في ذكرى إعلان الحركة الصهيونية إقامة كيانها الاستعماري الغاصب في 15/5/1948 في فلسطين، نورد مجموعة من الحقائق التي لا بد من الاطلاع عليه للمعرفة....
أولا، أن قيام هذا الكيان أو هذه الدولة الاستعمارية على أرض فلسطين لم يأتِ فجأة كالكوارث الطبيعية، أو كالصاعقة التي حلت من السماء، بل هو ناتج لعمل لتراكمات من طرف الحركة الصهيونية بمختلف توجهاتها منذ العام 1859 تاريخ بناء أول مستوطنة على أرض فلسطين.
ثانيا، أن الفكرة من إنشاء ودعم إنشاء هذا الكيان لدى الدول الاستعمارية بدءا من الاستعمار الأوروبي التوسعي وصولا للنظام العالمي الجديد بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، هو وضع رأس حربة متقدم لها في قلب الشرق الوسط يحقق مصالحها، ويمنع أي محاولة نهضة حقيقية في تلك المنطقة.
ثالثا، قاوم الشعب الفلسطيني هذا المشروع منذ العام 1911 وما قبله في المناوشات التي وقعت مع المستوطنات المجاورة للقرى العربية، ثم الثورات الشعبية في أعوام 1920 و 1921 و1929، فالثورات، المسلحة كالثورة الفلسطينية الكبرى، ثم مواجهات ما بعد قرار التقسيم في العام 1948.
خامسا، حاولت الحركة الصهيونية الاستيطان في مناطق خارج حدود فلسطين المعروفة حاليا، في شرق نهر الأردن وسهل حوران في فترات متقدمة من القرن التاسع العشر، ولكن اعتبارات عدة منها السياسي ومنها مقاومة هذا المشروع، كما حدث في ساكب إحدى قرى جرش وفِي منطقة المعراض على ضفاف نهر الزرقاء.
سادسا، امتلكت الحركة الصهيونية بحلول العام 1947 جيشاً كاملاً ببنية عسكرية وهياكل تنظيمية بريطانية، انضمت له كافة المنظمات العسكرية الصهيونية قبل 15/5/1948.
سابعا، كانت بريطانيا تميل لخيار التقسيم وتدويل القدس، لتضمن الوصاية عليها بصفتها إحدى القوة العظمى في تلك المرحلة، ولكن سلسلة من العمليات الإرهابية التي قامت بها منظمتي اتسل وليحي، وعوامل أخرى أديا لانسحابها من فلسطين.
ثامنا، قاوم الشعب منذ إعلان التقسيم في 29/11/1947 ولغاية إعلان الهدنة في العام 1949 المشروع الصهيوني، واستعد لهذه المواجهة المحتملة خلال فترة الحرب العالمية الثانية، فالتحقت مجموعة من القيادات النضالية الفلسطينية، مثل عبد القادر الحسيني وحسن سلامة وفوزي القطب، بدورات تدريب متنوعة في ألمانيا، وشاركت في ثورة رشيد الكيلاني في العراق، وعادت بخبرات عسكرية وتسليح قليل وقيادات عسكرية محلية فذة مثل بهجت أبو غربية وإبراهيم أبودية، وفي الشمال الفلسطيني شكل القساميون من أعضاء تنظيم الشيخ عزالدين القسام حالة جهادية، برز فيها القائد أبو أبراهيم الكبير وسرور برهم والملازم محمد حمد الحنيطي الذي ترك رتبته العسكرية والتحق بالمناضلين، وباختصار خاض الشعب الفلسطيني المعركة، كما يقول الأستاذ خالد عودة الله حتى الطلقة الأخيرة.
تاسعا، كان التقدم العربي في الجولات الأولى للقتال حتى الهدنة الأولى في 10/6/1948 قوياً في غالب جبهات القتال وخصوصا في القدس، التي تقدم فيها جيش الجهاد المقدس في شهر 4، وقوى من صموده دخول القوات الأردنية مع متطوعي العشائر، وجماعة الإخوان المسلمين، وفرضت هذه القوى حصاراً على الصهاينة في القدس، عن طريق إغلاق طريق باب الواد الذي يربط القدس بتل أبيب، بل إن "ديفيد بنغورين" قد صرح بأن الحلم الصهيوني في القدس على وشك الإنهيار، إلى أن زتت الهدنة التي أتاحت للقوات الصهيونية السيطرة على غرب القدس والقرى الواقعة غرب باب الواد.
عاشرا، تنوعت الطرق التي تم تهجير الشعب الفلسطيني فيها، من استخدام أسلوب التطهير العرقي، الذي يقوم على استخدام العنف المفرط بحق مجموعة من السكان، لحمل الآخرين على الهجرة، إلى الترحيل القسري، الذي جرى في بعض المناطق نتيجة لضمها داخل خط الهدنة وفق تفاهمات معينة مع الجانب الصهيونية بالانسحاب من بعض النقاط التي لم ينسحب منها أصلاً.
حادي عشر، أنشئت منظمة الهاغانا الصهيونية قبل العام 1948 ما يُعرف بسجل القرى الذي ضم معلومات تفصيلية باللغات العربية والعبرية والإنجليزية، حول مساحات القرى الفلسطينية وعدد سكانها، وأسماء المخاتير وأئمة المساجد، والعادات والتقاليد، مما سهل التعامل مع كل مجموعة من القرى ضمن سياسة تهجير معينة.
إثنا عشر، شارك في هذه الحرب جيوش عربية من كل من الأردن وسوريا والعراق ومصر والمملكة العربية السعودية، بالإضافة لمتطوعين من جماعة الإخوان المسلمين، وجيش الإنقاذ الذي تشكل في سوريا، ومتطوعين من عشائر شرق الأردن، ويوغلاسلافيا.
الصورة أدناه لأحد المقاتلين العرب في حرب 1948 حاملاً لرشاش الستن البريطاني، الذي كان أحد أهم الأسلحة المستخدمة في هذه الحرب.