عرفت فلسطين الإضراب الشامل في بداية الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936 والذي امتد لـ 6 شهور، شلت معظم مناحي الحياة في المدن الفلسطينية واستمرت لتشمل نوعاً من العصيان المدني بحيث توقف الفلسطينيون عن دفع الضرائب للحكومة البريطانية.
وشهدت الأراضي المحتلة في الانتفاضة الفلسطينية الأولى عدداً من أشكال الإضراب التجاري التي كانت تواجه من قبل قوات الاحتلال بفتح المحلات بالقوة وإجبار أصحابها على فتحها وأحيانا كسر الأبواب وفتحها, نظراً لما كان للإضراب من تأثير على الحياة في المدن الفلسطينية.
كان الإضراب يأتي كشكل من أشكال الإسناد والرفض, إذ كان سقوط شهيد واحد في أي مدينة كفيل بإعلان الإضراب الشامل في بقية المدن الفلسطينية, وكانت تواجه محاولات كسر الاضراب بنوع من العنف الثورة و تترافق مع مظاهر مثل إحراق الإطارات "الكاوشوك" وإغلاق الشوارع بالسلاسل الحجرية وأحيانا التعامل مع من يحاولون كسر الإضراب بالاتهام بالخيانة والضرب في أحيان أخرى
يجب التفريق هنا في الانتفاضة الثانية بين الاضراب العام و إعلان منع التجول من قوات الاحتلال, حيث اتجهت الجماهير الفلسطينية للأشكال الاكثر عنفا في فترة الانتفاضة الثانية وأصبح الاضراب شكلاً منفرداً بالمدن أو القرى التي يسقط الشهداء فيها, و قد عم الاضراب الشامل كافة الاراضي الفلسطينية في مرات معدودة مثل استشهاد القاده احمد ياسين وياسر عرفات, وأصبح الهدف من الاضراب هو تعميم الحالة الوطنية أكثر منه كشكل من أشكال الاحتجاج نظراً لنقل السيطرة على الاراضي المحتلة للسلطة الوطنية وعدم تاثير الاضراب على الاحتلال الاسرائيلي بشكل مباشر .
ولكن كان يؤثر الاضراب في تشكيل الوعي الفلسطيني باستمرارية الاحتلال ووجوب رفضه، وشهدت الانتفاضة الحالية أو الهبة عدد من الاضرابات التي لم تكن شاملة بالشكل الذي كانت عليه في الانتفاضة الأولى والثورة الفلسطينية الكبرى, حيث تموضعت بشكل مباشر في القرية التي يسقط فيها الشهيد ومكان تشييعه فقط, وحاول بعض الشبان الغاضبون تعميم حالة الاضراب بعد سقوط الشهداء كما حدث في رام الله بعد استشهاد شابين من مخيم الجلزون .
مع عودة الدعوات للاضراب الشامل في الضفة الغربية كدعوة اضراب الخميس لنصرة الأسرى المضربين والتي لم نشهد مثلها منذ سنوات طويلة والتجاوب الكبيرة من قبل جميع النقابات والمؤسسات والفصائل, وانتشار الدعوات للإضراب في القدس العاصمة، ورغم عدم تأثير تلك الدعوات بشكل مباشر على الاحتلال الاسرائيلي ولكنها يجب أن تعمل على تعميم الحالة الوطنية وايصال رسالة الاسرى المضربين عن الطعام لأكبر شريحة ممكنة من الفلسطينيين ونقل الهموم الوطنية والمشاركة في حملها.
وأيضا لضمان فاعليه الاضراب يجب أن ترافقه فعاليات على الأرض كما كان في الثورة الفلسطينية الكبرى, حيث ترافق الاضراب الشامل مع عمليات الثوار الفلسطينيين، وخلال فترة الانتفاضة الاولى والثانية كانت تخصص أيام الاضراب للاشتباك مع الاحتلال واشعال نقاط التماس التي كانت تشمل كل شارع في المدن والقرى الفلسطينية . وانتقل الوضع حيث تركز بالمسيرات باتجاه الحواجز ومعسكرات الاحتلال خلال يوم الاضراب في الانتفاضة الثانية، ولكننا نشهد في الوقت الحالي اتجاه الاضراب لكونه فقط تعطيل دوام دون التركيز على مضمون الاضراب وأهدافه, و للأسف غياب الوعي الوطني لدى النشطاء المشاركين لا يؤدي بالاضراب للأهداف المرجوة منه !