شبكة قدس الإخبارية

"اتفاقية سيداو".. جدل حول حقوق المرأة والتشريعات الدينية

%D8%B3%D9%8A%D8%AF%D8%A7%D9%88
هيئة التحرير

رام الله – خاص قدس الإخبارية: منذ أن قررت السلطة الفلسطينية عزمها تطبيق اتفاقية سيداو الخاصة بالقضاء على التمييز ضد المرأة، اشتعل جدل واسع في الأوساط الفلسطينية حول بنود الاتفاقية وآليات تنفيذها وموائمتها للقوانين والتشريعات الفلسطينية.

وشهدت الأيام الماضية إصدار العديد من المواقف والفتاوي رأى غالبيتها صعوبة تنفيذ الاتفاقية في فلسطين، كونها تتعارض مع مصادر التشريع وتخالف قانون الأحوال الشخصية والقانون الأساسي الفلسطيني. وفي الوقت الذي رحبت بعض المؤسسات النسوية بالاتفاقية، إلا أن الكثير من الفلسطينيين عبروا عن تحفظهم للاتفاقية.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس صادق على اتفاقية سيداو بتاريخ 8 آذار/ مارس 2009، وبعدها تم التوقيع رسمياً على الاتفاقية في الأمم المتحدة بالأول من نيسان عام 2014م بدون أي تحفظات عليها، وهو ما أثار استغراب واستهجان الكثير من المؤسسات والشخصيات الدينية.

وتبع ذلك إعلان رئاسي عام 2018 صدر بتوقيع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتشكيل الفريق الوطني لمناقشة التقرير الأولي لدولة فلسطين الخاص باتفاقية سيداو، وتبعه تحديد سن الزواج لأكثر من 18 عاماً كأول البنود التي تنفذ بضغط من الاتفاقية في المجتمع الفلسطيني، وهو ما فتح الباب للكثير من النقاشات والاستفسارات حول الاتفاقية.


ما هي الاتفاقية؟

اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وتعرف اختصاراً بـ سيداو، هي معاهدة دولية اُعتُمِدَت بواسطة اللجنة العامة للأمم المتحدة عام 1979، وأهم مخرجاتها هي التساوي في الحقوق بين الرجل والمرأة، واتخاذ الدول الموقعة عليها جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة، وشملت المادة رقم 16 بالاتفاقية العديد من التحفظات في الدول العربية والإسلامية التي وقعت على سيداو، خاصة أنها تتحدث عن المساواة مع الرجل في الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية؛ وهو ما اعتبر أنه يخالف جزءاً من الدين الإسلامي والعادات والتقاليد العربية.

كما احتوت بنود الاتفاقية على المساواة بالحقوق والمسؤوليات فيما يتعلق بالزواج والولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم، والحق في اختيار اسم الأسرة والمهنة ونوع العمل، والحقوق لكلا الزوجين فيما يتعلق بملكية وحيازة الممتلكات والإشراف عليها وإدارتها والتمتع بها والتصرف فيها، سواء بلا مقابل أو مقابل عوض.

ونصت الاتفاقية على أن "لا يكون لخطوبة الطفل أو زواجه أي أثر قانوني، وتتخذ جميع الإجراءات الضرورية بما في ذلك التشريعي منها، لتحديد سن أدنى للزواج ولجعل تسجيل الزواج في سجل رسمي امراً إلزامياً"، وهو ما طبق مؤخراً في المحاكم الفلسطينية عبر تعديل القانون القديم.

                                                                      توقيع بدون تحفظ


جميع الدول العربية ما عدا السودان والصومال، وقعوا على الاتفاقية وكانت مصر من أول الدول الموقعة على الاتفاقية عام 1981م، فيما كانت فلسطين آخر دولة توقع عليها عام 2014م.

وأبدت معظم الدول العربية تحفظاتها على بعض بنود الاتفاقية، وذلك استنادًا إلى تعارضها مع تشريعاتها الوطنية، أو بسبب تعارض بعض موادها مع الشريعة الإسلامية وخاصة المادة رقم 16، وتكاد تكون فلسطين هي الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي وقعت بدون أي تحفظ على جميع البنود بالاتفاقية.

كما أن دولة الاحتلال الإسرائيلي أعربت عن تحفظها على بعض مواد الاتفاقية بينها المادة 16 حينما وقعت على اتفاقية سيداو، بحسب ما أظهرته وثيقة صادرة عن خارجية الاحتلال.


