فلسطين المحتلة - خاص قدس الإخبارية: عزا محللون وخبراء بشؤون الانتخابات قلة المشاركة في الانتخابات المحلية التي جرت بالأمس إلى أسباب سياسية تتعلق جميعها باستنكاف 3 فصائل رئيسية عن المشاركة بالترشح والمنافسة هي حركة حماس والجبهة الشعبية وحركة الجهاد الإسلامي، الأمر الذي أبعد الانتخابات عن جو المنافسة السياسية وبروز مشهد المنافسة العشائرية على حساب الحركات المشاركة بشكل صريح بالانتخابات وعلى رأسها حركة فتح.
وبلغت نسبة المشاركة في التصويت بحسب ما أعلنته لجنة الانتخابات المركزية حوالي 54%، غالبيتها في قرى محافظات الضفة الغربية والتي بلغت نسبة التصويت فيها حوالي 74%، في حين شهدت مدن رئيسية عزوفا واضحا من قبل الأهالي عن المشاركة في الانتخابات، حيث لم تتجاوز نسبة المشاركة في العديد منها 20%، الأمر الذي يعكس الطبيعة التي صبغت هذه الانتخابات ذات الطابع الخدماتي.
وأظهرت نتائج الانتخابات التي خرجت فور انتهاء عمليات الفرز، تقدم قوائم ومرشحين مستقلين غير تابعين لأي فصيل على حساب قوائم شاركت بصفتها الفتحاوية الصريحة.
استنكاف فصائلي
الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب أرجع هذا العزوف الذي شهدته المدن الرئيسية في الضفة الغربية عن المشاركة في الاقتراع إلى انعدام الأمل لدى المصوتين في الضفة الغربية من تمكن هؤلاء المرشحين من تقديم الخدمات التي يرجوها منهم، بالإضافة لقناعتهم بأن في هذه الانتخابات ترسيخ للانقسام القائم وتعميق للجرح الداخلي الفلسطيني، كونها تجري في أحد شقي حكم السلطة الفلسطينية دون الآخر.
كما أكد حبيب في حديث لـ"قدس الإخبارية" على أن استنكاف العديد من الفصائل الكبرى وعلى رأسها حركة حماس والجبهة الشعبية كان له أثر في عزوف الناس عن المشاركة، لقناعتهم بأنها ستكون انتخابات غير نزيهة.
وشدد حبيب على أن الصورة العامة المرسومة لدى الناس والتي تتلون بفقدان الامل، واللاجدوى، وعدم الثقة بالمرشحين أنفسهم، وعدم وجود خلفية للناخبين عن العديد من المرشحين، جميعها عوامل قللت من نسب المشاركة في الانتخابات خصوصا في المدن الرئيسية مثل الخليل ونابلس وبيت لحم.
وبين حبيب بأن هذه الانتخابات فقدت القدرة على إفراز شخصيات فاعلة قادرة على الإنجاز، وبالتالي فإن كل إفرازاتها ستكون ذات طابع عشائري بحت، لا هم لها سوى منافسة العائلة المقابلة، على حساب البرنامج الخدماتي.
وأوضح حبيب بأن الترشيحات لهذه الانتخابات جرت بأسس غير ديموقراطية وبالتالي أفرزت أشخاص غير أكفاء ولا يملكون القدرة على خوض غمار ما أقدموا على تكليف أنفسهم به، كونهم دخلوا فيها من أجل إشباع رغباتهم العشائرية فقط، بعيدا عن هموم المواطن العادي، ورغبته في الوصول للخدمات المناطة بكونه مواطنا".
العشائرية
من جهته قال الخبير والناشط الحقوقي محمود الإفرنجي في حديث لـ"قدس الإخبارية": "إن هذه الانتخابات أثبتت بأن الطابع العشائري هو الطابع السائد عليها، والدليل بأن نسبة المشاركة فيها في القرى والبلدات كانت أعلى من المدن، التي تشكل حاضنة سياسية".
وعزا الإفرنجي عزوف المواطنين عن المشاركة في هذه الانتخابات إلى عزوف قوى رئيسية عن المشاركة فيها بالترشح والمنافسة، خصوصا في المدن الرئيسية مثل نابلس والخليل ورام الله وغيرها.
كما أرجع الإفرنجي هذا العزوف إلى حالة الإحباط السياسي التي تنتاب المواطن الفلسطيني في الضفة الغربية، وعدم وجود خلفية معلوماتية عن العديد من المرشحين لدى الناس، الأمر الذي شكل حالة من الإحباط العام.
وشدد الإفرنجي على أن عدم إجراء هذه الانتخابات بشكل دوري وبالتالي عدم تعريض المنتخبين للمساءلة الدورية، شكل حالة من عدم الاكتراث لدى غالبية سكان الضفة الغربية.
وأكد على أن أية عملية انتخابية حتى ترتقي لدرجة إطلاق عليها عملية ديموقراطية يجب أن تكتمل بها كافة عناصر العملية الانتخابية، وأبرز هذه العناصر البرنامج الانتخابي الذي افتقدته العديد من القوائم والمرشحين.
وأوضح بأن العديد من القوائم التي ترشحت لهذه الانتخابات لم تكن تمتلك القدرة على إيصال برنامجها الانتخابي، لدرجة أنها لم تكن تكترث بهذا العنصر الأساسي من العملية الديموقراطية، لأنها تركن إلى قاعدة المنافسة العشائرية التي أوصلت العديد من المرشحين للفوز بهذه الانتخابات فقط لكونه مدعم من عشيرته، وليس كون برنامجه الانتخابي منافس ويستحق الدعم.
وكشفت نتائج الانتخابات التي أعلنت عنها لجنة الانتخابات المركزية اليوم الأحد، تربع القوائم المستقلة غير المدعومة من أحزاب على قمة القوائم الفائزة في هذه الانتخابات، حيث حصلت تلك القوائم على ما نسبته 65% من العدد الكلي للمقاعد والتي بلغت حوالي 1561 مقعدا، في حين حصلت القوائم الحزبية على 35%.