غزة - قدس الإخبارية: ثمة سردية لا تتوقف عند حدث بعينه، تتكرر في كل الأزمان وجل الأماكن، تختلف مصطلحاتها لكن المضامين واحدة، تريد أن تقول للناس باختصار: «انفضوا من حول المقاومة؛ فهي الحصار والدمار، وهي العجز والانكسار». ولا يمل أصحاب هذه الأفكار من تكرارها بأساليب بعضها مفضوح والآخر مستتر.
يقول العرب إن من أعضل المعضلات توضيح الواضحات، ويقول المتنبي في ذلك: «وليس يصح في الأفهام شيء.. إذا احتاج النهار إلى دليل»، فأجدني مملاً لو أخذت أسوق الأدلة المتعلقة بمشروعية المقاومة ومبرراتها؛ فالدفاع عن النفس أمر طبيعي في سياق المعارف البشرية والتشريعات الدينية على طول التاريخ.
لا يوجد نفس سوية ترضى بالظلم أو تتعايش مع الذل، ومن مآسي زماننا ظهور بعض المسوخ يستمرئون الذل والمهانة ويرضون فقط بالمأكل والمشرب دون فكر أو رأي وعقل أو عمل وسعي لعمارة الأرض ونشر العدل، وبذلك ينتفي عن هؤلاء الناس كثير من الصفات التي كرم الله بها الإنسان عن باقي المخلوقات، ويتنافى ذلك مع الرسالة التي اختص الله بها المسلمين.
لا شك أن القتال كُرْه للنفس، ومع ذلك كتبه الله علينا لإحقاق الحق ورد الحقوق ودفع الظلم وإرساء العدل، وإلا فإن تركه هو معصية لله، وفساد بالأرض يدفع الظالمين لاستمراء ظلمهم وبغيهم، ومن يؤمن بالصلاة عليه أن يؤمن بالجهاد، وإلا فإنه ما آمن حق الإيمان.
المرجفون أو هم المتصهينون في عصرنا يعلمون علم اليقين بأن الصهاينة هم سبب مآسي الشعب الفلسطيني، إلا أن قلوبهم مليئة بالحقد على المؤمنين ويفرحون إذا أصاب المجاهدين سيئة، لكنهم يتحرجون من شكر الصهاينة فيهاجمون المقاومين والمجاهدين ويحمّلونهم مسؤولية جرائم الاحتلال وعدوانه كما سفلة القوم الذين يرجعون سبب اغتصاب الفتاة إلى جمالها.
دأبهم الإرجاف وبث روح الهزيمة، ذلك أنهم حين هدوء المعارك يتهمون المجاهدين بالضعف والخور وحين اشتعالها يتهمونهم بالحمق والتهور، ولا يفتؤون يستدعون كل نقيصة من شأنها أن تضعف التعاطف مع المجاهدين، في حين أن واجب الجهاد بالنفس والمال يقع على عاتق جميع المسلمين القادرين، وحين تسألهم عن الخذلان لا يملكون من أمرهم سوى الجدال، وكأنهم منحوا الجدل وحرمهم الله العمل.
المصدر: صحيفة العرب القطرية