استثمر الاحتلال الإسرائيلي حالة الهدوء التي أعقبت إدخال المساعدات والأموال القطرية لقطاع غزة، وشنت هجوما منظما على عناصر تابعه لكتائب الشهيد عز الدين القسام، وقتلت ٧ عناصر أبرزهم قيادي في القسام نور بركة، في عملية عسكرية معقدة استمرت لعدة ساعات أسفرت أيضا عن مقتل ظابط إسرائيلي كبير، وذلك شرق مدينة خانيونس جنوب القطاع.
المقاومة الفلسطينية انتظرت حتى تشييع جثامين الشهداء، لتبدأ بالرد بإطلاق الصواريخ على المستوطنات الإسرائيلية في محيط قطاع غزة، ومن ثم إطلاق صاروخ محلي على حاله للجيش أدت إلى مقتل جندي إسرائيلي أعقب ذلك رداً إسرائيليا بقصف قناة الأقصى الفضائية وعدد من المباني المدنية في قلب قطاع غزة.
تبادلت الفصائل الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي تبادل إطلاق الصواريخ، وهذا يُعد التصعيد الأعنف منذ عام ٢٠١٤م، وقد أعلنت غرفه العمليات العسكرية المشتركه للفصائل الفلسطينية انها ستوسع دائرة الاستهداف للمستوطنات الإسرائيلية.
حجم القصف الإسرائيلي للقطاع لا يوحي بأن هذه العملية ستنتهي قريبا، ولن تنجح أي جهود لتطويق الأحداث التي تتسارع تجاه حرب رابعه خاصة بعد أن أعلنت قناة الميادين أن هدف عملية تسلل الوحدات الخاصة في خانيونس كانت تهدف لاعتقال مروان عيسى القيادي في حركة حماس، وستبقى اتصالات الوسطاء محصورة ومحدودة حتى يعلن احد الأطراف وقف عمليات القصف بشكل أحادي الجانب، من أجل محاولة تثبيت الهدوء، ولكن المؤشرات توحي بأن الميدان يشتعل شيئا فشيئا ولن تقف هذه الجولة لهذا الحد من التصعيد.
الاحتلال الإسرائيلي فرض معادلة جديدة على قطاع غزة وعلى حركة حماس من خلال عمليته في خانيونس، وهو يدرك أن أبرز نتائج تلك العملية سوف تؤدي إلى المواجهة، وهو بمثابة اختبار حقيقي لنوايا حركة حماس في تقبل الصدمة وكيفي تعاملها مع الموقف، وأيضا لاختبار قدرة حماس على إدارة المواجهة من خلال التنسيق مع فصائل المقاومة الفلسطينية وغرفة العمليات المشتركة في توجيه الصواريخ ومداها وأوقات إطلاقها.
اختلق الاحتلال الإسرائيلي الأزمة في القطاع لتحقيق أهدافه السياسية في المعركة الانتخابية القادمة، ولتكون دماء الأطفال والنساء والشيوخ في غزة ثمناً لنجاح الأحزاب اليمينية والتي تشكل الائتلاف الحكومي الحالي في إسرائيل، وللتغطية على فشل الاحتلال في التعامل مع مسيرات العودة التي انطلقت منذ مارس الماضي على الحدود الشرقية مع القطاع، وعدم مقدرة إسرائيل على وقفها.
تريد إسرائيل من خلال هذا التصعيد القضاء على جهود التهدئة والوساطة المصرية والاممية لتحسين ظروف الحياة في قطاع غزة، خاصة بعد تدفق الوقود والأموال القطرية للقطاع، ويريد نتنياهو بالتحديد من وراء ذلك أن ينسى الناخب الإسرائيلي مشهد الأموال وهي تدخل من معبر إيرز إلى غزة، خاصه بعد معارضه ذلك من قيادات إسرائيلية تنافس نتنياهو خلال الانتخابات القادمة، و التي بدأت حملتها الانتخابية مبكراً.
تهدف حركة حماس من استمرار تلك المواجهة إلى تثبيت قواعد الرد بالرد والقصف بالقصف وان حماية مواطني قطاع غزة من اي عدوان إسرائيلي هو واجبها بالدرجة الأولى، مع ترك الباب مفتوحا أمام الوساطات المصرية والاممية للتدخل والحل، ورسم ملامح كامله لتهدئة شامله تكون برعاية أممية.