فلسطين المحتلة – قدس الإخبارية: قبل 19عامًا ومن باحات المسجد المقدس في العاصمة الفلسطينية القدس، اندلعت الشرارة الأولى للغضب الفلسطيني المتركم نتيجة إيغال الاحتلال في الدم الفلسطيني واجراءته الاحتلالية، فكانت الشرارة تدنيس المتطرف آريئيل شارون لباحات قبلة المسلمين الأولى.
تسلسل أحداث
في 28/9/2000 اندلعت مواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال عقب اقتحام المتطرف شارون لباحات المسجد الأقصى، مما أسفر عن إصابات في صفوف الشبان وقوات الاحتلال، وعلى إثر الأحداث امتدت المواجهات خلال اليوم التالي لمناطق عدة وأسفرت عن استشهاد ستة فلسطينيين ووقوع عشرات الجرحى.
في 30/9/2000 عم الإضراب المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية واستشهد 13 فلسطينيًا وأصيب المئات، وكان الحدث الأبرز باستشهاد الطفل محمد جمال الدرة في أحضان والده وأمام عدسات الكاميرات وجنود الموت يحيطون بهم من كل جانب، وباتت صورته أحد أبرز صور الانتفاضة محليًا وعربيًا ودوليًا.
صعّد الاحتلال من إجرامه، واستخدم المروحيات، وكانت أعداد الشهداء تتسارع بشكل غير متوقع وكانت أيام الاشتباكات تشهد في اليوم الواحد مئات الإصابات، وفي رابع أيام الانتفاضة توسعت ثورة الشعب الفلسطيني جغرافيًا، حيث امتدت المواجهات إلى الأراضي المحتلة خلال نكبة عام1948، وشهدت ارتقاء أول شهيد وهو الشاب عمر أحمد جبارين قرب أم الفحم، ثم توالى ارتقاء الشهداء في الأيام التالية.
12/10/2000 قصفت طائرات الاحتلال مقار للسلطة الفلسطينية في الضفة وغزة، في أعقاب مقتل جنديان في جيش الاحتلال بعد دخولهم رام الله على أيدي الشبان الفلسطينيين الغاضبين على مشاهد الأشلاء من أبناء شعبهم.
16/10/2000 اجتمع الرئيس عرفات بكلينتون وباراك في شرم الشيخ من أجل التوصل لاتفاق هدنة، وبالفعل اتفق الطرفان فيما بعد على وقف إطلاق النار وسحب القوات الإسرائيلية، لكن بعد أيام استشهد 9 فلسطينيين وجرح العشرات برصاص الاحتلال، مما فجّر المواجهات من جديد، واضطر الفلسطينيون للعمليات الإستشهادية لمواجهة جرائم الاحتلال.
21/1/2001 أُجريت محادثات طابا لمحاولة إنعاش عملية السلام والوصول إلى تسوية في قضايا الحل النهائي، لكن انتهت المحادثات بلا اتفاق، وبعد أسبوعين اُنتخب المتطرف آريئيل شارون زعيم حزب الليكود آنذاك رئيسًا لحكومة الاحتلال.
18/3/2001 سقطت أول قذيفة هاون على مستوطنات غلاف غزة، وتوالت عمليات التصنيع والتطوير لصناعة قذائف هاون أكثر قوة بالإضافة إلى صناعة صواريخ قادرة على إيلام الاحتلال، ورغم بدائية التصنيع في البدايات الأولى ورغم الاستهزاء بأثرها إلا أنّها باتت فيما بعد أحد أبرز أسلحة المقاومة الفلسطينية.
تصاعدت فيما بعد حدة الانتفاضة وعملت المقاومة الفلسطينية على تكثيف عملياتها الإستشهادية داخل كيان الاحتلال، وسجلت الانتفاضة حالات كثيرة أوقعت العمليات الاستشهادية فيها أعداد كبيرة من القتلى الصهاينة، ومن أبرزها عملية الاستشهادي سعيد الحوتري في "تل أبيب" والتي أوقعت عشرات القتلى والجرحى في صفوف المستوطنين، كما واصلت دولة الاحتلال حربها ضد الفلسطينيين وصّعدت عملياتها بالقصف الجوي لنشطاء في حركات المقاومة ومقار للأجهزة الأمنية الفلسطينية.
