في غضون 5 أشهر، ومنذ نيسان الماضي لعام 2019، تعاد انتخابات الكنيست في دولة الاحتلال لأول مرّة منذ عام 1948، إلا أن الخطاب الإسرائيلي المتمثل في الاحزاب اليمينية الأكثر تطرفًا، لم تختلف في مضمونها صوب الفلسطينيين العرب داخل الأراضي المحتلة عام 1948.
ولعلّ مساعي الأحزاب اليمينية واضحة في إجلاء صورة العربي وطرده بشتّى الوسائل، إذ أنه في كلّ عملية انتخابية، تتزايدُ عمليات التحريض الإعلامي صوب الناخبين العرب، والذين يتنافسون على مقاعد الكنيست من خلال عدد من الأحزاب العربية، إذ خاضت القائمة العربية المشتركة عام 2015 باتحادِ 4 أحزاب، قبل أن يتم فضُّ الشراكة بينها عام 2019، هذا التكتل العربي يساهم في الحفاظ على حقوق الفلسطيني العربي، لمواجهة الصلف الصهيوني، الرامي بترحيله من الأراضي، وإحلال العرق اليهودي بدلًا منه.
إن مضامين العنصرية بخلاف العديد من القضايا التي يواجهها الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة، تتمثل في الانتخابات الاسرائيلية، إذ أنه في انتخابات الكنيست الثاني والعشرين، ارتفعت وتيرة التحريض الإعلامي، خاصةً مع الانتخابات المعادة في أيلول 2019، إذ اتهم بعض القادة السياسيين الاسرائيليين، أن السبب في عدم وصول نتنياهو لتشكيل الحكومة، هو تجاوز القائمة العربية لنسبة الحسم بحصولهم على 10 مقاعد من أصل 120 مقعدًا، وبالرغم من النسبة المنخفضة للناخبين العرب آنذاك، إلا أن السياسيين الاسرائيليين، اعتبروا أن وجود العرب يشكلون خطرًا عليهم، خاصة مع تواجدهم في الكنيست، وتبيّن الإقصاء للأحزاب العربية من خلال إصرار نتنياهو على تمرير قانون "كاميرات المراقبة" في مراكز الاقتراع الخاصة بالناخبين العرب؛ بحجة منع التزوير، وهذا بيّن حجم العنصرية لدى نتنياهو الذي فشل في تمرير القانون بعد القراءات الثلاث.
وفي كلّ عمليةٍ انتخابية لأي نظامٍ سياسي يخضع للعديد من الشروط المستوفاة من دستوره، إلا أن اسرائيل ركزت في شروط من يحق لهم الانتخاب، وهم الذين يمتلكون المواطنة وليس الإقامة، إذ تم تحييد قرابة 335 ألف من أهالي القدس والجولان؛ كونهم يحملون الإقامة، وليس المواطنة، هذه الشروط تنطبق على 6 ملايين ناخب وناخبة من بينهم 900 ألف عربي، إلا أن حجم العنصرية الممارسة على الناخبين العرب، أثرت بدرجة كبيرة في إقبالهم على رفع صوتهم، في أكثر الدول تشددًا وعنصريةً وأكثر عدائية للعرب، فمثلا نيسان المنصرم كانت مشاركة العرب وصلت إلى 52%، عدا عن التضييق الممارس على بدو النقب، إذ تم حظر نقلهم إلى مراكز الاقتراع؛ بحجة عدم الاعتراف بها.
هذه العنصرية رافقت المشروع الصهيوني من استيطانه وتوسعه على حساب أراضي الفلسطينيين المسيطر عليها في عامي 1948، 1967، والعنصرية هذه رافقت نتنياهو من خلال تقلده لمنصب رئيس الحكومة بشكل متواصل منذ عام 2009، إذ ارتفع خطابه الرامي لتوسيع المستوطنات، ومصادرة الأراضي الفلسطينية، سلب حقوق الفلسطينيين في الداخل، وبحسب محللين ومختصين في الشأن الاسرائيلي، إن الطريق لهزيمة نتنياهو سياسيًا، أن ترتفع نسبة مشاركة العرب في الانتخابات إلى 65%، واليهود المحسوبين على اليسار في تل أبيب وحيفا إلى 75%، وبالرغم من أن العنصرية متلازمة نتنياهو وكافة الساسة من الاحزاب اليمينية، إلا أنه يتخوف من هذه الانتخابات، إذ أن خسارته فيها، يعني ذلك سجنه بتهم فساد، وهو يسخر كل خبراته السياسية للبقاء على سدة الحكم في اسرائيل، من خلال عنصريته ضد الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة، ورفع التوتر في شمال فلسطين المحتلة مع حزب الله، والتهديد بحرب واسعة مع قطاع غزة؛ وذلك لحشد اليمين من خلفه.