في الوقت الذي تسعى فيه حركة مقاطعة إسرائيل BDS إلى وقف التعامل مع إسرائيل عالمياً، تتسابق الدول العربية للتطبيع مع إسرائيل وتوطيد العلاقات معها.
كان التطبيع في البداية مع الاحتلال الاسرائيلي يأخذ الطابع السري؛ لأن جامعة الدول العربية كانت تمنع التعامل مع إسرائيل وتقاطعها حتى يتحقق السلام العادل في المنطقة، وتعتبر كل من يتعامل معها مخلاً بالموقف السياسي التاريخي للدول العربية، ثم بدأت الدول العربية بالانحراف عن مسار المقاطعة التي كانت تنتهجها، وانتهت المقاطعة بإعلان مصر توقيعها ما يسمى اتفاق كامب ديفيد مع إسرائيل ثم تلتها بعض الدول العربية في ممارسة التطبيع.
اتفاقية كامب ديفيد
اتفق الرئيس المصري محمد أنور السادات ورئيس وزراء إسرائيل مناحيم بيغن آنذاك، في 17 سبتمبر 1978 في ولاية ميريلاند القريبة من عاصمة الولايات المتحدة واشنطن على توقيع ما يعرف باتفاق كامب ديفيد، تحت إشراف الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر، ما أدى لتغيير سياسة العديد من الدول العربية تجاه مصر، وتعليق عضويتها في جامعة الدول العربية من عام 1979 إلى عام 1989 نتيجة التوقيع على هذه الاتفاقية.
دول عربية ترفض التطبيع
بعض الدول العربية ترفض بالكامل التعامل مع إسرائيل، ومنها: لبنان التي تمنع المواطنين اللبنانيين من زيارة الأراضي المحتلة مروراً بالمعابر الإسرائيلية، وكان أخرها انسحاب نادي النجمة اللبناني من مواجهة هلال القدس، في مسابقة كأس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، التي كانت مقررة في ملعب فيصل الحسيني في القدس " لئلا يصنف هذا الأمر في خانة التطبيع مع العدو"، وإلى جانب لبنان ترفض الكويت التطبيع مع إسرائيل بقوة، وتعتبره في "خانة الحرام السياسي".
مصر والسعودية والإمارات ترفض مقاطعة إسرائيل
طالبت الدول الثلاثة (مصر، والسعودية، والإمارات)؛ مراجعة البند الثالث عشر لمؤتمر الإتحاد البرلماني العربي التاسع والعشرون، والذي أقيم في الأردن 4 آذار 2019؛ المتعلق بوقف التطبيع مع إسرائيل وإعادة مناقشته وصياغته، الأمر الذي رفضه رئيس مجلس النواب الأردني ورئيس الاتحاد البرلماني العربي عاطف الطراونة، مؤكداً أن البند سيبقى كما هو دون مسٍّ أو تغيير.
يزداد التطبيع مع إسرائيل يوماً بعد يوم وآخرها إعلان إسرائيل مشاركتها في معرض إكسبو دبي 2020 الدولي، المقام في الإمارات، وظهور رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وهو يتبادل الابتسامات والضحكات مع قادة دول عربية خلال مؤتمر وارسو، الأمر الذي دعمته وباركته واشنطن، والتي دعت فيه لتمكين العلاقات العربية-الإسرائيلية وتوحيدها
مدن وشركات فلسطينية متورطة في التطبيع
قبل عدة أسابيع نشرت حركت مقاطعة إسرائيل BDS تقريراً يدين تورط شركات تكنولوجيا فلسطينية بالتطبيع مع إسرائيل، ومنها: شركة "عسل" والتي يملكها رجل الأعمال الفلسطيني "بشار المصري" والتي تتعاقد مع الشركة الإسرائيلية–الأمريكية "ميلانوكس"، وفي عام 2016 قامت الشركة بنقل فريقها من المبرمجين إلى مدينة روابي الفلسطينية، وتُشرف على هذه الشركة الضخمة نخبةٌ من مهندسي ومطوّري البرمجيات الذين خدموا في وحدة الاستخبارات التقنية، وفريق البحث والتطوير، التابعين لجيش الاحتلال الإسرائيلي، كما يعدّ جيش الاحتلال أكبر زبائن شركة "ميلانوكس"، إلى جانب عدة شركات أخرى تناولها التقرير تتورط في التطبيع مع الاحتلال، وتنظيم رحلات عمل ترفيهية تطبيعية بين الموظفين الفلسطينيين والإسرائيليين.
انهار أهم جدران مقاطعة إسرائيل باعتراف منظمة التحرير الفلسطينية الرسمي بـ إسرائيل وتوقيعها اتفاقية أوسلو معها، وبالتالي بدأ النظام الرسمي العربي يعلن عن توجهاته التطبيعية بسفور واضح من ساعتها، وصولاً إلى الانهيار الكامل الآن، والذي تعبّر عنه أنظمة حكم عربية، رهنت سياساتها بالكامل بالمصلحة الإسرائيلية، غير مكترثة بما فعلته إسرائيل بهم، وبدماء شهداء أوطانهم الذين ضحوا من اجل فلسطين، بل تناسوا كل ما حصل ورهنوا مصالحهم الشخصية بيد إسرائيل وتسابقوا لتوقيع المعاهدات معها، وتوطيد العلاقات بها، لكن فلسطين ستبقى شوكةً في حلق أعداءها وكل من سيتواطأ ضدها.