منذ أيام قليلة حجبت شركات الاتصالات الفلسطينية المزودة لخدمات الإنترنت بعض المواقع الإخبارية الفلسطينية، تحت عدة ذرائع مختلفة، وكأن المطلوب منا أن نصدقها، أو نعتقد لوهلة أننا نحتاج لأوصياء على ما نشاهد أو نتابع، في تغولٍ واضحٍ وصارخٍ على الحقوق الشخصية في بلادنا المحتلة والتي تمارس عليها كافة التجارب الديكتاتورية عبر التاريخ.
تعددت الذرائع والحجج الواهية للحجب، تارة تحججوا بالنائب العام وأن القرار صادر عنه، وتارة أخرى تذرعوا بأنها "أوامر من فوق"، ولكن الثابت لدى كل الشركات أنها عاجزة الى حد كتابة هذه السطور عن إظهار سبب حقيقي واحد يجتمعون عليه كمبرر لتصرفاتهم غير المبررة، حيث ادعوا أنه صادر عن المدعي العام ولكن مكتب المدعي العام رفض التعقيب على الموضوع.
تناقض ضخم، وحالة تيه كبيرة سقطت بها الشركات الساقطة أصلا بعد مخالفتهم للقانون، ولكن الثابت الوحيد في هذه التناقضات والسقطات هو أن هذا القرار مخالف للقانون الاساسي الفلسطيني والذي ينص على: المادة 44 الهيئة الفلسطينية لتنظيم الاتصالات: لا يجوز حجب خدمة الإنترنت إلا بموجب حكم قضائي من المحكمة وبعد إنذار خطي. المادة 27 من القانون الأساسي الفلسطيني: تُحظر الرقابة على وسائل الإعلام، ولا يجوز إنذارها أو وقفها أو مصادرتها أو إلغائها أو فرض القيود عليها إلا وفقاً للقانون وبموجب حكم قضائي من المحكمة.
ومخالف للقوانين الدولية ايضا، حيث تندرج عقوبة حظر المواقع ضمن التعدي على حقوق الانسان وحقه في التعبير عن رأيه ووجهة نظره الان، أصبح واضحاً أمامنا جميعا أن قرار حجب المواقع باطل قانوناً بحكم عدم وجود مادة قانونية تعطي النائب العام الحق في ايقاف أي موقع بغض النظر عن تصنيفه عن العمل وفي ظل وجود مواد تمنع حجب المواقع الاخبارية عن العمل.
إذاً، ما هو الدافع الى اتخاذ هكذا قرار؟ بالنظر الى المواقع المحجوبة، فيشير إلى أن خلفية قرار الحجب هي سياسية بحتة وليس لها علاقة بالسلم الاهلي وتكدير الامة كما ادعت بعض الشركات.
ولأننا نعيش في فلسطين، أو متابعين لأحوالها لحظة بلحظة، لا يخفى علينا جميعا الخلافات والمعارك الداخلية التي يخوضها الرئيس منتهي الولاية "محمود عباس" في إطار تمزيق الشارع الفلسطيني أكثر وأكثر ضماناً لبقائه على كرسي الحكم بدون مسوغ قانوني أيضا، وارضاءًا للكيان الصهيوني كيف لا وهو المتعهد بتصريح تلفزيوني أن في عهده لن تقوم انتفاضة فلسطينية ثالثة.
وفي ظل غياب السبب الحقيقي للحجب يصبح ظاهراً وبشكل جلي أن الاوامر "اللي من فوق" هي خدمة مجانية تقدمها شركات الاتصالات لمحمود عباس لتعاونه وتعاون سلطته في قمع الشعب الحر وتكميم الافواه الناطقة بالحق والمطالبة بالحرية والتحرير.
وبالتالي المطلوب منا جميعاً، مقاطعة هذه الشركات التي لا تأبه لحقوق المواطن والتي تغلب مصالحها الشخصية والفردية من أجل إرضاء الحلف الطبقي الحاكم على مصالح الشعب الفقير و"الغلبان" والذي لا يجد متنفساً حقيقياً يتابع من خلاله ما يدور حوله من أحداث سوى خدمات الانترنت التي تزودها هذه الشركات الفاشلة في حقيقتها، من حيث السعر والكفاءة والأداء والحفاظ على المشتركين وحقوقهم فلنقاطع هذه الشركات، ولنثبت لهم أننا لسنا بحاجتهم.