                                                               توصيات للسماح بالإجهاض والزنا

منظمة هيومن رايتس ووتش ومركز المرأة للإرشاد القانوني أعدوا ورقة توصيات داعين لنشر نص اتفاقية سيداو في الجريدة الرسمية الأمر الذي لم يحدث بعد وهو ما تطالب به الجمعيات والمؤسسات النسوية، مما يجعل الاتفاقية مُلزمة كقانون محلي.

ومن ضمن التوصيات أن يتم التصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية سيداو كأداة للمساءلة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، وتعديل قوانين الأحوال الشخصية الإسلامية والمسيحية لضمان تمتع المرأة بحقوق مُتساوية مع الرجل فيما يتعلق بالزواج، والطلاق، والحضانة، والوصاية على الأطفال والميراث.

وكان من أبرز التوصيات الواردة في التقرير هو رفع الحد الأدنى لسن الزواج إلى 18 سنة، والسماح للنساء بالولادة في المستشفى وتسجيل أطفالهن من دون شرط تقديم عقد الزواج، وتعديل قانون العقوبات لسنة 1960 الساري في الضفة الغربية وقانون العقوبات لسنة 1936 الساري في غزة، لإلغاء تجريم الإجهاض وضمان الحصول الآمن والقانوني على حق الإجهاض.

كذلك دعا التقرير إلى إلغاء الحكم الوارد في المادة 62 الذي يسمح للآباء "بتأديب" أطفالهم حسب العرف العام، وإلغاء الحكم الوارد في المادة 286 الذي يمنح فقط أفراد الأسرة الذكور الحق في رفع دعوى سفاح القربى نيابة عن القاصرين وإلغاء المادة 284 التي تحظر الزنا (العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج).
 

                                                                               اتفاقية لصالح المرأة

من جانبها، قالت رندة سنيورة المدير العام لمركز المرأة للإرشاد القانوني، إن التقرير الأخير الذي أعده المركز بالشراكة مع منظمة هيومن رايتس ووتش يأتي كتقرير ظل لاتفاقية سيداو.

وأوضحت سنيورة لـ "شبكة قدس" أن ما يتم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي من قبل بعض الجهات يأتي في إطار مصالحها ومحاولة تشويه الاتفاقية.

وأضافت: "الناس الرافضة باعتبارها غير منسجمة مع عاداتنا وشريعتنا وكل هذه ادعاءات خاطئة، حيث تم اجتزاء بعض ما ورد في التقارير"، مستشهدة بمثال مما ورد: "نحن تحدثنا عن موضوع العنف ضد المرأة وقلنا إن النساء الذين يتعرضون لاعتداءات جنسية، ومن أجل حماية صحتهم يجب أن يكون الإجهاض متاحاً وآمناً، خصوصاً أن بعض الحالات تكون نتيجة سفاح الأقارب أو العنف داخل الأسرى".

وواصلت بالقول: "نحن لم ندع لأن يكون للمرأة علاقات خارج إطار الزواج ونحن نعلم عقلية المجتمع فنحن مؤسسة وطنية نسوية تدافع عن حقوق الناس المعنفات، ويجب عدم إخراج التوصيات من سياقها".


                                                                           تتعارض مع الشريعة

من جهته يقول خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري إن أصل التشريع للمجتمعات الإسلامية هو القرآن الكريم والسنة النبوية.

ورأى صبري في حديث خاص لـ "شبكة قدس" أن اتفاقية سيداو تمس بأمور عدة أبرزها قضايا الإجهاض والزواج والميراث وجوهر العلاقة الحميمة بين الزوجين وغيرها من التفاصيل التي تتعارض مع طبيعة المجتمع الفلسطيني.

وأضاف خطيب المسجد الأقصى أن الأصل في النظر في هذه الأمور هم المشرعين والمختصين الشرعيين والفقهاء في الشريعة الإسلامية لا السياسيين أو الإداريين.

وانتقل صبري للحديث عن تحديد سن الزواج في فلسطين بـ 18 عاماً قائلاً: "على أي أساس تم تحديد سنة الزواج ففي الإسلام الأمر مرتبط بالبلوغ ولا بد من النظر لكل حالة على حدا لا أن يتم تحديده".

