شبكة قدس الإخبارية

معركة الكرامة| 41 عامًا والروايات تتباين بشأنها

هيئة التحرير

فلسطين المحتلة- قُدس الإخبارية: يوافق اليوم الثلاثاء 21 أذار/مارس الذكرى الـ41 لمعركة الكرامة التي  وقعت في 21 آذار 1968، بين الجيشين الفلسطيني والأردني من جهة وجيش الاحتلال الاسرائيلي، حينما حاول الأخير احتلال الضفة الشرقية لنهر الأردن.

وفي ذلك اليوم شنت قوات الاحتلال الاسرائيلي هجومًا واسع النطاق على الضفة الشرقية لنهر الأردن، في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد (دامية) شمالاً حتى جنوبي البحر الميت.

وكان هدف الهجوم كما أعلنت "إسرائيل" رسمياً القضاء على مواقع الفدائيين الفلسطينيين في مخيم الكرامة الواقع على بعد 5 كم من جسر الملك حسين (اللنبي)، وفي مناطق أخرى إلى الجنوب من البحر الميت.

ولم يكن هذا الهجوم مفاجئًا لقوات فتح والقوات الفلسطينية الأخرى والأردنية التي كانت متواجدة في المخيم، والتي شاهدت تحركات قوات الاحتلال قبل العملية بيومين.

وأذاع ناطق باسم فتح يوم 19 آذار أن "إسرائيل" حشدت خلال اليومين السابقين قوات كبيرة على طول نهر الأردن، وفي اليوم نفسه أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن "إسرائيل" تعد العدة لشن هجوم كبير على الأردن.

وتشكلت القوة الإسرائيلية المهاجمة من قوات رأس الجسر ومن لواءين من المشاة والمظليين ولواءين مـن الدروع وعدد من طائرات الهليكوبتر لإنزال المظليين على الكرامة وخمس كتائب مدفعية وأربعة أسراب طائرات جوية.

أما قوة الهجوم الرئيسية حسب البيان الرسمي الأردني فقد تشكلت من فرقة مدرعة وفرقـة مشاة آلية، وواضح من هذا الحشد الهائل أن العملية كانت تستهدف الاحتلال.

وفي الخامسة والنصف صباح يوم الحادي والعشرين من آذار عام ١٩٦٨ م تحركت قوات الاحتلال الإسرائيلية لاجتياح الأغوار على أربعة محاور: "محور العارضة ومحور وادي شـعيب ومحـور سـويمة ومحـور  للتضليل والخداع، وهو محور غور الصافي من جنوب البحر الميت حتى الصـافي".

واصـطدمت هذه القوات بمقاومة عنيفة بعد محاولة التقدم الأولى ودفعت بقواتها الجوية وركزت القصف المدفعي علـى مـرابض المدفعية الأردنية ومواقع الفدائيين الفلسطينيين

وفي الساعة العاشرة صباحًا وصلت بلدة الكرامة – معقل الفدائيين – بعدما كانت قد أنزلت قوات محمولـة خلف البلدة ودارت في أزقة المخيم معارك بالسلاح الأبيض والأحزمة الناسـفة.

وفـي السـاعة ٣٠:١١ طلبت "إسرائيل" وأمام خسائرها الهائلة ، ولأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي مـن الجنـرال (أودبول) كبير المراقبين الدوليين وقف إطلاق النار، وتم انسحاب آخر الجنود في الساعة الثامنة والنصف مساءً، حيث تكبدت "إسرائيل" خسائر إضافية خلال انسحابها من جراء القصف المدفعي الأردنـي وكمـائن المقاومة الفلسطينية المنتشرة على كافة المحاور.

واستمرت معركة الكرامة قرابة الخمسين دقيقة، كما استمر بعدها معركة بين الجيش الأردني والقوات الإسرائيلية أكثر من 16 ساعة.

