تتوالى الاحتجاجات على قانون الضمان الاجتماعي في فلسطين بالرغم انه فكرة نبيلة ويعتبر أحد أعمدة العدالة الاجتماعية في دول الاتحاد الأوروبي.
بإختصار سوف اقوم بسرد الشواهد التالية التي تبرر رفض الشعب هذا القانون في الحالة الفلسطينية:
1. عندما تم تأسيس السلطة الفلسطينية في غزة، استلمت السلطة من "إسرائيل" مدخرات الموظفين المحليين الذين أمضوا حياتهم في الوظيفة العمومية منذ الإدارة المصرية حيث كانت نسبة الادخار حينها وحسب القانون القديم تمثل 22%، وكان الموظف يبني كل آماله ليس على راتبه المتواضع أثناء الخدمة، بل كان يبني آماله على مدخراته وراتبه التقاعدي بعد إنهاء الخدمة.
وبالرغم من أن صندوق التأمين والمعاشات لم يكن مؤسسة حكومية، بل صندوق تشرف عليه الحكومة بمجلس ادارة مستقل، إلا أن السلطة وضعت يدها على 237 مليون دولار بحجة أن مستشار الرئيس الاقتصادي في ذلك الحين، وضع يده على أموال الصندوق بحجة الاستثمار.
تبخرت أموال الموظفين وأموال الصندوق ولم يحرك أحد ساكناً. لكي تغطي السلطة العجز الذي حصل للصندوق، قامت بسن قانون بقرار جديد، يشرع تبخر أموال الناس واختفاؤها.
2. لقد عمل أكثر من 40 الف موظف أو فدائي في منظمة التحرير الفلسطينية، وهؤلاء كان لهم مدخرات لدى الصندوق القومي.
عندما عاد أخواتنا واخواننا للوطن تم استيعاب الأخوة المناضلين في السلطة الفلسطينية في مواقع متقدمة ورتب عليا.
وبحكم السن تراوحت مدة الخدمة لهؤلاء الأخوة من 7 إلى 12 سنة وكان من المفترض وحسب القانون أن يتقاضى الأخوة مكافأة عمل من صندوق التأمين والمعاشات وليس راتب تقاعدي بسبب أن مدة الخدمة في السلطة تقل عن 20 عام بينما راتبهم التقاعدي يجب أن يكون من الصندوق القومي.
صدر قانون بقرار بإحتساب مدة الخدمة في المنظمة كسنوات خدمة وادخار لدى السلطة والصندوق بطريقة أخرى تم السطو على مدخرات الموظفين متواضعي الرتب (معلمين و عاملين في قطاع الصحة وموظفي بلديات غزة ) الذين أمضوا في الخدمة العمومية المدة القانونية لتقاضي راتب تقاعدي، لصالح موظفين لم ينطبق عليهم القانون وليتقاضوا رواتب تقاعدية من أموال ليست أموالهم.
3. تجربة "الروبي-كردي " التي قامت بها حماس قبل حرب 2008 ، لا زالت ماثلة في ذهن الناس ، عندما قامت حكومة حماس بمشروع ادخاري-استثماري بقيمة 300 مليون دولار جمعتها من أموال الناس ليجد الناس أن المشروع والأموال التي أدخروها لم تعد موجودة في الحقيقة واختفت بحجة أن الاستثمار إصابته الخسارة بسبب الحرب والحصار.
4. من يضمن أموال الناس واستثماراتهم ، إذا قررت الولايات المتحدة وضع يدها أو تجميد المحفظة الاستثمارية للسلطة الفلسطينية وخصم أموال لصالح عائلات أمريكية إسرائيلية فقدت أبناؤها في الأرض المحتلة، لا زالت قضية احتجاز أموال البنك العربي و كذلك بعض من المحفظة الاستثمارية لهيئة التقاعد ، ماثلة في ذهن الناس.
5. الناس غير مطمئنة لمؤسسة تم تشكيلها واختيار موظفيها بعيداً عن أصحاب الشأن. المدير التنفيذي يتلقى راتباً خيالياً ومجلس الإدارة يتلقى مكافآت وموظفي ومستشاري المؤسسة كذلك، كيف يمكن للناس أن تدخر أموالها، ليتم صرفها بطريقة غير موضوعية.
6. الأكثر أهمية وقلقاً لدى الناس، هو غياب القانون واستبدال القانون الأساسي والقوانين الصادرة عن المؤسسة التشريعية، بقرارات تعدها الحكومة بل الأخطر من ذلك هي ظاهرة الشخوص أو الموظفين في مراكز القوة أصبحوا يديرون ظهرهم للقانون (المشرع أو حتى قانون بقرار) ويصدرون قرارات تنفيذية بصورة شخصية.
وللتوضيح أكثر أود ضرب أمثلة بسيطة كيف لوكيل وزارة شاب، أمضى 3 سنوات في الخدمة العامة، يخرج للتقاعد ويتقاضى راتب تقاعدي، ليتم تعيينه لاحقاً محافظ سلطة من سلطات السلطة ليتقاعد أيضاً بعد 8 سنوات يحصل على راتبين تقاعديان من السلطة ثم يهاجر ليستكمل عمله في الخارج لأنه لا زال في سن الشباب.
مثال آخر : هل يحق لمدير عام الرواتب السطو على مدخرات موظف تم إحالته للتقاعد ومصادرة مدخراته وراتبه التقاعدي! هل يحق للسلطة أن توقف الراتب التقاعدي لموظف بسبب اراؤه السياسية أو ممارسته حق حرية التعبير وهو خارج المؤسسة الرسمية ؟ من يضمن الحجز ومصادرة أموال كل من يخالف السلطة في الرأي ؟
7. وأخيرا وليس آخراً ، في الوضع السياسي الإقليمي والفلسطيني الداخلى، لا يمكن التنبؤ بمستقبل السلطة الفلسطينية، و إحتمالية إنهيار السلطة هي إحتمالية واردة.
وهناك أيضاً خيارات سياسية واردة ولا يمكن تجاهل الخطر الذي عبر عنه العديد من أعضاء المجلس الاستشاري لحركة فتح، وهو أن السلطة أصبحت محكومة بشخوص وولاءات أغلبها ليست تابعة للرئيس أبو مازن أو حتى المشروع الوطني شخوص بإطار جديد شبيه برؤية روابط القرى وهل يؤتمن الذئب على الغنمات؟