التقيتها وفي عينيها دمعات فرح حزين، وبعد أن اطمأنت عليّ سألتُها عن أحوالها، فحدثتني عن حبها المتزايد لابنها أحمد لبره الكبير لها، وأدهشتني بقصة أبكتها من شدة الفرح حيث قالت: (طُرق بابُ غرفتي في ساعة متأخرة من ليل الثلاثاء 21 آذار، فانتابني قلق غريب وتساءلت بصوت مرتفع من يطرق الباب !
فأجاب الطارق: أنا أحمد يا أمي.
نهضتُ مسرعةً قلقةً وفتحتُ الباب، وكان ولدي أحمد خجلاً صامتًا كعادته، فأمسك بيدي وتوجهنا إلى غرفة الجلوس فكانت المفاجأة سبعةُ أكياس مغلفة ومرتبة على طاولة الوسط، سألتُه عن هذه الأكياس فأخبرني بأنها هدية "عيد الأم "، فاحتضنته من شدة الفرح وأنا أغالب دموعي، ثم سألتُه لماذا كل هذه الأكياس فكانت المفاجأة أكبر فقد جلب لي سبعة هدايا حيث جعل كل هدية عن سنة من السنوات السبع التي قضاها في سجون الاحتلال.)
وتصف أم أحمد هذه الهدايا التي أحضرها أحمد بأنها الأجمل منذ سنين فهي من ولدها الذي أعتقل شبلاً وخرج رجلاً بعد كل تلك السنوات.
ودعتني وعيناها تذرف دمعًا على حال الوطن والأسرى، وحمَّلتُها سلامي لصديقي أحمد الذي اعتبر كل تلك الهدايا لا شيء مع دقيقة قلق من أمه طيلة سنوات الأسر العجاف كما أخبرها حين قدم لها تلك الهدايا.
قصة الأسير المحرر أحمد النجاجرة جزء من قصص الجراح المُشْرَعة والتي ما زالت تـنزف بسبب ممارسات الاحتلال على شعبنا الفلسطيني وهو يسير في طريق حريته.
خرج أحمد قبل عدة أشهر بعد سبع سنوات من الاعتقال، وهو يحمل وجعه وآماله وأحلامه وهمه كيف يُسعد من أرهقتهم سنوات سجنه الطوال.