وتساءل خطيب الأقصى بالقول: "لماذا كان التحديد بـ 18 عاماً ولماذا ليس 19 عاماً أو 17 عاماً، كان الأولى أن يتخذ قرار بوضع الأمر في يد قاضي المحكمة الشرعية وأن ينظر لكل حالة بشكل منفرد ويتخذ قراراه وليس بهذه الطريقة".

وعن بعض المسائل الأخرى المتعلقة بالمرأة علق قائلاً: "كان يمكن أن يجري معالجة ذلك وفق قانون الأحوال الشخصية وليس بالتوقيع وتنفيذ اتفاقية سيداو التي لا تتناسب بالمطلق مع المجتمعات العربية والفلسطيني".

واعتبر خطيب الأقصى أن تنفيذ هذه الاتفاقية في فلسطين سيساهم في خلق مشاكل عديدة خصوصاً وأنها تضرب جوهرة علاقة المرأة بالمجتمع الفلسطيني وفيه مخالفة لقواعد واضحة في الشريعة الإسلامية.


                                                                 وزيرة المرأة تدعم الاتفاقية

في السياق، أكدت وزيرة شؤون المرأة آمال حمد في تصريحات صحافية توقيع فلسطين على اتفاقية سيداو بدون أي تحفظات، مشيرة إلى أن ما يجري من بعض المؤثرين ورجال الدين تجاه الاتفاقية هي محاولة شيطنة لها.

وأضافت حمد: "التحريض والابتزاز واستهداف النساء غير مقبول ونشر اتفاقية سيداو هو التزام قانوني ودولة فلسطين وقعت عليها بدون تحفظات وبات علينا استحقاقات نشره".

لكن وفقاً لمديرة مركز المرأة سنيورة فإن الحديث عن تعارض الاتفاقية مع بنود الشريعة الإسلامية غير صحيح، سيما المادة 16 التي تتحدث عن الحقوق العائلية وهي تتعارض مع بعض العقليات "الظلامية" خصوصاً أنها تتحدث عن مبدأ المساواة، بحسب قولها.

وأكملت بالقول: "توصيات اللجنة بعد استعراض تقرير دولة فلسطين منحتها مقترحات لتوصيات لتنفيذها تدريجياً ولا يوجد أحد يجبر فلسطين أن تنفذها مرة واحدة خصوصاً في ظل عدم وجود مجلس تشريعي وتعطله، وصعوبة تمرير مثل هذه التشريعات".

وأشارت إلى أن هناك مؤسسة دولية تعمل على تفسير القوانين والاتفاقيات وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية وهي أعطت الكثير من التفسيرات، واللجنة منحت فلسطين الحق في الحصول على الممارسات الإيجابية من أجل موائمة التشريعات مع الاتفاقية وفقا لطبيعة فلسطين.

وبينت أن اللجنة طالبت فلسطين بتنفيذ قانون حماية الأسرة من العنف خصوصاً أنه تم المطالبة به قبل اتفاقية سيداو وتحديداً عام 2006، خصوصاً أن كل ثلاث نساء من أصل 10 يتعرضن للعنف بنسبة تصل لأكثر من 27%، وفقا لما ذكرته.

ولفتت إلى أن فلسطين كدولة موقعة على الاتفاقية مطالبة بتنفيذها في إطار فهمها إلا أنها ملزمة بتنفيذ جميع بنودها غير أنها لا تتحدث بالتفاصيل وتتحدث في إطار بنود، مشيرة إلى أن فلسطين مطالبة بعد عامين بتطبيق 4 بنود فقط من الاتفاقية.

ووفقاً لسنيورة فإن البنود المطالبة من فلسطين تتمثل في نشر الاتفاقية في الجريدة الرسمية من أجل الاستئناف عليها في القضاء الفلسطيني، وتبني البروتوكول الملحق بالاتفاقية والذي يتيح الشكاوي الفريدة والذي يمنح المرأة اللجوء للمنابر الدولية وانضمت فلسطين لهذه، ومراجعة القوانين والتشريعات، ومحاولة تنفيذ الاتفاقية وفقاً لموائمتها مع الشريعة الإسلامية، حيث يجب أن تنفذ فلسطين ذلك في تموز/ يوليو 2020.
 

                                            رأي قانوني .. لماذا لم تتحفظ السلطة ؟

من جهته، قال أستاذ القانون الدولي نافذ المدهون إن ما يؤخذ في تصرف السلطة الفلسطينية وتعاملها في ملف اتفاقية سيداو هي أنها لم تسجل أي تحفظ في الوقت الذي سجلت فيه دولة الاحتلال ومصر والأردن والسعودية تحفظات على الاتفاقية رغم التوقيع عليها.

