه العقبات حاجزًا في طريقه، حيث أكمل تعليمه، وحصل على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية من الجامعة العبرية، وأكمل دراسته وحصل على شهادة الماجستير من جامعة القدس في الدراسات الإسرائيلية، أثناء تواجده في سجن "هداريم".
يقول الأعرج: "حصولنا على ميزة التعليم داخل السجون لم يكن كرم أخلاق من السجان، إنما كان بتحديات صعبة، وإضرابات حتى انتزاع هذا الحق، ففي عام 2010 تم سحب قرار التعليم، وأصبح كل فترة يعود بتصريح من الإدارة وعند ارتكاب أي خطأ أو اعتراض من الأسرى، يتم سحب تصريح التعليم".
وبحسب قول الأعرج، "فإنّك إن أردت أن تبقى قويًا داخل السجن، فعليك أن تعمل على أربعة مستويات، العقل والروح والجسد والعلاقات الاجتماعية، والأخيرة تعتبر شيئًا مهمًا وضروريًا، حيث يصبح الأسرى عائلتك ونفسك، في الوقت الذي تحرم منه من عائلتك في الخارج".
حاولت ممارسة حياتي بكلّ الأحوال، "فحافظت على صحتي واستمريت في لعب الرياضة، وتابعت أموري، استغليت أوقاتي بالقراءة والتعلم، ولم أترك أية فرصة للحصول على التعليم والدراسة في كافة المستويات، واستمريت في علاقتي الروحانية مع الله والتي كانت سببا لصبري وتحملي".
مسيرة الأسر لا تستمر إلا بـ"العطاء"، فاستطاع أن يعمل جلسات تعليمية خاصة للأشبال المقدسيين، وسخر وقته لنفسه وللأسرى، كي يجابه ظلمات السجن، قائلًا "قدمتُ كلّ ما عندي، وما استطعت تقديمه للأسرى، فنضالنا لا يتوقف مع الاعتقال أبدًا، إنما يزداد أكثر.
وعن دورهم في تقديم المساعدات للأسيرات الفلسطينيات يقول الأعرج: "كنا في قسمٍ قريب في سجن الدامون من الأسيرات، ونحاول أن نكون سندهن في داخل سجون الاحتلال، علمًا أنهن ينتزعن كل متطلباتهن وحدهن.
وأصبحتُ على علاقة بقضيتهن في الفترة الأخيرة، خلال تواجدي في الدامون، وبدأت بالتواصل مع ممثلات الأسيرات سواء من خلال النداء عبر الباب الذي يفصل بيننا، أو إخبار الإدارة والالتقاء بممثلة الأسيرات، وكنا نتحاور حول مشاكلهن كمشكلة "الفورة"، فهن يطالبن ونحن نحاول أن نساعدهن، يقول الأعرج.
فالأسيرات منهن أمهات لأسرى داخل السجن، ومنهن أخوات أسرى، وبعضهن زوجات لأسرى، ويؤكد الأعرج: الأسيرات ظُلمن داخل السجون وخارجها، فالمرأة تواجه ضغوطًا بالخارج فما بالكم داخل السجون، فمعاناتهم مضاعفة فخاصة التي تكون أم لشهيد كوالدة أشرف نعالوة، أو أم أسير كوالدة الأسير محمد هلسة، أو شقيقة أسير كأمل طقاطقة، فمعاناها تكون مضاعفة، كأسيرة وأم وشقيقة.
أبو الأشبال
طفولة هرمت ما بين قضبان الاحتلال، ظروف سلبت أجمل اللحظات، فترات صعبة شابت فيها أعمارهم، مسح ذاكرة وغسيل للأدمغة وكثير من الصعوبات يمرّ بها الأشبال في سجون الاحتلال.
يتحدث ضرغام عن تجربته في رعاية الأشبال: "بدأت تجربتي عام 2017 مع الأشبال المقدسيين، لم أكن قبل ذلك معهم ولكنّي كنت أسمع عن معاناتهم ومشاكلهم، منذ أن فتح الاحتلال قسمًا خاصًا للأشبال "جيغون" في الرملة، يعانون ظروفًا خاصة.