وانتهت المعركة بفشل الجيش الإسرائيلي في تحقيق أي من الأهداف التي قام بهذه العملية العسكرية من أجلها وعلى جميع المقتربات وأثبت العسكري الأردني قدرته على تجاوز الأزمات السياسية، وقدرته على الثبات وإبقاء روح قتالية عالية وتصميم وإرادة على تحقيق النصر.

وقد أثبتت الوثائق التي تركها القادة الإسرائيليين في ساحة القتال أن هذه العملية تهدف إلى احتلال المرتفعات الشرقية لوادي الأردن، وهو ما لم يتحقق.

وقتل خلال المعركة 250 جنديًا اسرائيليًا وجرح 450 في أقل من 18 ساعة، بالإضافة إلى تدمير 88 آلية وهي عبارة عن 27 دبابة و 18 ناقلة و 24 سيارة مسلحة و 19 سيارة شحن وسقوط طائرة، وعرض الأردن معظم هذه الخسائر الإسرائيلية أمام الملأ في الساحة الهاشمية.

أما خسائر القوات المسلحة الأردنية، فقد بلغ عدد الشهداء 86 جندياً وعدد الجرحى 108 جريحاً، وتدمير 13 دبابة، وتدمير 39 آلية مختلفة، أما الفدائيين الفلسطينيين، فقد سقط منهم 95 شهيدًا وحوالي 200 جريح.

شهادات تاريخية

من جانبٍ آخر، يقول المؤرخ مصطفى كبها والمحاضر في جامعة بئر السبع والجامعة المفتوحة إن الكرامة كانت أول إنجاز عسكري عربي أمام إسرائيل منذ النكبة، وأضاف أن الخلاف على رواية وقائعها بين الفلسطينيين والأردنيين لم تنته.

ويشدد كبها على أن "الكرامة" أبرزت الرموز الفلسطينية كالكوفية والعمل الفدائي، ونوه إلى أنها شقت الطريق أمام زعامة ياسر عرفات واعتراف العرب بها، ومهدت لصدور الاعتراف العربي بمنظمة التحرير ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني عام 1974.

ويضيف أنه على أثرها زار عرفات القاهرة واستقبله الرئيس الراحل عبد الناصر الذي ساعدته "الكرامة" في نشر فكرة حرب التحرير الشعبية.

من جانبه يقول المؤرخ المحاضر في جامعة حيفا محمود يزبك إن "الكرامة" فاجأت العرب والإسرائيليين معا، إذ إنهم توقعوا أن تنجح إسرائيل باحتلال شرقي الأردن خلال ساعات بعدما تغلبت على الجيوش العربية في ستة أيام عام 1967.

انتهاء الأسطورة

ويوضح أن "الكرامة" أعادت الاعتبار ولو لوقت محدود للكرامة العربية بعدما وضعت علامة سؤال على أسطورة الجيش الذي لا يقهر ولفتت لبسالة المقاومة الفلسطينية ووحدات في الجيش الأردني ولأهمية الطوبوغرافيا في إحراز الانتصار.

ويلفت يزبك إلى أن "الكرامة" أنعشت الأمل لدى الشعوب العربية بعد النكسة وأعادت إليهم الروح، لكنها أشعلت ضوءا أحمر لدى بعض الأنظمة العربية التي خشيت على استقرار حكمها واعتبرها مقدمات لأحداث أيلول الأسود عام 1970.

ويرى يزبك أن "الكرامة" أظهرت قوة إستراتيجية حرب العصابات وقال إن هناك وجه شبه كبيرا بينها وبين تجربة حزب الله في حرب لبنان الثانية من ناحية طريقة القتال وأثرها على وعي طرفي النزاع.

وبشأن رواية المعركة يوضح يزبك أنه بخلاف محاولات احتكار "الكرامة" جاء الانتصار فيها ثمرة جهد مشترك فلسطيني أردني أمام عدو مشترك، وأضاف "على الطرفين التمسك بالرؤية المشتركة بدلا من الصراع التاريخي على روايتها".