شبكة قدس الإخبارية

أبو وضاح.. فلسطيني يكتوي بنار الأسْر والإضراب

عاطف دغلس
نابلس - قدس الإخبارية: ما يلبث أن يفارق إحسان عديلي (أبو وضاح) خيمة الاعتصام تضامنا مع الأسرى الفلسطينيين حتى يعود لها مجددا، ليواصل هو وزوجته فتحية مهمتهما تلك، لا سيما أن لهما ثلاثة من الأبناء أسرى يضربون عن الطعام. وفي منزله ببلدة بيتا قرب مدينة نابلس شمال الضفة، يخفي أبو وضاح عن أحفاده وعائلته هما ثقيلا ومعاناة بسبب الإضراب الذي يخوضه اثنان من أبنائه الأسرى الثلاثة، رغم تصاعد قلقه بعد دخول المضربين مرحلة الخطر حيث أضحت حياتهم مهددة بكل لحظة. يقول أبو وضاح -في طريقه إلى خيمة الاعتصام وسط البلدة- إن أبناءه الأسرى وضاح وعياض وأيمن الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاثين و35 عاما يقضون أحكاما بالسجن لمدد طويلة بين عشر سنوات وعشرين سنة. معاناة وحيث يقبع الأسرى الأشقاء في سجن النقب الصحراوي تتضاعف المعاناة ويزداد شظف الأسر وقسوته، فالأجواء الحارة وحالة السجن السيئة تزيد خوف الرجل الذي يقول "إن الخيام لم تكن يوما سجنا وإنما وسيلة عقاب للأسرى". وتظهر ملامح وجه الرجل وتجاعيد حزنه الدفين خصوصا وأنه يدرك ألم السجن، فقد سبق وأن تجرَّع مرارة الاعتقال، وزاد في ذلك حرمان الاحتلال له زيارة أبنائه المعتقلين بحجة الرفض الأمني ولا يمنحه تصريحا إلا لمرة واحدة خلال السنة. نفس الرفض تعانيه زوجته فتحية (60 عاما) وتحرم هي الأخرى وبأمر مخابرات الاحتلال زيارة أبنائها، حيث أعيدت بعد وصولها لحواجز إسرائيلية. لا تملك والدة الأسرى إلا الدموع تصبر بها نفسها، ولا تكل من مؤازرة زوجها وأمهات الأسرى بالاعتصام سويا في خيمة الاعتصام رغم تدهور صحتها وفقدانها لأكثر من ستة كيلوغرامات من وزنها. لم تذق العائلة -كما بقية أهالي الأسرى- راحة في نوم أو تهنأ بطعام بل زادت الهواجس من كآبة المشهد وصعوبة الموقف، وتشير إلى ذلك نوفة عديلي زوجة الأسير وضاح الابن الأكبر للعائلة. ولوهلة ظنت نوفة أن سنوات الأسر الطويلة لزوجها انتهت أو كادت بعد قضائه 11 عاما من حكمه البالغ 18 عاما، لكن الإضراب زاد خوفها، فلم تعد الطعام لأبنائها طوال أسبوع كامل واكتفوا بالقليل منه، وتقول إن بعضهم أضرب عن الطعام تضامنا مع والده. وكان نجلها البكر تامر (14 عاما) أول من بادر وأضرب عن الطعام أربعة أيام وبعد ضغط أسرته انتقل للصوم، ويقول الابن "كدت أستمر أكثر لدعم والدي والشعور بألمه". لم يكتف تامر بطبع صور والده وأعمامه الأسرى على قمصان وتوزيعها على شبان بالقرية إضافة لعشرات الصور والملصقات الكبيرة التي لم تخل جدران المنازل منها، بل انتقل وآخرون من أهالي الأسرى للمواجهة المباشرة مع جنود الاحتلال الذين أغلقوا مدخل القرية بالسواتر الترابية والحجرية عقابا لهم. إصرار ويقول منسق لجنة أهالي الأسرى الحاج عبد الكريم مرعي إن هذا العقاب لن يجدي نفعا، وأهالي البلدة ينظمون مسيرات شبه يومية باتجاه نقاط التماس وجنود الاحتلال والمستوطنين، ويقيمون صلاة الجمعة أيضا. مرعي الذي ناهز التسعين لم يمنعه التقدم في العمر من الاعتصام يوميا بالخيمة، ويقول محذرا من أن تنتقل المواجهة المباشرة مع الاحتلال "لتصعيد أكبر" ويُقر بأنهم لم يقدموا إلا اليسير من استحقاق الأسرى الذين يواجهون موتا محققا ولا يملكون إنهاء الإضراب دون نتائج. المصدر: الجزيرة نت