شبكة قدس الإخبارية

القلق والشوق بديلان لـ"المخطوفين الستة" برمضان والعيد

شذى حمّاد

الضفة الغربية – خاص قُدس الإخبارية: لم يكن قد مضى على تحرر هيثم سياج (18 عاما)، عدة شهور من سجون الاحتلال، عندما اعتقل مجددا وزج في سجون الأجهزة الأمنية الفلسطينية، ليغيب للعام الثاني على التوالي عن مائدة الإفطار مع أسرته.

"استفقده كثيرا، يمر رمضان الثاني وهو بعيدا عنا ... رمضان الأول قضاه في سجن مجدو، وها هو يقضي رمضان الثاني في سجون السلطة"، تقول والدة هيثم الذي فور تحرره من سجون الاحتلال بدأ يحضر لاستكمال دراسته الثانوية بعدما أن حرم منها بسبب اعتقاله الأول، كما كان يخطط للحصول على رخصة شحن، حسب ما تؤكد والدته.

في التاسع من نيسان الماضي، أعلنت الأجهزة الأمنية الفلسطينية اعتقال هيثم ورفيقيه باسل الأعرج (33 عاما) ومحمد حرب (23 عاما) خلال تواجدهم قرب عين للماء في قرية عارورة قضاء مدينة رام الله، وذلك بعد 10 أيام من اختفائهم.

ثم أعلنت لاحقا عن اعتقال شابين آخرين على خلفية القضية ذاتها، وهما محمد السلامين (19 عاما) من الخليل، وعلي دار الشيخ  (22 عاما) من بيرنبالا قضاء القدس.

اعتقال الشبان الستة رافقه تضارب في تبرير الأسباب من قبل الأجهزة الأمنية، لكن مصادر أمنية فلسطينية وإسرائيلية أعلنت بوضوح أن الاعتقال تم على خلفية تخطيطهم لعملية فدائية، وقد مضت الآن ثلاثة شهور؛ وما زال ملف الشبان الستة مبهما وغامضا، وقد فرض حظر النشر في تفاصيله على الرأي العام والإعلام.

والدة هيثم التي انتظرت عودة نجلها خلال شهر رمضان، ما زالت تتمسك بأملها بأن يقضي هيثم العيد برفقتها والعائلة، "قدم المحامي طلبا بإخلاء سبيل هيثم، منذ أسبوعين وحتى اليوم لم نتلقّ أي إجابة .. ولكني متفائلة بالإفراج عنه ليقضي العيد معنا"، تقول والدة هيثم.

وعن ظروف اعتقال هيثم، تبين أنها تستطيع زيارته مرة واحدة كل أسبوع، مشيرة إلى أنه نقل إلى سجن أريحا وباقي الشبان، بعد أن عانوا من العزل في زنازين انفرادية وظروف اعتقالية صعبة.

"أنا وباقي الأمهات غير قادرات على استيعاب ما حصل ويحصل مع ابناءنا، أشعر إني في صدمة وخاصة أنه لا يوجد أي شيء واضح بملفهم"، تقول أم هيثم التي لا تخفي خوفها الشديد من احتمالية  اعتقال نجلها ورفاقه من قبل الاحتلال فور خروجهم من سجون السلطة.

وتؤكد أم هيثم، أن أحد ضباط الأجهزة الأمنية أخبرها أن استمرار اعتقالهم يهدف "لحمايتهم من الاحتلال"، وهو ما ترفضه عائلات الشبان الستة وتعتبره إضاعة لسنين عمرهم.

ويسيطر القلق من هذا المصير على قلب والدة أم الناشط باسل الأعرج أيضا، ولذلك فإنها ترفض الحديث مع وسائل الإعلام، متخوفة أن يشكل حديثها تهديدا على نجلها، أو يكون له تأثيرا سلبيا على سير قضيته. وتقول باختصار: "لا أعلم شيء عن ملف باسل أو التهم الموجهة إليه .. لا شيء واضح لنا كأهالي".

فيما تقول والدة محمد حرب من مدينة جنين، إن نجلها محمد أكد لها أن اعتقاله ربما يكون طويل المدة، وأنه لا وجود لأي سقف زمني محدد له، وقد طلب منها عدم التفاؤل بانتظار عودته مع اقتراب العيد.

محمد تخرج مؤخرا من كلية الهندسة في جامعة النجاح، ثم استقر في مدينة رام الله بحثا عن تدريب وعمل قبل أن يتم اعتقاله، تقول والدته: "كلما زرته يراودني شعور أنه سيعود معي للمنزل ... وكل مرة أقول للضابط اتركني أعيده معي، ليرد أن استمرار اعتقاله هو حماية له".

وتعلق أم محمد: "لو ابني عند الاحتلال لبدأ الآن العد التنازلي لعودته .. كل الأشهر التي سيقضيها الآن عند السلطة ليست إلا مضيعة لعمره وغير محسوبة من أي حكم قد يصدر من الاحتلال".

ويشير محامي الشبان الستة مهند كراجة، من مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، إلى أن موكليه اعتقلوا لمدة 45 يوما في سجون الأجهزة الأمنية في مدينة رام الله، حيث كان يمدد اعتقالهم كل مرة لـ15 يوما بذريعة التحقيق معهم، ثم نقلوا فيما بعد إلى سجن أريحا.

ويبين كراجة، أن النيابة العامة توجه تهما للشبان الستة وتحقق معهم حولها، إلا أنها وحتى اليوم لم تعرض لوائح الاتهام الموجهة لهم أمام المحكمة، مؤكدا أن التهم الموجهة إليهم تتمحور حول نشاطهم السياسي.

وأوضح كراجة، أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية تواصل اعتقال الشبان الستة في مقر المخابرات العامة، على الرغم من أن احتجازهم يجب أن يكون في مركز التأهيل والإصلاح وهو السجن العادي.

وعن وجود سقف زمني لاستمرار اعتقال الشبان الستة، يبين كراجة أن التمديد المستمر لاعتقالهم يتم الآن على أساس وجود ملف تحقيقي، على الرغم من عدم وجود أي إجراء تحقيقي يستوجب استمرار اعتقالهم.

ويضيف، "يوجد قاعدة قانونية تقول كل متهم بريء حتى تثبت إدانته، كما يجب أخذ عند كل محاكمة عادلة قرينة البراءة لأي انسان ... فلا يجوز استمرار توقف أي كان دون وجود تحقيقات حقيقة تدينه".

وفي ظل عدم توجيه تهم واضحة للشبان الستة، تواصل عائلاتهم نداءاتها بالإفراج عنهم، حتى وإن كانت نتيجة ذلك سعى الاحتلال لاعتقالهم، إذ ترى عائلاتهم ومعها نشطاء أن الاعتقال لدى الاحتلال سيجعل موعد الإفراج عنهم أقرب، كونه المصير الحتمي لهم مهما كانت نتائج اعتقالهم المفتوح والمجهول مصيره لدى الأجهزة الأمنية.