غزة - خاص قدس الإخبارية: تعتبر مهنة الصيد إحدى المهن المنتشرة بشكل واسع في قطاع غزة، حيث يسجل لدى نقابة الصيادين أكثر من 4000 صياد على امتداد ساحل شاطئ قطاع غزة، وهؤلاء يعيلون أكثر من 50 ألف شخص، إضافة إلى 1500 عامل يعملون في مهن مرتبطة بمهنة الصيد، فان العدد الإجمالي للذين يعتمدون على مهنة الصيد يصل إلى 60 ألف شخص.
يشتكي الصيادون في قطاع غزة من قلة الصيد بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة بعد تراجع الاحتلال عن قراره باستمرار زيادة مساحة الصيد غلى تسعة أميال، لذا أصبح الصيد قليلًا جداً مع ارتفاع سعر المحروقات وأدوات الصيد التي يمنع استيرادها من الخارج .
"قدس الاخبارية" زارت الصيادين المتواجدين في ميناء غزة البحري، والتقت بالصياد محسن أبو الريالة الذي تعرض لانتهاكات الاحتلال في عرض البحر، "نحن نتواجد بالميناء 24 ساعة، ونتبادل أوقات الصيد ما بين الصباح ووقت الظهيرة والمساء، ففي ظل هذه الأوضاع السيئة أصبحنا لا نستفيد من الصيد، بطلنا ناكل عيش من وراها، والسبب غلاء أسعار المحروقات واستيراد السمك من الجانب المصري عبر معبر رفح والانفاق في السابق كنا نصطاد ثلاثة صناديق سمك ونعيل أولادنا، ولكن الآن نصطاد عشر صناديق، ولا نستطيع اطعام عائلتنا أبداً".
"المحروقات هذه الأيام تباع بسعر غالٍ جدًا، فاللتر بسبعة شواقل وصندوق السمك بسعر مئة شيقل فقط، عندما يذهب الصياد لكي يصيد يومًا كاملًا يكلفه ذلك أكثر من 3000 شيقل سعر البنزين، ولكن اليوم الصيد وضعه صعب وأصبحنا مثقلين بالديون دون أن نستفيد شيئاً، ولكن هذه مهنتنا الوحيدة لا نستطيع تركها".
ويشير أبو الريالة إلى أن مواسم الصيد تأتي متقطعة خلال العام كله حسب توافر أنواع السمك في أماكن الصيد، ولكن من بداية عام 2017 لم يظهر تحسن في حركة الصيد أبداً، خاصة بعدما تقلصت مساحة الصيد إلى 6 ميل بحري، بسبب تراجع الاحتلال عن زيادة مساحة 3 ميل قبل عدة أشهر، ووصف وضع الصياد الفلسطيني بأنه تحت الصفر.
أما الصياد علي العمودي فذكر لـ "قدس الاخبارية" المضايقات التي يتعرض لها وزملاؤه، "أكثر المضايقات الصعبة التي يواجهها الصيادون هي اطلاق النار نحو مراكبهم أثناء الصيد لإبعادهم عن المنطقة، ومنعهم من الصيد، بالإضافة الى احتجاز بعضهم في منطقة "اسدود" المحتلة، ومصادرة مراكبهم وأدوات الصيد جميعها، والتي هي رأسمال الصياد على مر ثلاثين أو أربعين عاماً تذهب سدى في لحظة واحدة".
ويذكر أن سلطات الاحتلال أصدرت العام الماضي قراراً بتوسيع مساحة الصيد إلى تسعة أميال بدلاً من ستة أميال في بعض المناطق الساحلية، على أن يشمل هذا القرار جميع المناطق الساحلية في قطاع غزة، ولكن سرعان ما تم توقيف هذا القرار والرجوع عنه بداية عام 2017، الأمر الذي قلل فرص الصيد لدى الصيادين، مما أجبر التجار على استيراد الأسماك من الخارج لسد العجز في السوق المحلي.
الصياد أحمد الهسي ينتظر موسم الصيد لعله يكون أفضل مما مضى، ويقول لمراسلة "قدس الإخبارية"، "سبب قلة فرص الصيد مع بداية هذا العام هو تقليص مساحة الصيد، ولكن استيراد السمك من مصر عن طريق معبر رفح، جاء ذلك لسد حاجة السوق المحلي من السمك وهو جيد جداً وصالح للأكل، وهو بديل عن قلة تواجد أنواع السمك في قطاع غزة، ودائما ننتظر موسم الصيد في كل شهر أو شهرين يظهر أنواع سمك جديدة يمكن اصطيادها ولكن الاحتلال يضيق المساحة على حركة الصيادين وبالتالي لا يوجد صيد انما خسارة وقود فقط ولا نستفيد أي شيء".
نقيب الصيادين نزار عياش، وضح لـ"قدس الاخبارية" سبب إغلاق مساحة الصيد إلى 6 ميل، "هو احتلال ولا يهمه التوسعة على الصيادين بل يتظاهر اعلامياً بانهم يفعلون ذلك، وفكرة توسعة مساحة الصيد إلى 12 ميلًا لا تهمهم، وعندما تم توسعة مساحة الصيد إلى 9 ميل في العام الماضي كان من المفترض أن يوسعها على شاطئ قطاع غزة من شرقه إلى جنوبه، وليس من الوادي إلى المنطقة الجنوبية والجهات الأخرى، ولكن الاحتلال يحب التظاهر أمام الاعلام بانه يعطي الفلسطينيين الرخاء الكافي في مواسم الصيد".
ويضيف، "مواسم الصيد مستمرة خلال العام ففي أي وقت يعتبر موسم صيد، لو كانت الأماكن الغربية مفتوحة والتي يتواجد بها صخور يكون فيها سمك من أنواع مختلفة خاصة السردين وبهذا يمكن أن تتنشط حركة الصيد، وأيضاً كل ثلاثة شهور هناك موسم صيد خاص بنوع من الأسماك التي تظهر بالبحر ولكن كيف نصيد والبحر مغلق ومساحته قليلة جداً؟".
يصف عياش لـ "قدس الإخبارية" وضع الصيادين اقتصاديا قائلاً، "الصيادون وصلوا لدرجة لا يستطيعون الانفاق على أسرهم أبداً، والاحتلال مدرك أن الصياد وضعه الاقتصادي صعب، ولكن لا يعنيه حل مشكلة الصياد لأن فئة الصيادين هي شريحة عريضة من المجتمع تعيل 50 ألف أسرة وهي ثاني قطاع اقتصادي بعد قطاع الزراعة، لذلك هو يريد دمار جميع شرائح الشعب الفلسطيني، وبالتالي قانونه هو الذي يسير علينا لا أحد يعاقبه ولا يراقبه".
يبقى الحصار هو السبب الرئيسي في تراكم مشاكل الصيادين وزيادة العبء الاقتصادي عليهم، فالانتظار إلى أن يحل الفرج القريب على مأساتهم هو الطريق الوحيد لنيل المراد، لعل آمالهم تتحقق بتوسعة مساحة الصيد من جميع جهات الساحل، وانخفاض أسعار الوقود لكي يسمح لهم بالعمل دون تراكم الديون، والأهم من ذلك كف قوات الاحتلال شر نيرانها عن مراكبهم .