مع عام 2013 أعاد الاحتلال استخدام سياسات قديمة؛ منها: إبعاد المرابطين في القدس المحتلة، وسياسة إبعاد الطلبة الجامعيين عن الحرم الجامعي لفترات بين 4 شهور إلى 6 شهور، وهي سياسة سبق استخدامها كوسيلة قمع بحق الحركة الطلابية خلال الانتفاضة الأولى عام 1987، تقضي بمنع الطالب الجامعي من الوصول للحرم الجامعي، ومنعه من دخول المدينة التي توجد فيها الجامعة، وهو حق مُنح للحاكم العسكري في كل منطقة منذ عام 1967، إلى جانب سياسات أخرى كالإقامة الجبرية، كما استُخدم الإبعاد كسياسة تهجير قسرية جماعية وفردية، وبحق نخب مختلفة من شرائح المجتمع الفلسطيني، إلى داخل البلاد نفسها أو خارجها.
تهدف سياسة إبعاد الطلبة عن جامعاتهم إلى إضعاف الحركة الطلابية بتفريغها من بعض رموزها وممن يُناط بهم التأثير في الوسط الجامعي وهو هدف ضعيف إن كانت الحركة الطلابية ولّادة متجددة.
ومن جهة أخرى عزل هؤلاء الطلبة عن المحيط الذي اعتادوا عليه وأحبوه، وشهد نشاط شبابهم وعلاقاتهم، في محاولة لإحباط الطلبة عن مواصلة مشوار حياتهم، وخاصة الذين يتعرضون للاعتقال لفترات مختلفة فيتأخرون عن زملائهم، وهو هدف لا يجابه إلا بتعاون الهيئة التدريسية مع الطلبة المبعدين وتوفير بدائل تمنع تأخرهم، فإن كان هذا غير ممكن في حالة الاعتقال فإنه ممكن في حالة الإبعاد من خلال الدراسة عن بُعد، وقد نوقشت رسائل ماجستير عبر الهاتف من داخل السجون فمن باب أوْلى التعاون في قضية الإبعاد، وفي هذا يُسجل أن بعض الجامعات لم تتعاون مع طلبتها المبعدين.
أما الهدف الأعمق فهو تخذيل الناس عنهم، حين يتخلى عنهم محيطهم ومجتمعهم وحتى زملاء الدراسة خوفًا من أن يلحق بهم أي أذى من التواصل مع هذا الطالب، وهي سياسة مستمرة للاحتلال برفع الثمن وما لا يأتي بالعنف؛ يأتي بالتخويف والترهيب، وهذا الذي لا يُجابه إلا بمزيد الإسناد والدعم والتواصل مع الطالب في إبعاده، وتحقيق أُلفة قلبية، وكسر حاجز الخوف، وفي هذا يُسجل صندوق رسائل من طلبة كلية الشريعة بجامعة الخليل لزميلتهم خلال فترة الإبعاد.
وقد وثقتُ 11 حالة إبعاد لطلبة جامعيين منذ عام 2013؛ تركزت في عام 2016، تعاونت الجامعات مع عدد منهم فقط، والطلبة هم: الطالب في جامعة الخليل سامر الجعبة والذي أُبعد إلى القدس لمدة 6 شهور في آخر فصل دراسي له، بدأت في 13/09/2013، ثم الطالب في جامعة بوليتكنك فلسطين وعضو مجلس الطلبة عن الدورة 2015/2016 حذيفة أبو سرحان والذي أُبعد إلى بيت لحم مدة 3 شهور بدأت في 05/06/2015.
فيما كانت الحالة الثالثة هي الحالة الأولى من نوعها بحق طالبة جامعية وهي الطالبة في جامعة بوليتكنك فلسطين لبابة الهريني لمدة 6 شهور بدأت في 09/08/2015، أما الحالة الرابعة فكانت بحق الطالبة وعضو مجلس الطلبة في دورة 2015/2016 في جامعة بيرزيت أسماء قدح، وذلك بعد الإفراج عنها من سجون الاحتلال بشهر واحد، ولمدة 5 شهور بدأت في 23/04/2016، فيما كانت الحالة الخامسة الطالبة في جامعة الخليل سجود الدراويش وذلك بعد ثلاثة أسابيع على اعتقالها لنصف يوم، حيث أبعدت لمدة 4 شهور بدأتها في 20/10/2016.
وفي نهاية شهر كانون أول 2016 أصدر الاحتلال قراري إبعاد جديديْن؛ أحدهما بحق الطالب في جامعة بيرزيت نهاد سليم، لمدة 6 شهور بدأت في 20/12/2016، والثاني بحق الطالب في جامعة الخليل حارث حروب ولمدة 4 شهور بدأت في 29/12/2016، ومن الجدير بالذكر قيام الاحتلال باعتقال الطالب نهاد سليم في منتصف فترة إبعاده.
بينما شهد عام 2017 حتى اللحظة أربع حالات إبعاد خلال أقل من شهر؛ فبعد اعتقال لأربعة أيام أصدر الاحتلال قرارًا بإبعاد الطالبين في جامعة القدس: براء عودة، وأحمد عوض الله، لمدة 6 أشهر، وذلك في 23/02/2017، فيما أصدر الاحتلال في 16/03/2017 قرارًا بإبعاد أحمد ضمرة لمدة 6 شهور، وهو الإبعاد الثالث لطالب من جامعة القدس، والقرار الرابع خلال شهرين صدر في 07/04/2017 بحق الطالب في جامعة البوليتكنك عبد الله العروري وذلك لمدة 3 شهور.
إحدى عشرة حالة إبعاد؛ أربعة منها في عام 2016، وثلاثة في شهر واحد منذ مطلع عام 2017، في زيادة تنبئ بأن الاحتلال سيتوسع في استخدام هذه السياسة؛ كما بدأ في سياسة الإبعاد ومنع الدخول لمدينة القدس سواء أهل الضفة ثم الداخل المحتل ثم القدس نفسها والتي أخذت منحنى جديدًا عام 2013 واشتدت حتى يومنا هذا، وكما فعل بملاحقة واعتقال نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي الذي بدأ أواسط عام 2014 بحالات متفرقة تعاطفت مع المقاومة وحرب غزة.
مع هذا الارتفاع المطرد منذ عام 2013؛ أتساءل عن دور الحركة الطلابية المغيَّبة فعليًا عن هموم نخبتها عِوضًا عن هموم الوطن المحتَل، عن الدور الذي يتجاوز المصلحة المالية والخدماتية الصرفة، عن الدور الأهم الذي وجدت لأجله الحركة الطلابية في عشرينيات القرن الماضي وهي تواجه الاحتلال البريطاني وبدايات الاحتلال الصهيوني.