فلسطين المحتلة- خاص قُدس الإخبارية: أثار نشر جيش الاحتلال، الأربعاء، تقريرًا يقول فيه إنّ حركة«حماس» تمكنّت من قرصنة جنود إسرائيليّين باستخدام حسابات مزيفة لحسناوات، على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، موجة عارمة، اعتبرته الغالبيّة فضيحةً واختراقًا كبيرة للمنظومة الأمنيّة الإسرائيليّة.
ومما لم يظهر حتّى على الإعلام، هو الضّربة القويّة الّتي وجّهتها حماس للجهاز الأمني الإلكتروني لجيش الاحتلال، وليس فقط كما تناقلت وسائل الإعلام بأن الأمر ليس سوى حسابات وهميّة لمجموعةٍ من الحسناوات، منها 12 درسًا مستفادًا من هذه العمليّة الإلكترونيّة.
الدّرس الأوّل: الحركة التي قامت بها «حماس»، والتي وصفها الاحتلال بأنّها زلزال، هي فعلًا كذلك، كونها الجهة الأولى التي تستخدم مثل هذا التكتيك الالكتروني ضدّها، وهي استراتيجيّة خاصّة تستخدم من قبل هاكرز ضد هاكرز، تُعرف بـ«وعاء العسل».
يوضح حميد، أن تكتيك «وعاء العسل» هو عبارة عن شبكة أو مجموعة من مواقع وخدمات إلكترونيّة، تكون في الظاهر نقاط أمنية حسّاسة لجهات أو منظّمات عالميّة أو استخباراتيّة؛ لتجذب أعدائها من الهاكرز ومن ثمّ اختراقها، وبعد أن تتمّ عمليّة اختراق هذه الشّبكة الوهميّة، يقع الهاكر مع مركز اتّصاله في هذه المصيدة، ويُسمح للشبكة باختراقٍ مُضادّ له.
الدّرس الثّاني: من خلال تكتيك «وعاء العسل»، حقّقت «حماس» العديد من النقاط، وحتّى بطريقة تفكيرها في هذه الحرب، أبرزها:
- النقطة الأولى: معرفة استراتيجيّات وتقنيات الهاكرز الإسرائيليّين في طُرق الاختراق والهجوم، ومعرفة مستواهم بدقّة. وهو أشبه بالأستاذ الذي يمتحن مستوى تلميذه.
- النقطة الثّانية: تسريب معلومات استخبراتيّة وهميّة من خلال شبكة «وعاء العسل» بطريقة غير مباشرة تكون مهمّة بالنسبة للاحتلال، كونه اخترقها وتمّكن من استخراجها، وبذلك تكون «حماس» بانتظار حركة العدو القادمة، أي ضربة ثلاثيّة الأبعاد على المستوى الأمني.
- النقطة الثّالثة: بنك معلومات أمني قد أصبح بالفعل بحوزة «حماس»، حتّى لو لم تُصرّح عنه، فمثل هذه التقنية لا يُمكن إلّا أن تُوصفَ بالزّلزال، كما وصفتها بعض الصحف الإسرائيليّة.
الدّرس الثّالث: الحصار إلى الآن لم يصنع إلّا المعجزات، خاصًّة في معركة «اصطياد الصّيّادين»، والحرب الإلكترونيّة، والّتي تتطلّب المهارة العالية في أمن المعلومات الإلكتروني.
الدّرس الرّابع: التّكتيك الّذي استخدمته «حماس» يدلّ على أنّها مُواكِبة لأحدث تقنيات الحرب الإلكترونيّة، وأنّها تملك فريقًا تقنيًّا لا يُستهان بمستواه.
