قبل عشرة أعوام، وتحديدا بتاريخ 9-8-2007 اعتقلت لدى جهاز أمني فلسطيني للمرة الأولى وخرجت بعدها بأيام معتقدا أني حظيت بتجربة مفيدة فريدة لن تتكرر، متوهما بأن مصالحة تلوح في الأفق.
ولكن وخلال الأعوام العشرة الماضية، اعتقلت أكثر من ستين مرة بعضها لساعات وبعضها لأشهر، وفي كل تلك الاعتقالات لم أعرض على أي قاض فلسطيني ولم توجه لي أية تهمة في أية محكمة، ولم أعرض على النيابة إلا مرة واحدة العام الماضي ليتم تمديد اعتقالي ليومين آخرين.
في السنوات العشر الماضية، تنقلت بين كثير من مقرات الأجهزة الفلسطينية والفرق المختلفة وعايشت كافة أنواع الزنازين والغرف قبل وبعد التجديد، وعايشت عشرات المحققين الذين أكد لي بعضهم أكثر من مرة أني ومئات غيري معتقلين للضغط على حماس للإفراج عن معتقلين في غزة خصوصا في اعتقال 2008-2010 وحتى هذا رهان فاشل فحماس غزة آخر همها أنا وغيري من الرهناء.
عايشت ظروف اعتقال لاإنسانية أحيانا وفندقية أحيانا أخرى.
خلال عشرة أعوام مضت، رافقني بعض ممن اكتووا بذات الهم، معظمهم لا يعلم لماذا يتم اعتقالهم، وفي غالبيتهم طيبون يوضعون على الجرح يبرأ.
وخلال كل الاعتقالات السابقة في الأعوام العشر الماضية، وبعد كل إفراج أتمرن على تكرار "الله يسلمك" للمهنئين بالسلامة والمكررين عبارات: "اهدأ، دير بالك ع حالك، كيف بتعرفش!!".
وخلال تلك السنوات أيضا، تخلصت من رواسب علاقات كان معظمها من أجل مصلحة، مع أناس يتجنبوا السلام علي خوفا من أن تشملهم حملات الأجهزة الأمنية، وذلا وخنوعا لبطشهم.
خلال عشرة أعوام مضت، تغيرت نظرتي للحياة كليا .. وبلورت قناعات جديدة لكثير مما يدور من حولي من أشخاص وأحداث .. بلورت أهدافا مرحلية وحققتها بحمد الله .. عايشت ظروفا استثنائية تغلبت عليها .. نازعتني المشاكل من كل جانب .. أمضي في حياتي قدما ما استطعت .. تغيرت كثيرا إلا ثابتا واحدا ما تغير: #الاعتقال_السياسي_جريمة
خلال عشرة أعوام مضت، أصبح اطمئنان عائلتي اليومي عني روتينا خوفا من أي لحظة اعتقال مباغتة .. فكل طرقة باب على منزلي قد تعني اعتقالا جديدا.
وخلال عشرة أعوام مضت، احتجت كل شيء إلا بطاقة هويتي الشخصية التي كانت تبقى محتجزة سنة وسنتين متواصلتين أحيانا لدى الأجهزة الأمنية.
وخلال عشرة أعوام قادمة، ما الذي يمكن أن يتغير؟؟!! انتظر ستين اعتقالا جديدا وكل ما سبق...