رام الله - خاص قدس الإخبارية: يبدو أن جولات التوصل لاتفاق تهدئة مع قطاع غزة قد توقفت عند مسارها الذي وصلت إليه قبيل عيد الأضحى، مع استمرار موقف الرئيس محمود عباس أبو مازن وحركة فتح المعارض لها تحت تبريرات أنها المسار الأول للتوصل لصفقة القرن.
ورغم إعلان الفصائل والقاهرة المسبقة أنهم سيواصلون بعد انتهاء إجازة العيد مباشرة المباحثات من أجل الإعلان عن الاتفاق إلا أن ذلك لم يجرِ، الأمر الذي دفع بالمخابرات المصرية إلى إرسال وفدٍ كبير إلى مقر المقاطعة برام الله للتباحث مع أبو مازن في الملفات الفلسطينية المختلفة.
ودفعت التصريحات الأخيرة التي صدرت عن رئيس حركة حماس بغزة يحيى السنوار ونائبه خليل الحية، واللهجة الحادة التي تحدثا بها خصوصاً في الملف الفلسطيني الداخلي المرتبط بالمصالحة، إلى استشعار وجود تعثر حالي في الجهود المصرية والأممية الخاصة بالتهدئة بغزة.
ويجمع مختصون على أن موقف الرئيس أبو مازن المعلن من فكرة التوصل لاتفاق تهدئة بغزة كان السبب الرئيسي في توقف الجهد المصري وحالة الجمود الذي يشهدها هذا الملف بالرغم من التقدم الكبير الذي حصل خلال فترة تواجد الفصائل في العاصمة المصرية القاهرة قبل أسابيع.
مرحلة الجمود
من جانبه، قال هاني المصري مدير عام المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية مسارات، إن ملف التهدئة عاد إلى مرحلة التجميد من جديد الأمر الذي يدلل على أهمية الوحدة الوطنية من أجل الوصول إلى إنجاز مختلف الملفات سواء التهدئة أو حتى الوحدة.
وأضاف المصري لـ "قٌدس الإخبارية" أن استمرار الانقسام يعني أن صفقة القرن ستطبق، دون إعلان وهذا يدل أنه لا يوجد أي بديل عن تحقيق الوحدة وعلى أساس مشتركة بحيث يشارك الجميع سواء في المنظمة أو في السلطة وبدون تحقيقها لن يكون ذلك ممكناً.
وحذر من أن تجميد ملف التهدئة قد يدفع نحو مواجهة عسكرية جديدة في القطاع رغم أن كل الأطراف وتحديداً الاحتلال وفصائل المقاومة لا تريدها، متابعاً: "يجب أن نعمل على منعها، وفي حال فرضت علينا لا مفر وقتها من الدفاع عن الشعب الفلسطيني".
وأشار إلى أن بعض الأطراف الفلسطينية تستخف بمسألة المواجهة مع الاحتلال الذي يمكن أن يستخدمها لإيقاع خسائر كبيرة في الفلسطينيين.
وعن فرص استكمال ملف المصالحة علق المصري قائلاً: "للأسف الهوة كبيرة بين موقف حماس وفتح والهوة واسعة، لكن يجب الضغط من أجل إنجاز الوحدة الوطنية التي تعتبر مهمة في مرحلة التحرر الوطني والخيارات الأخرى سيئة وكارثية".
موقف أبو مازن
بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن ملف التهدئة توقف بحثه بسبب موقف الرئيس وحركة فتح بالرغم من أن المصريين وحتى المبعوث الأممي لعملية السلام نيكولاي ملادينوف كان الملف بالنسبة لهم في طريقه للانتهاء إلا أنه عاد وتعطل بسبب رفض الرئيس.
وتابع عوكل في حديث لـ "قدس الإخبارية": "أبو مازن أبلغ الأطراف أن الأولوية لملف المصالحة، وهو ما كان متوقعاً فبالرغم من حرص مصر على التوصل لاتفاق بين الاحتلال والمقاومة إلا أنها لا تضحى بالعلاقات مع السلطة ومنظمة التحرير، وربما يكون ما جرى جزء من تكتيك ممارسة الضغط على حركة حماس والفصائل الفلسطينية.
وبشأن تأثيرات التعطل الحالي في مسار التهدئة ذكر الكاتب والمحلل السياسي قائلاً: "الواضح أن الاحتلال لا يريد تسخين جبهة غزة ولا حماس تريد الذهاب إلى الحرب"، متابعاً: "هناك مراهنة أن الاحتلال يمكن أن تستوعب النشاط الفلسطيني القائم على الحدود".
ولفت عوكل أن الاحتلال يبحث عن ممولين دوليين للعمل في قطاع غزة بدون اتفاق تهدئة معلن بشكلٍ رسمي وبدون وجود السلطة، منوهاً إلى أنه يريد العمل بغزة، لافتاً إلى أن الاحتلال يريد العمل بنظام الأمر الواقع في القطاع وبعيداً عن السلطة وحركة حماس.
وعقب الكاتب والمحلل السياسي قائلاً: "ملف المصالحة مصر ستتابع فيه بعد أن توقف ملف التهدئة، ولكن الملف الفلسطيني يبدو معقد جداً ولا يبدو أن له حظوظ في النجاح في الأفق القريب وطلبات كل طرف من الطرف الآخر وطلباته لنفسه لا تجعل هناك مجال لتجاوز عقبة المصالحة وهناك أزمة ثقة عميقة".
الوضع كما هو
من جانبه، أكد المختص في الشأن الإسرائيلي مأمون أبو عامر أن الاحتلال يبدو معنياً ببقاء الوضع الحالي كما هو في غزة، والسعي لعدم انفجاره، إضافة إلى محاولة جر المقاومة لمربع القبول للواقع والعودة لاتفاق 2014 مع إدخال بعض التجميلات عليه.وأوضح أبو عامر لـ "قدس الإخبارية" أن الاحتلال يسعى إلى ذلك في ظل تجمد التهدئة خصوصاً في ظل حالة المعارضة الداخلية الإسرائيلية وحالة التنافس الحزبي حتى داخل الحلفاء الحكوميين، فيما يبدو اليسار الإسرائيلي يبدو متوافقاً مع مواقف أبو مازن الساعي لحل الدولتين.
وأشار إلى أن الجيش يميل للتهدئة، أما نتنياهو بطبيعته يراوغ حتى ينهك الطرف الفلسطيني وهناك بعض التفكير لجر اتفاق التهدئة إلى ما بعد فصل الصيف، مستكملاً: "نتنياهو يرى أن فعالية البلالين الحارقة قد تتلاشى في التأثير على الطرف الإسرائيلي وهم يدركوا أن المقاومة لا تسعى إلى مواجهة عسكرية".