مقاومٌ فلسطينيٌ تسلّحَ بالثّورةِ، وامتطى صهوةَ المجدِ، وسلّ سيفَ التّحدّي، وحبَا إلى التّخومِ بعد أن فقدَ قدميه على يدِ الغدرِ الإسرائيلية، رفضَ الذلّةَ والهوانَ، يلوكُ التّربَ عزًا وفخرًا وشهامة وإباءً.
يمضِي ابن المخيّم، بين الزّقاقِ يُنادي كمئذنةِ الفجرِ أن انفرُوا دفاعاً عن قدسِكم وأرضِكم، بهدير حنجرتـِه يتحدى قرار الظلمِ الأمريكي بحقّ القدسِ، يربطُ على رأسِه عصبةَ الوطنِ السّليبِ، وبكرسيّه المتحركِ يمضِي حيثُ المواجهة، يُنذر الجبناءَ بالعار ولا شيءَ سوى العارِ.
فسلامٌ عليكَ يا إبراهيمُ في الخالدين، سلامٌ عليكَ وأنت تقدم قدميك دفاعًا عن هذه الأرضِ المقدسة، عن زيتونِها وتربها وقدسها ويافا واللد والجليل وكل بلادنا المحتلة.
اليومَ تمضِي شهيدًا مضرجًا بدمائك الطاهرة الزكيّة وأنت تلعن المتخاذلين الجبناء الذين تخلوا عن قدسيّة هذه الأرض، بل وتآمروا علينا من كل حدبٍ وصوبٍ، فلا نامت أعينُ الجبناءُ.
ستفتقدُك ثغورُ هذا الوطنِ، ستذكرُك الإطاراتُ المشتعلة غضبًا على إجرام الاحتلال وغطرسته، ستكتبُ عنك دماءُ الشهداء، وأنات الجرحى وتأوه المظلومين، وأنات المحرومين وبكاء اليتم والثكالى، ستعلُو باسمك راياتُ المجدِ والخلودِ.
لروحِك السلامُ إبراهيم ثريا، وأنت ترتحلُ مغمسًا بعشقِ هذه الأرضِ، تذكي الانتفاضة وتشعل ثورة الغاضبين على المجرمين المستبدين، فأنت الذي أوصلت رسالتك إلى كل العالم، وعلّمت المتقاعسين أن فلسطين تحتاجُ رجالًا ولا شيء سوى الرّجال، فمن كان رجل فليجد بدمائه دفاعًا عن أرض الأنبياء والمرسلين والشهداء.
اليوم تودّعك غزة وحدودها، والسلك الشائك الذي كان يتمتع بالنّظر إليكَ، متعجبًا، كيف لهذا القعيد أن يدافع بجسده العاري عن كرامة أمّةٍ وعزةٍ بلدٍ وعراقةِ أرضٍ، إبراهيم لا نقول وداعًا بل إلى اللّقاءِ في جناتٍ ونهرٍ في مقعدِ صدقٍ عند مليك مقتدر.