يعتبر فن الحوار والاقناع هو الأسلوب والمهارة التي يستخدمها الفرد في التأثير وإقناع الآخرين بفكرة معينة وتحشيدهم حولها وتأيدهم لها.
فالفرد المستخدم لهذا الأسلوب يعمل على مخاطبة العقول والقلوب، وهو فن لا يجيده إلا من يمتلك أدواته حتى يحقق هدفه من الإقناع.
ولكي يتحقق هذه الهدف يجب أن تُوظف جميع القدرات والكفاءات والمهارات الذاتية التي تتوافق وتتلائم مع الفكرة التي تحتاج إلى تحشيد الرأي عليها، ومخاطبة الناس على قدر عقولهم.
ولنا في رسولنا الكريم أسوة وقدوة حسنة في استخدام هذا الأسلوب في التعامل مع الصحابة والتابعين وسنذكر صورتين من تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مستخدماً هذا الأسلوب، وهذا على سبيل المثال لا الحصر.
- الصورة الأولى: انظر إلى تعامل النبي صلى الله عليه وسلم بالحوار والإقناع العقلي مع ذاك الشاب الذي طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يسمح له بالزنا، فرد النبي عليه الصلاة والسلام بأسلوب عقلي ومقنع موضحاً له قبح طلبه وشناعة تلك المعصية التي يأباها كل أفراد المجتمع، وبعدها أنهى حديثه صلى الله عليه وسلم مع الشاب ووضع يده الشريفة برفق على صدر الشاب داعياً له بالمغفرة وطهارة القلب واحصان الفرج وخرج الشاب من عند النبي، والزنا أكره شيء عنده.
- الصورة الثانية: كما استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم الحوار الإقناعي في التأثير على المدعوين عندما حضهم على الاستجابة ولإقامة الحجة على الناس، كحواره مع الرجل الذي جاء يستفتيه عن شأن أخته فقال: (إن أختي نذرت أن تحج وإنها ماتت)، فقال عليه الصلاة والسلام: (لو كان عليها دين أكنت قاضيه) قال: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم (فاقض فهو أحق القضاء).
- الأشياء التي يجب أن يتميز بها الفرد المستخدم للإقناع:
- الثقة بالنفس: والقدرات والمهارات التي يمتلكها الفرد، بحيث لا تتحقق الأحلام والأماني إلا بالثقة بالنفس وبالمستقبل الذي ينتظره والذي يحتاج إلى عمل وليس تهاون تسويف.
- تحديد الهدف: فهذا يتطلب من الفرد أن يكون على دراية تامة في ما يريده من حياته والأهداف التي يريد تحقيقها، فهذا ما يعرف باكتشاف الذات وتقديرها، فقد أثبتت بعض الدراسات أن من يقدرون ذواتهم يستطيعوا أن يؤثروا بالآخرين بقوة ويكون لديهم قدرة عالية على الاقناع والتأثير الكبير فيهم، أما الأشخاص الذين يكون لديهم تقدير منخفض لذواتهم ينعكس على نجاحهم وتأثيرهم على الآخرين مما يؤثر على الذات والاقناع بشكل كبير مما يجعلهم يجدون صعوبة في إقناع الآخرين لأنهم غير راضين عن أنفسهم وقدراتها ومهاراتهم، وهذا باختصار ما ينطبق عليه القول: "فاقد الشيء لا يعطيه".
- مواجهة الخوف: الذي بداخله فالإنسان يولد ولديه نوعان من المخاوف (خوف من السقوط، وخوف من الأصوات العالية) فكثير من العلماء ومن هم الآن من البارزين في الإلقاء والاقناع استطاعوا السيطرة على مخاوفهم.
- مراعاة المواضيع التي يتم اختيارها والأفكار التي يريد طرحها ومشاركة المجتمع بها، وعليه تقديم الأدلة والبراهين على المواضيع التي يوجد بها خلاف وتكون مثيرة للجدل.
- ألا يكون للفرد أهواء أو رغبات أو منفعة شخصية من المواضيع التي يطرحها، فالآخرين لا يثقون بمن لديه أهداف ومطامع شخصية من خلال طرحه للمواضيع.
- هناك عدة عوامل يتوقف عليها نجاح الإقناع:
- إخلاص النية والتوكل على الله سبحانه وتعالى في كل فعل وخطوة يقوم بها الفرد في حياته.
- أن يكون لدى الفرد قناعة تامة وإيمان صادقاً بأفكاره وآرائه التي يطرحها حتى يستطيع أن يقنع غيره بها، فإذا اقتنع الآخرين بأفكاره فيحترمون فكرته ويقدرونها.
- امتلاك الأساليب والوسائل الناجحة في الحوار والتعامل مع الآخرين.
- المعرفة الكاملة بظروف وأحوال ورغبات والقيم والأفكار التي يحملها الطرف الآخر.
- الاستماع الجيد للآخرين كما تريد أن يستمع إليك الآخرين يجب أن تكون أنت أيضاً مستمعاً جيداً لهم؛ حتى يتكون لديك فكرة عن ما لديهم من أفكار فسيهل إقناعهم.
- أن تكون الآراء قائمة على الصدق والصراحة وليست قائمة على الغش والخداع بين المستخدم للأسلوب والمستهدفين.
- أن تكون الأفكار قائمة على أساس التفكير والإثبات والدلائل والبراهين والكلام الواضح حفاظاً على عدم إهدار الوقت في الإقناع.
- امتلاك السمات والصفات التي تجذب وتقرب الآخرين من الفرد مثل (الخلق الحسن، اللباقة في الحديث والتعامل، الثقافة الواسعة، والابتسامة).
- وجود تغذية راجعة تدل على التفاعل والإيجابية من الطرف الآخر، وتدل على التجاوب والإعجاب بالحديث معهم.
أما النصيحة التي يجب أن نبرزها في نهاية هذ المقال هو يجب على الفرد أن يطرد الخوف الذي بداخله، وأن يقدر ذاته ويمنحها الثقة التي تؤهله لتحقيق الأهداف التي يريدها.