أرقام ووقائع
وبحسب إحصاءات رسمية إسرائيلية، فإن 1069 إسرائيليًا (334 جنديًا و735 مستوطنًا) قتلوا خلال سنوات الانتفاضة، وجرح نحو 4500 آخرين، وأعطبت أكثر من 50 دبابة إسرائيلية.
واستخدم الاحتلال خلال الانتفاضة سياسة الاغتيالات المباشرة، فاستهدف كل من مؤسس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أحمد ياسين، ومن خلفه في رئاسة الحركة عبد العزيز الرنتيسي، والكثير من قيادات الحركة السياسيين، إضافة إلى الأمين العام للجبهة الشعبية أبو علي مصطفى.
كما اغتالت "إسرائيل" الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بالسم بحسب ما أكدت تقارير وتحقيقات صحفية استندت على تحاليل مخبرية لبعض مقتنيات الرئيس الراحل، وشكلت السلطة الفلسطينية لجنة تحقيق للكشف عن ملابسات ذلك، لكن نتائجها لم تظهر حتى اليوم.
وشهدت عواصم عربية ودولية مظاهرات حاشدة لدعم الشعب الفلسطيني في مواجهة البطش الإسرائيلي، لكن القرار الرسمي العربي لم يرتق للمستوى المطلوب شعبيًا واقتصر على كلمات الدعم والمساندة دون حراك جدي على الأرض.
وعلى الصعيد الدولي، قدّمت بعض الدول احتجاجات رسمية على الاعتداءات الإسرائيلية والاستخدام غير المتوازن للقوة ضد الشعب الفلسطيني، وصدرت العديد من القرارات والمقترحات الدولية التي تعتبر وثائق إدانة لـ "إسرائيل".
وواصلت دولة الاحتلال جرائمها ضد الفلسطينيين خلال الانتفاضة، وفي خطوة صادمة توغلت دبابات الاحتلال وجرافاته خلال عملية "السور الواقي" في 29/3/2002 إلى داخل المدن الفلسطيني فشنت حربًا برية وجوية، لتكون المعادلة دولة بأعتى الأسلحة ضد مسلحين ببنادق بسيطة، وشاهد العالم جرائم الاحتلال في مخيم جنين وباقي المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، بالإضافة إلى محاصرة مقر الرئيس أبو عمار في رام الله.
ومن أبرز أحداث هذه الانتفاضة هو اغتيال وزير السياحة في حكومة الاحتلال الإسرائيلي (رحبعام زئيفي) على يد مقاومين من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ومقتل قائد وحدة المظليين في جيش الاحتلال (الكوماندوز) في معركة مخيم جنين، التي قتل فيها 58 جنديا إسرائيليا وجرح قرابة 140 آخرين.
الثورة مجددًا
هدأت نار انتفاضة الأقصى في الثامن من فبراير 2005 بعد اتفاق هدنة في قمة "شرم الشيخ"، غير أن الانتفاضة الفلسطينية لم تنته لعدم توصل الفلسطينيين والإسرائيليين إلى أي حل سياسي واستمرار الجرائم الإسرائيلية وسياساته التهويدية ومصادرته الأراضي وبناء المستوطنات وحصار غزة والاعتقالات وهدم المنازل واستمرار المواجهات واقتحام المدن.
وبعد انحسار الانتفاضة الثانية بشكلها العسكري، وفي ظل انسداد الأفق السياسي بسبب التعنت الإسرائيلي في مفاوضات التسوية مع السلطة واستمرار الجرائم الإسرائيلية، انطلقت شرارة انتفاضة القدس بداية تشرين أول 2015، وسيمت بـ"انتفاضة القدس" و"انتفاضة السكاكين"؛ حيث تميزت بعمليات فدائية نوعية، كان أبرزها عمليات الطعن المتكررة لجنود الاحتلال ومستوطنين إسرائيليين بالإضافة إلى عمليات الدهس وإطلاق النار، ولا يزال الاحتلال حتى اليوم عاجز عن مواجهتها بسبب التوجه الفردي لأصحابها في الغالب وعدم عملهم ضمن خلايا منظمة يمكن اختراقها.