شبكة قدس الإخبارية

إضراب الكرامة.. نحن أم هُم؟

سامر عطياني
خطوط الاشتباك مع العدو الصهيوني وميادينه وساحاته كثيرة ومتشعبة وليس لها سقف أو سماء محددة، فهي مختلفة وتختلف على اختلاف المكان والمقاومين، فحركة المقاطعة الدولية "BDS" على سبيل المثال هي ساحة نضال دولية ضد الاحتلال، تقوم على أساس نشر ثقافة مقاطعة الكيان الصهيوني في كل دول العالم، فالاشتباك مع العدو الصهيوني لا يقتصر على الاشتباك العسكري على نقاط التماس فقط، وتاريخ صراعنا مع العدو أثبت  أن الشعب الذي حول الحجر إلى سلاح، والأجساد لعبوات ناسفة، والقلم إلى رصاصة، والأمعاء الخاوية الى رأس حربة في المواجهة يستطيع تطويع ما يريد بين يديه وجعله أداة للمقاومة ويستطيع أن يبتدع طرقا جديدة للاشتباك والنضال والمقاومة. ولذلك قرر الأسرى الفلسطينيون في سجون العدو الصهيوني خوض المعركة هذه المرة بأمعائهم الخاوية طلبا للكرامة فقط لاغير، فهم العزل من السلاح والطعام، الخاليين من كل شيء إلا العزيمة والإرادة والكرامة، وذلك من أجل أبسط حقوقهم الانسانية بعد أن عانوا ويلات الظلم من القريب قبل البعيد، ومن الصديق قبل العدو، فنحن الذين نسيناهم بعد أن ضاقت الدنيا علينا، وتخلت القيادة الفلسطينية عنهم من أجل المفاوضات العبثية، واستغل العدو الفرصة للتضييق عليهم أكثر وأكثر فمطالبهم التي قرروا أن يجوعوا من أجلها قد نراها تافهة وبسيطة ولكنها بالنسبة لهم الشيء الكثير والكبير في ظل الحرمان الذي يعانون منه، فماذا يعني أن يجوع أسير من أجل حصوله على صورة تذكارية مع أهله كل ثلاثة شهور!! وأن يحصل على صحيفة جديدة، أو أن يعامل بإنسانية أثناء التنقلات بين السجون وبين السجن والمحكمة؟ إن بساطة مطالبهم تعرينا وتخجلنا وترينا إلى أي حد وصل اهمالنا بحق أسرانا، ولذلك جوعهم في وجه سجانيهم هي صرخة أخرى في وجوهنا أن استيقظوا يا أبناء شعبنا وساندونا فنحن من ضحينا بأنفسنا من أجلكم واحرقنا زهرة شبابنا في السجون من أجل الوطن ومن أجل أن نحيا كراما فوق ترابه. ومن هنا يتوجب علينا أن نستمع بكل جوارحنا إلى هذه الصرخة، وأن نصغي بكل عقولنا إليها، وأن نسخر كل الإمكانيات والطاقات من أجل الاستجابة لها بكل ما نملك من ابداع، فلا يشترط أن تكون عسكريا لتكون مقاوما، وتاريخنا مليء بالشواهد على هذا، فعلى سبيل المثال لا الحصر، استطاع الشهيد غسان كنفاني تطويع القلم ليصبح شرارة تشعل كل المواجهات مع العدو الصهيوني دون أن يطلق رصاصة واحدة من فوهة بيده، مما حذا بهم إلى تسخير كافة طاقاتهم العسكرية والاستخباراتية لاغتياله والفرح لذلك العمل وتبنيه وتصريح غولدا مائير دليل على هذا الفعل حينما قالت "اليوم قضينا على لواء فكري مدرع". وبالتالي كل فرد منا يستطيع أن يكون مقاوما ويفتح ساحة جديدة لمقارعة العدو لنصرة أسرانا إن أراد ذلك، فنحن لا نحتاج سوى إلى القرار الذاتي النابع من الإيمان المطلق بعدالة القضية الفلسطينية وإننا أصحاب الحق لنبدأ العمل، واليوم كما كل يوم يجب أن تفتح كل الجبهات على مصراعيها لإسناد الابطال، حتى نساعدهم ونعاونهم من أجل الصمود المؤدي للإنتصار على السجان واسترداد القليل من الكرامة التي هدرت تحت أقدام الإهمال. يجب أن نساندهم حتى لا يفشل الاضراب او ينكسر، فمعنى فشل الاضراب هو الحكم بالاعدام المؤيد بصمتنا على كل الاسرى الفلسطينين والعرب من كل الفصائل والدول دون استثناء، وان كان امرهم يعنينا ولو قليلا فيجب علينا ان نساهم بكل ما اوتينا من قوة لدعمهم واسنادهم، ونحن نستطيع فعل الكثير الكثير.