الدّرس الخامس: فن اختراق العقول، أو ما يُعرف في الوسط الأمني التّقني بـ الهندسة الاجتماعيّة، وهي تقنية أخرى استخدمتها «حماس» في حربها، وهي استدراج جنود الاحتلال وضبّاطه تقنيًّا واجتماعيًّا عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
الدّرس السّادس: الاحتلال بجميع رُتبه إلى الآن يُثبت للعالم أنّه جيش شهوات، وجيش تافه، يقع ضحيّة صور فتيات وهميّة. والأهمّ أنّ «حماس» استغلّت هذه الثّغرة، وما حقّقته أعظم.
الدّرس السّابع: أحصنة «حماس» لم يمنعها الحصار من الدخول للأراضي المحتلّة، وهي التقنية الثّالثة التي استخدمتها في عمليّتها، وهي ما يعرف بـ«حصان طروادة».
«حصان طروادة/ Trojan» هي عبارة عن تطبيقات أو برامج، في الظاهر تكون طبيعيّة وتعمل عملها على أكمل وجه، ولكن خلف الكواليس، تجمع معلومات عن الضحيّة، وتُرسلها للهاكر دون معرفة الضحيّة، بينما تُحاول قدر الإمكان التكيّف وإظهار حُسن النيّة للمكوث فترة أطول لجمع المعلومات.
الدّرس الثّامن: عدم استخدام «حماس» لهجوم حجب الخدمة «DOS/DDOS»، وهو هجوم يؤدّي إلى حجب الموقع أو الشّبكة المستهدفة وإيقافه، واستخدامها للاختراق فقط لا غير، هو رسالة للاحتلال تُثبت بها أنّها تتحدّاه في أقوى أسلحته، وميدانه الّذي تبرع فيه، خاصّة ما هو معروف عن المُخابرات الإسرائيليّة من مهارة عالية.
الدّرس التّاسع: الخوف الأكبر من هذه العمليّة بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي، هو إن كان فريق «حماس» التّقني يمتلك ثغراتٍ غير مُعلنة، أو ما يُعرف بـ«ثغرات ساعة الصفر/ 0day Vulnerability»، وهي ثغرات تكون في الأنظمة والأجهزة، غير مُكتشفة من قبل الشركة المُصنّعة والمُبرمجة لتلك الأنظمة والبرامج، وبالتالي تُمكّن المخترق من الحصول على كامل صلاحيّة جهاز الضحيّة حتّى يتم إصلاحها، ولن يتم إصلاحها إن لم يُبلّغ عنها، وبالتالي صلاحيّة كاملة قد تكون لسنوات، وهو الزّلزال الحقيقي، ومثال على ذلك، فايروس «Stuxnet»، الّذي اخترقت به إسرائيل وأميركا وألمانيا المنشآت النوويّة الإيرانيّة.
الدّرس العاشر: التّعاطف الذي شهدته وسائل التّواصل الاجتماعي لهذه العمليّة، يُثبت أنّه لا تزال هناك حاضنة للمقاومة من قِبل الشّعوب، وبالتالي هناك إمكانيّة بأن تكون العمليّة مصدرها خارج فلسطين، وأنّ الفريق التّقني هو عبارة عن مزيج من جميع أنحاء العالم، يعمل ونظّم نفسه كما الـ«Anonymous».
الدّرس الحادي عشر: تفرّد «حماس» في مثل هذه الحروب، يُثبت للعالم أجمع وللشعب الفلسطيني أولًا، أنّها على رأس حربة المقاومة، خاصّة أنّنا لم نسمع عن أي هجوم أو عمليّة بمستوى هذه العمليّة وحرفيّتها، وجهل الأطراف الأخرى بأسلحة الحرب وميادينها.
الدّرس الثّاني عشر: هذه العمليّة هي خطوة من خطواتٍ قادمة، وإذا استهدفت البنية التحتيّة، أو المنشآت العسكريّة، فالضّرر الّذي سيحدث، حتّى الأجيال القادمة ستأخذ الدّروس منه، فمن التحكّم بالهواتف، إلى التحكّم بالغوّاصات والطّائرات، قد يكون عنوان المرحلة المقبلة.