شبكة قدس الإخبارية

"شلّح" صنع مخرجًا للأزمة الفلسطينية

ولاء حجيجي

منذ بداية "الربيع العربي" حاولت حركة الجهاد الإسلامي النأي بنفسها عن الإصطفاف بجانب طرف ضد طرف، وأكدت في الكثير من المناسبات أنها ضد الإحتكام للسلاح وأنها مع الحل السياسي في سوريا مثلا.

الجهاد لمن يعرفها جيدا تتقن صنع الخيارات للآخرين، انطلاقتها في العمل المسلح دفعت الإخوان للعمل المسلح وتشكيل حماس؛ في الإنتفاضة الثانية سعت لكسر القرار الفتحاوي الذي كان مع تركيز العمليات الفدائية في أراضي 67 وقامت بالعمل على تشكيل خلايا مشتركة مع فتح لتنفيذ عمليات في الداخل المحتل عام 1948.

ولكنها عجزت في صنع الخيار للعرب...

كان التردد في إبداء الموقف المؤيد الواضح لإيران لعدة أسباب؛ منها أنها كانت لا تريد أن تحسب على طرف وسط الإستقطاب الحاد في المنطقة وراهنت ولو بشكل يائس على الدول العربية وسبب آخر أنها كانت تحاول جمع الجميع حول القضية الفلسطينية من عرب وعجم وأيضا فإن التغييرات في المنطقة كانت كبيرة ومفاجئة أحيانا ولذلك التزمت الجهاد الحياد.

الجديد في خطاب شلح أنه حمل الإتهام للعرب بشكل واضح والمديح لإيران بشكل أوضح معتبرا إيران أنها آخر ما تبقى لنا من ناصر وأنها الجهة الوحيدة التي حافظت على دعمها اللامحدود للقضية وبذلك فإن شلح يطلق النار على الأمل في العرب من خلال خطابه، والأهم أنه قطع كل طريق بين حركته وبينهم.

الأهم فعلا أن شلح مطمئن لهذه الخطوة والتصريح بهذا الشكل بمثابة الثقة بأن موقف ما تبقى من "حلف المقاومة" قوي وبالتالي الخيار بالبقاء معهم آمن جداً ولا يحمل مخاطر انهيار وهذا إن دل فإنما يدل على أن "حلف الممانعة" بدأ يستعيد قوته ونقاطه لدرجة أن المعتمدين على دعمه مطمئنين له كخيار طويل الأمد.

كلمة شلح تدلل أن العرب فعلا ذاهبون لما هو أكثر من التطبيع مع "إسرائيل" وأن فلسطين لم تعد أبدا في حساباتهم وقد تحدث شلح عن ذلك.

في الشأن الفلسطيني كان عمليا ويحاول معالجة العقبات بالإستراتيجيات وليس بالأماني والشعارات؛ أوسلو الذي يعلن اليسار واليمين والوسط في السياسة الفلسطينية موته بقرار وسلوك إسرائيلي لم يدفن بعد رغم وفاته؛ وجاء شلح ليذكرهم بجنازة أوسلو التي لم تحتمل التأجيل والمراهنة على الذات الفلسطينية والوحدة الفلسطينية لمواجهة الأخطار الإسرائيلية والسلوك الإسرائيلي المتشدد.

ما يثير استغرابي هو من خرج ليقول لنا أن بعض بنود المبادرة خيالية؛ والسؤال هل هناك خيال أكثر من أوسلو اليوم وبالأمس وفي المستقبل!

واليوم نستطيع القول أن الجهاد بنقاطها العشرة شخصت لنا الحالة والدواء والمنتقدين للمبادرة كما يبدو مستفيدين من الحالة المرضية التي تعيشها قضيتنا.

المبادرة وجدت صدى كبير فأيدتها كل الفصائل باستثناء فتح وأثنت عليها أطراف كثيرة كان أبرزها الدكتور يوسف القرضاوي؛ ومن خلال هذا التوافق الكبير عليها يمكن اعتبار المبادرة محل إجماع وقابلة للنقاش ومخرجا متفقا عليه.