ويتابع: "كنت ممثل الأسرى الكبار في سجن جلبوع، وتجمع الأسرى المقدسيين، في حينها أرسل أهالي الأسرى الأشبال المقدسيين، أخبارًا عن وضع الأشبال في السجون، عن طريق زيارات الأهل، وحاولنا جاهدين أن نتواصل مع الإدارة ولكنها أخذت إجراءات بعيدة عنا، فيما يتعلق بوضع الأشبال حتى عام 2016".
وعلى إثر ذلك انتقل الأعرج لسجن آخر ليقوم برعاية الأشبال، في أواخر عام 2016 كان هناك مجموعات تمثل القسم في الإشراف على الأشبال، لكن المجموعة الأولى والثانية والثالثة أخفقت في التعامل مع الأشبال.
وفي العام 2017 وعقب إضراب الحركة الأسيرة، بدأت مشاكل الأشبال المقدسيين تتزايد في سجون الاحتلال، فطُلب من الأعرج أن يذهب لقسم الأشبال المقدسيين، بحكم أنه كان مسؤولًا عن مجموعة كبيرة من أسرى القدس، وكان متابعا لقضية الأشبال المقدسيين من سجن "جلبوع".
في بادئ الأمر رفض الأعرج الذهاب، ولكن بطلب من عميد الأسرى الأسير كريم يونس، والأسير مروان البرغوثي، وافق وذهب لقسم الأشبال المقدسيين لتكن تجربته الأهم في سجون الاحتلال، وفق قوله.
حياة الأطفال الأسرى مشوشة، ومصحوبة بالتوتر والضغط، بسبب ما يتبعه الاحتلال من أساليب تجاههم، ويقول الأعرج: "كان القسم عبارة عن مجموعة من الأطفال، والبعض في سن المراهقة، فاضطررت للتعامل بطريقة خاصة، لتنظيم حياتهم ولنشغلهم بكل تفاصيلها، ولا نترك أي دقيقة فراغ، كون الفراغ يذكرهم بمرّ السجن ومشاكله، ولكن عند إشغالهم عن طريق برنامج خاص، كالرياضة وجلسات التعليم والقراءة وتخصيص وقت للنوم والأخبار فإن ذلك يخفف من هول السجن عليهم".
استطاع الأعرج ومن برفقته من مسؤولين عن الأشبال، أن ينظموا وقت الأسرى منذ صحوتهم الساعة السادسة صباحًا حتى العاشرة ليلا، حيث يقوم السجانون بعدّ الأسرى، ملأوا فراغهم وعتمتهم بجلسات التعليم والرياضة فكان هناك غرفة صف لتلقي الدراسة.
كما كان هناك جلسات فيما تسمى "الفورة" وهي الساحة الصغيرة التي يخرج لها الأسرى حيث كان يتناقش الأسرى الأشبال المقدسيين مع ممثليهم عن أمور الحياة وعن الأوضاع في السجن، فمن يكن لديه حصة يذهب لها ومن لا يكن يجلس في الفورة.
في آخر النهار تكون هناك وجبة العشاء وبعدها جلسة ذاتية يتم فيها إنجاز الواجبات والقراءة داخل الغرفة ما بين الساعة السابعة والثامنة مساءً، ومن ثم متابعة نشرة الأخبار على تلفزيون فلسطين الساعة التاسعة مساء حتى التاسعة والنصف ومن ثم التهيؤ للنوم الساعة العاشرة.
ويستطرد: "يتعين علينا المتابعة عن طريق المحاميين، والاستعانة ببعض الأقسام بالسجون للضغط على الإدارة لحل مشاكلهم، وأحيانًا اللجوء للجنة أهالي الأسرى الأشبال، وكنا نحلّ مشاكلهم من خلال أكثر من جهة بالمتابعة والحوار والضغط المستمر".
وعن المواقف التي عايشها في الأسر، يستذكر ضرغام: "كثيرٌ من المواقف الحلوة والمرة مرّت في فترة رعايتي للأشبال، ولكن أذكر الموقف الأصعب حينما سمعت خبر وفاة شقيق أحد الأشبال، والذي كان في محكمة عقدت له يوم الخميس صباحا، وكان علينا مهمة إخباره، وأحضرته لغرفتي وأخبرته يوم الجمعة ظهرًا بوفاة شقيقه، هذا كان من أصعب الأوقات، فردة فعله كانت قوية، انهار ولم يتمالك نفسه وحاول الانتحار".
