نتائج الانتخابات الداخلية لحركة حماس بدأت معالمها تتضح وكما كان متوقعًا ضخت الحركة دماء جديدة في مؤسساتها ودوائرها ولم تخالف الحركة توقعات الكثيرين بتقلد اسماعيل هنية لرئاسة المكتب السياسي إلا أنها خالفت التوقعات في وصول يحيى السنوار لرأس الهرم في قطاع غزة وما أن أعلن عن تقلد السنوار لمنصب القائد العام للحركة في قطاع غزة حتى بدأ الجدل في أوساط أبناء الحركة وفي أوساط المتابعين والمراقبين السياسيين.
فالسنوار الشخصية الأمنية والعسكريه صاحب تاريخ طويل لاسيما في الأسر، يحيى السنوار الذي ولد قبل خمسة وخمسين عامًا في مخيم خانيونس للاجئين أكمل تعليمه الجامعي في الجامعة الاسلاميه ليغادرها حاملًا إجازة باللغة العربيه والرجل انتمى لحركة الاخوان المسلمين في سن صغيرة ومما يحسب له أنه كان من أصحاب اليد الأولى في حمل معول العمل العسكري في وقت كانت الجماعة توصف بأنها لا تؤمن بالعمل العسكري ضد الاحتلال وكان البعض يصفها بان أجندتها تبتعد عن فلسطين.
السنوار الذي اعتقل عدة مرات قبل أن يعتقل بتهمة تاسيس الجناح الأمني لحركة حماس الذي مازال يحمل التسمية الاولى "مجد" ويحكم بالسجن المؤبد صاحب خبرات وميزات لا يعرفها الكثيرون من أبناء الحركة فهو شخصية غامضة إلا لمن التقاه في السجون وعاش معه بين جدرانها، من بين هذه الميزات صلابته في التعاطي مع إدارة سجون الاحتلال وفي المقابل انفتاحه على الفصائل والقوى الفلسطينية والرؤية السياسية الثاقبة وحسن الاطلاع واتساع الثقافة بالاضافة إلى ولعه باللغة العربية التي درسها فحولته إلى شاعرٍ ينظم الأبيات ويعلم من حوله قواعدها.
لكنّ. يؤخذ على السنوار أيضًا هوسه بالأمن وتعثره في إدارة هذا الملف في السجون وتحديدًا في منتصف التسعينات حيث أصيب حماس يومها بحالة الهوس الأمني الذي أدّى إلى إخفاقات كثيرة استغلتها أجهزة أمن الاحتلال، خير استغلال وكثير من أبناء حماس يربط هذه الحالة بيحيى السنوار الذي تنحى بعد هذه الموجة عن العمل التنظيمي لسنوات طويلة وظل ملتزمًا كقيادي في الحركة إلى أن عاد اسمه ليتردد في صفقة وفاء الأحرار والتي كان أحد أهم عناصرها والقائمين عليها شقيقه محمد.
وما إن غادر السنوار الأسر بعد عقدين ونيف حتى عاد اسمًا في الأخبار بوصفه أحد القاده العسكريين للحركة وبرز اسمه أكثر فأكثر في حرب العام ٢٠١٤ ويبدو أن السنوار بالفعل كان أحد الذين أداروا العملية العسكرية بشكل أو بآخر والتي انتهت بانتصار للمقاومة الفلسطينية، السنوار اليوم عاد في موقع صاحب القرار في قطاع غزة وهذا الأمر له دلالات كثيره أهمها أن قاعدة حماس التي انتخبته اتخذت قرارًا بأن يكون على رأسها في القطاع رجلا يؤمن بأن طريق المقاومة المباشرة هو السبيل لانهاء الاحتلال.
بالاضافة إلى أن الاقليم سيضطر للتعاطي مع رجل يفهم لغة السياسة والمصلحة الامنية بشكل كبير ويعرف كيف يربط بين العنصرين اللذان يحكمان كل منهما الاخر وعلى العكس من توقعات البعض أن مصر في زمن السنوار ستصطدم مع حماس فالرجل قد يكون الاكثر ادراكا للاحتياجات الامنية لمصر وقد يحمل للقيادة المصريه حلولا لكثير من المعضلات في سيناء، تل ابيب هي أول من التقط دلالات انتخاب السنوار فخرجت بذكرى صفقة شاليط وتحدثت عن رفض السنوار الخروج من الاسر لانه كان يعتقد بان هذه الصفقة يجب أن تفرج عن كافة الأسرى من أصحاب المؤبدات وبهذا تكون تل أبيب قد لمحت إلى الثمن الذي قد تدفعه في الصفقة المقبله مع حركة حماس مقابل ما لديها من أسرى اسرائيليين.
والدلالة الهامة في انتخاب الرجل للفصائل الفلسطينية، فالرجل كما تحدث بعض القيادات في الفصائل منفتح على الآخَر وقادر على إدارة ملف المصالحة والحوار لاسيما وأن المصالحة تبدأ وتنتهي من غزة وليس من أي مكان آخر، بكل الأحوال حماس خاضت غمار العملية الديمقراطية الداخلية وأفرزت السنوار كأحد أبرز الوجوه في المرحلة المقبلة وضخت دماء جديدة في مؤسساتها ودوائرها ومما لا خلاف عليه بأن الأيام المقبله ستشهد متغييرات على كافة المستويات وعنوان هذه التغييرات "حماس".