وأوضح المدهون لـ "شبكة قدس" أن السعودية لوحدها سجلت أكثر من 40 ملاحظة على الاتفاقية الخاصة بوقف التمييز ضد المرأة، مشيراً إلى أن جميع الدول التي توقع تسجل ملاحظات عليها بسبب طبيعة المجتمعات وعادات وتقاليد كل مجتمع.

وبين أستاذ القانون الدولي أن الاتفاقية بها أمور لصالح المرأة في الوقت الذي هناك علامات لا تتوافق مع الشريعة الإسلامية التي تعتبر مصدر التشريع الأول وفقاً للقانون الأساسي الفلسطيني، مبيناً أن الاتفاقية تتعارض مع الدستور ومع قانون الأحوال الشخصية.

واعتبر المدهون أن تنفيذ الاتفاقية بهذه الطريقة فيه كسر للقانون الفلسطيني وهو الأمر الذي كان يجب أن يتم تسجيل ملاحظات على الاتفاقية حال توقيعها مع الأخذ بعين الاعتبار طبيعة المجتمع الفلسطيني وعاداته وتقاليده السائد فيه على مدار العصور.

                                            حزب التحرير و حملته ضد الاتفاقية

من جانبه، قال عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين مصعب أبو عرقوب إن رفض الاتفاقية مرتبط بعدة عوامل أبرزها أنها تتعارض مع الشريعة الإسلامية وتساهم في ضرب المجتمع الفلسطيني من الداخل والمساس بهذه الأمور.

وأضاف أبو عرقوب لـ "شبكة قدس" أن السلطة تتحدث عن رفع سن الزواج للفتاة إلى 18 عاماً غير أن القرار يشمل كذلك الذكور، مردفاً: "بالتالي الاتفاقية تشمل كذلك الذكور وهذه الاتفاقية غير مناسبة للمجتمع الفلسطيني الذي تعتبر الشريعة الإسلامية أصل تشريعاته".

واعتبر عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير أن هناك الكثير من البنود التي هي ضمن الاتفاقية تتعارض مع الأحكام الإسلامية، مواصلاً: "على سبيل المثال الاتفاقية تعامل المرأة كالرجل في الميراث وتلغي العدة ويمنح المرأة أن تتزوج متى تشاء ويجعلها مسؤولة عن نفسها ويمنع الأسرة من معاقبة ابنها وغيرها من البنود".

وشدد أبو عرقوب على أن كل مخرجات اتفاقية سيداو تتناقض مع الشريعة الإسلامية، خصوصاً أنها تمنح حرية مطلقة للمرأة فيجعلها تسجل الأطفال باسمها وتطلق نفسها بنفسها وكل هذه الأمور تأتي عبر الجمعيات النسوية التي تضغط لتنفيذ الاتفاقية.

وأشار إلى أن السلطة الفلسطينية وقعت على الاتفاقية دون أن تسجل أي تحفظ ووقعت كذلك على الملحق الاختياري للاتفاقية دون تحفظ، لافتاً إلى أن هناك مجموعة من القوانين والبنود التي يراد لها أن تفرض على فلسطين بالقوة دون مراعاة لواقع فلسطين.

هناك خصوصية لفلسطين وما يجري تطويع لخصوصيتها عبر كسر حصون الأسرة عبر عدم إعطاء الأب فرصة تأديب ابنه وعدم منح ولاية على زوجته وغيرها من التفاصيل، وفقاً لما قاله.

 

                                                            نقابة المحامين ترفض

من جانبه، أعلن نقيب المحامين جواد عبيدات رفض نقابة المحامين لاتفاقية "سيداو" وأكد تمسك النقابة بقرار المحكمة الدستورية الخاص بالاتفاقيات الدولية.

وقال عبيدات في تصريحات صحافية: "لا نوافق على اتفاقية سيداو، بل نحن نتمسك بقرار المحكمة الدستورية الخاص بكافة الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها دولة فلسطين، حيث جاء نص المحكمة الدستورية واضحاً وصريحاً بأن لا تتعارض الاتفاقيات الدولية مع القيم والديانات في فلسطين".