الأكثر كارثية، هو أنه وبعد أسبوعين فقط، جاء خبر بوفاة والد الطفل نفسه، فكان من الصعب السيطرة عليه والاهتمام به، بسبب الظروف التي مرّ بها، فهذه من أشد الأوقات وأكثرها صعوبة في قسم الأشبال، وكنا نبذل كل جهدنا لتسليمه لعائلته بصحة جيدة، فهذه أسوأ القصص التي مرت في فترة رعايتي لهم".
ومن بين القصص التي مرت عليه خلال تواجده مع الأشبال، يتحدث الأعرج عن أحد الحالات التي مرت عليه، وأن شبلًا كان معتقل بحجة التحريض على موقع فيسبوك، ليكتشف لاحقًا أن الطفل لا يعرف القراءة والكتابة، وأنه أنهى دراسته من الصف السابع، فحُكم ١٠ أشهر".
بدائل الاعتقال
يستهدف الاحتلال الأطفال المقدسيين لتدمير بنيتهم المجتمعية، فثلث حالات الاعتقال هي لأطفال قاصرين ما بين 12 عامًا وحتى 17 عامًا، سياسات مختلفة ينتهجها بحقهم، من بينها ما تسمى بـ"بدائل الاعتقال" والتي لها عواقبها على نفسية الأطفال.
يقول الأعرج: "ينتهج الاحتلال سياسات مختلفة تجاه أسرى القدس تحديدًا، تختلف عن باقي المحافظات الفلسطينية، فبعد اعتقالهم يتم استقبالهم في أقسام أمنية يكون عليهم لجان مشرفة من الأسرى من القدس، البداية في مركز تحقيق المسكوبية، وتستمر فترة التحقيق ما بين أسبوع وحتى شهرين، فهو مركز توقيف سيء كما هو معروف، يتعرض الأطفال للتحقيق حيث يُمنع التعذيب الجسدي، ولكنهم يمارسون ضد الأطفال التعذيب النفسي، ويشرعون تجاوزات في القانون، للاعتداء عليهم، من قبل المحققين والسجانين.
بعد انتهاء فترة التحقيق، يتم نقلهم للسجن ومن ثم إلى المحاكم حتى أخذ لائحة اتهام وتثبيت التهم، رغم أن القانون يعطي حق أخذ استشارة قانونية ومحامي معهم إلا أنهم يتجاوزونها، وفي بعض الأحيان يتصلون الأشبال بالمحاميين قبيل التحقيق لأخذ إرشادات، وغالبًا يكون المحامي تابع لقضاء الاحتلال أيضًا.
"كالحاضنة العائلية"، يتعامل ممثلو الأسرى، مع الأشبال، لكسب ودهم ودمجهم، بعد الخوف والضغط الذين يتعرض له الأسرى في الأقسام والمعاهد، وما يسمى "مراكز الايواء"، فيضعون الأشبال بصورة الوضع، وكيفية فهم القوانين واللوائح المفروضة بالسجن، والنظام، لأنهم سيكونون جزء منه، بعد حكمهم وسيعيشون ضمن هذه الصورة، فيقوم الممثلين بإرشادهم كي لا يؤثر على نفسياتهم ولا على غيرهم.
سياسات كثيرة يتبعها الاحتلال تحت مسمى بدائل الاعتقال، فالاحتلال غير معني أن يعيش الأطفال بجو صحي وتنظيمي ووطني، يقول الأعرج:" الاحتلال كان يضغط تجاه بدائل الاعتقال، فالبديل الأول كان وضعهم في مراكز الايواء "الهوستيل" والمعاهد والمدارس الداخلية ومؤسسات التأهيل التي تخرطهم مع جنائيين ومجرمين وفي تلك الفترة يتم غسل أدمغتهم ومسح ذاكرتهم وتغيير ثقافتهم وتعليمهم المناهج الإسرائيلية، فكانت هناك ستة أقسام يتم توزيعهم عليها.