وأضاف: "إذا رجعنا إلى هذه الاتفاقية، نجد أن هناك الكثير من البنود لا تتمشى مع الأديان والقيم السارية في فلسطين، لذلك نرى أنه يجب إعادة النظر بهذه الاتفاقية، التي تخالف ما صدر عن المحكمة الدستورية."

وتابع: "الاتفاقية لا تتعارض فقط مع القوانين السارية في فلسطين، وانما تتعارض مع الأديان في فلسطين مما يجعل من تطبيقها أمراً مستحيلاً".

وأوضح عبيدات أن الاتفاقية تنص على قضايا تتعلق بحرية الارتباط وطريقة الزواج، وزواج المثليين، وطريقة تعليم الطفل، وحقوق الطفل، والأبوة، والميراث، وغيرها من الأمور الكثيرة التي تتعارض مع الديان.

                                                                                 موقف مغاير

من جانبه، قال المختص في الشأن القانوني عصام عابدين إن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) جاءت تتويجاً لجهود كبيرة على مدار سنوات طويلة، ورغم التمييز واسع النطاق بين نصوص الاتفاقية قياساً على التطبيق.

وأضاف عابدين في منشور  عبر حسابه في فيسبوك: "رغم تأكيد نصوص الاتفاقية على واجب ضمان المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق، وربط المساواة بالتنمية المجتمعية وتقرير المصير، وتمكين المرأة في صناعة سياسة الحكومة، والتمثيل على المستوى الدولي، والتعليم النوعي، وفي ميدان العمل، إلا أن هناك من يرى، بغير حق أو أساس في نصوص الاتفاقية، أنها تدعو إلى الفسق والفجور والانحلال وتُدخِل إلى نار جهنم".

واعتبر أن اللافت في ردود الأفعال، حجم المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي، الذي ينحسر بشكل كبير، يكاد لا يُذكر، عندما يدور الأمر عن تدهور كبير في النظام السياسي برمته، وانتهاكات للسلطة التنفيذية وأجهزتها من استدعاءات واعتقالات وجرائم إلكترونية وتعذيب وسوء معاملة وفساد وتجاوزات إدارية ومالية وتدهور في القضاء والتعليم والصحة وخطب جاهزة توزع على المساجد.

ورأى عابدين أن بعض التعليقات، تعيد إلى الأذهان، نهج قانون ساكسونيا، وهي ولاية ألمانية قديمة، كان القانون فيها يُطبق على الفقراء فقط، ولا يُطبق على الأغنياء والمتنفذين، كان يُجسّد الظلم والقهر والاستبداد وسطوة ذوي المال والنفوذ؛ كان يبحث عن الحلول التي تُناسبهم فقط.

                                                       غير ملزمة

من جهته، يقول القاضي عبد الله حرب رئيس هيئة التفتيش القضائي في ديوان قاضي القضاة إن فلسطين غير ملزمة بتنفيذ هذه الاتفاقية في البنود التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية.

وكتب حرب في منشور عبر صفحته في فيسبوك قائلاً: "وقعت فلسطين على اتفاقية سيداو عام ٢٠١٤م دون تحفظات وكان توقيعا سياسيا بعد الاعتراف بدولة فلسطين كعضو مراقب، إلا أن الرئيس عباس أكد أن كل ما يخالف الشريعة الإسلامية لا يمكن قبوله حتى لو وقعنا عليها دون تحفظ".

وأردف قائلاً: "الطعن الدستوري رقم ٤/٢٠١٧ المنشور في الوقائع الفلسطينية بتاريخ ٢٩/١١/٢٠١٧م (... تأكيد سمو الاتفاقيات الدولية على التشريعات الداخلية بحيث تكتسب قواعد هذه الاتفاقيات قوة أعلى من التشريعات الداخلية بما يتلاءم مع الهوية الوطنية والدينية والثقافية للشعب العربي الفلسطيني ".

وواصل قائلاً: "التفسير الدستوري رقم ٥/٢٠١٧ المنشور في الوقائع الفلسطينية بتاريخ ٢٥/٣/٢٠١٨م (... تعتبر وثيقة الاستقلال جزء لا يتجزأ من المنظومة الدستورية في فلسطين بل وأعلامها سموا، يأتي بعدها القانون الأساسي الفلسطيني فإن المعاهدات والاتفاقيات الدولية تأتي في مرتبة أقل من القانون الأساسي، يأتي بعدها مختلف التشريعات المعمول بها في فلسطين".