ويكمل الأعرج:" مراكز الايواء وما يسمى الهوستيل تكون للقاصرين تحت سن الثمانية عشر عامًا، فهذه السجون التي يوضع فيها القاصرين تكون مليئة بالمعتقلين الجنائيين على قضايا مخدرات وقتل واغتصاب. فيدمجوا الأسرى الأمنيين القاصرين أصحاب القضايا الصغيرة، كالحجارة والمولوتوف معهم، ما يؤثر على نفسياتهم وقد يخرج البعض منهم عنيفًا.
فهذه الحالات التي يتبعها الاحتلال هي جريمة بحد ذاتها، يوضع الأشبال في هذه المراكز التي تكون على شكل بيت مغلق وسط مرشدين ومشرفين يتم غسل أدمغة الأطفال فيها عن طريق نشر ثقافات وتعليم، لا تمت للوطن بصلة".
وعن البديل الآخر للاعتقال يقول الأعرج، إن الاحتلال فرض على الأهل أن يكونوا سجانين لأبنائهم عن طريق ما يسمى الحبس المنزلي، فيكون لفترات طويلة تحت رقابة الأهل فيمارسون دورهم كسجانين حتى موعد الحكم، حيث يكمل حكمهم بعد الحبسي المنزلي في داخل السجون، فهذا البديل يكون بموافقة الأهل والمحامي وبدعم وتشجيع ضابط السلوك بمنظومة الاحتلال، فيعتقد الأهل وخاصة الأمهات بأن هذا أفضل من السجن.
يبين الأعرج أن الحبس المنزلي يشكّل ضغطًا على الأهل والأطفال في الوقت ذاته، "حيث لا تعليم ولا عمل"، يكون الطفل مكبوتًا نفسيا ولديه طاقات عالية فمعظم الأطفال الذين أتوا من الحبس المنزلي، لإكمال الحكم في سجون الاحتلال كانوا عنيفين وعانوا من مشاكل عدة. فالأشبال يلزمهم عناية ومتابعة أكثر من الكبار.
يقول الأعرج:" كان هناك برنامج صارم وقاسي كون الاطفال في سن مراهقة عندهم طاقة كبيرة وتفكيرهم مختلف، كنا نوجههم في المسار الصحيح والتأهيل داخل السجن كتعليمهم الانضباط والالتزام، وتطوير أنفسهم وتعليمهم لحصد شهادة الثانوية العامة، وكل هذا كان بمثابة تحدٍ يخوضه القاصرون ضد سجانهم.
جملة من الانتهاكات الخطيرة يقوم بها الاحتلال بحقّ المعتقلين القاصرين المقدسيين والتي تسعى لسلخهم من هويّتهم المقدسية الوطنية، والسّيطرة على عقولهم في هذه المرحلة العمرية، بطريقة تنتهك كل الاتفاقيات والمواثيق الأخلاقية وما يتعلق بحقوق الطفل.
ويبين الأعرج، أن الاحتلال يفصل القاصرين من الضّفة عن القاصرين من القدس، وتعتقلهم في أقسام مختلفة، كما يحصل حين يتم نقل العديد منهم إلى سجن "أوفيك" الجنائي، حيث وفي كثير من الحالات يتم الاعتداء عليهم بالضرب والشتم وسرق مقتنياتهم من قبل سجناء.
ويشير إلى أن إدارات المراكز تسعى للسّيطرة على عقولهم، بمحاولات إدخال "الحشيش والمخدرات" إلى المركز عبر المرشد النفسي، وبإعطائهم أدوية مهدّئة خطيرة خلال ساعات النهار، وأدوية منوّمة خلال ساعات الليل، عرف منها حبوب "الريتالين" وغيرها، فيخرج الأسير إلى السّجن أو إلى بيته مدمناً على تلك الأدوية.
إيجابيات حملتها تلك الفترة في وسط الاشبال أكثر من سلبياتها، وفقًا للأعرج، وتمثلت بنجاح مهمة برنامجه وخطته التي وضعها لرعاية الأشبال، فنجح بتركه أثرًا في عقول ونفوس الأشبال الذين مرّوا في تلك الفترة، وبقي شعاره دومًا "كنّ رجلًا إذا أتوا بعده، قالوا: مرّ، وهذا الأثر".