فلسطين المحتلة – قدس الإخبارية: منذ أيام نشرت وثيقة بعنوان "سنعلنها ثورة داخل ثورة" وقع عليها سبعة وأربعون عضواً من أعضاء المجلس الثوري لحركة فتح قدمت الى أمانة سر المجلس الثوري تضمنت مطالبات للاطلاع على عمل اللجنة التحضيرية للمؤتمر السابع وما أنجزته حتى اللحظة وكذلك دعت لضرورة تبني الهبة الشعبية من قبل الحركة، وكذلك ركزت على ضرورة إصلاح الوضع الفلسطيني الداخلي بشكل عام.
إن القادة الموقعين على الوثيقة هم أشخاص مشهود لهم بصدق انتمائهم وحرصهم على المصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني وعلى حركة فتح ووحدتها الداخلية بوصفها قائدة المشروع الوطني الفلسطيني، ولأن الوثيقة دعت لثورة داخل الحركة من خلال مؤتمرها السابع فإن ذلك يؤكد أن الفتحاويين يؤمنون بضرورة إحداث ذاك التغيير الجذري من خلال المؤتمر في أسلوب وآلية عمل وقيادة الحركة وذلك على ضوء ما آلت إليه أوضاع الحركة الداخلية في ظل قيادتها الحالية من تشتت للقواعد التنظيمية وتدمير البنى التنظيمية وأزمة الثقة التي تكرست بين قواعد الحركة وقياداتها، وقد ظهر ذلك جلياً بعد سلوك الرئيس محمود عباس الذي سعى ويسعى إلى تجريد الحركة من هويتها النضالية والكفاحية وجعلها حركة ضعيفة مهشمة منحرفة عن مبادئها موظفاً إياها في خدمة مشروع التسوية الذي أثبت عبثيته ولم يعد أحد يؤمن به إلا هو.
إن الإيمان بالديمقراطية كوسيلة للتغيير لا زال هو الشكل الأرقى الذي يؤمن به كوادر الحركة لذلك فإن عقد المؤتمر السابع أصبح حاجة ملحة لإحداث التغيير، لكن ذلك يتطلب عقد المؤتمر على أسس سليمة منسجمة مع النظام الأساسي للحركة وليس من خلال لجنة تحضيرية تعمل بتعليمات الرئيس محمود عباس تهدف إلى إنتاج مؤتمر صوري يستثني جزء هام وأصيل من قيادات الحركة، والتي قام الرئيس عباس بإقصائها ظلما وبصورة مخالفة لكل القوانين والأعراف التنظيمية، وعليه فإن مؤتمراً وفقاً لمعايير محمود عباس سيدق مسمارا آخراً في نعش الحركة ويساهم في إضعافها أكثر وتشتتها، وبالتالي فإن ذلك سيؤثر في قدرة الحركة على قيادة مشروعنا الوطني وإنجاز مشروعنا التحرري.
إن الوثيقة المقدمة باسم تلك المجموعة من أعضاء المجلس الثوري كان يجب أن تتضمن مطالبة واضحة وصريحة بضرورة إنجاز مصالحة فتحاوية داخلية ودعوة الرئيس عباس علناً للتخلي عن مواقفه غير القانونية والظالمة والتي من خلالها قام باستبعاد قيادات مناضلة وكبيرة من صفوف الحركة وأيضاً كان يجب مطالبته بضرورة وقف مهزلة التنسيق الأمني الذي أصبح يشكل ضرراً كبيرا على مصالح شعبنا ومستقبل قضيته الوطنية، إن هذا السلوك من قبل الرئيس عباس جعل السلطة تظهر وكأنها وجدت فقط للقيام بمهام أمنية لخدمة الاحتلال ومشروعه الاستيطاني ولأجل الحفاظ على مصالح فئة صغيرة مقربة من الرئيس محمود عباس.
إن أزمة الثقة التي نشأت بين قواعد الحركة وقيادتها الحالية سببها سلوك الرئيس عباس الديكتاتوري وأسلوبه في القيادة الفردية وقد ظهر ذلك بأرقى صوره حين قام بالانقلاب على نتائج المؤتمر السادس وقام بإقصاء قادة كبار حازوا على ثقة المؤتمر ويتمتعون بشعبية كبيرة وثقة الجماهير، إن أسلوب الإقصاء الذي يلجأ إليه في تعامله مع خصومه السياسيين ومن يخالفه الرأي يجعل المطلوب من أعضاء المجلس الثوري للحركة بوصفه جهة رقابية العمل على مراجعة قرارات الرئيس عباس الظالمة والتي كان لها أثراً مدمرا على الحركة وحضورها ومستقبلها ودورها الكفاحي.
إن غالبية كوادر الحركة يعلمون جيدا أن بقاء الرئيس محمود عباس في قيادة الحركة سيؤدي إلى إضعاف مكانتها الجماهيرية كونه فقد شرعيته وثقة الجماهير، وأن بقاءه في مكانه سيؤكد انه قد صادر الحركة فعلاً بعد أن جعل منها عاجزة غير قادرة على إحداث الفعل الوطني المطلوب منها كما كانت دائماً في كل المحطات النضالية منذ انطلاقتها وحتى استشهاد قائدها المؤسس ياسر عرفات.
إن هذا السلوك غير المفهوم من قبل الرئيس عباس أصبح يثير علامات استفهام كبيرة وتساؤلات حول نواياه خاصةً فيما يتعلق بإصراره على تدمير الحركة وتجريدها من دورها الكفاحي، هذا السلوك لن يمكن الحركة من قيادة الهبة الجماهيرية أو من استعادة دورها النضالي وإعادة البناء والانبعاث من جديد، من هذا المنطلق فإن كل كوادر الحركة مع ما جاء في الوثيقة ويطالبون بثورة فعلية من خلال مؤتمر يؤسس له بشكل صحيح وعلى أسس تنظيمية واضحة وسليمة ليكون مؤتمرا لا يستثني أو يقصي أحداً ولا يعقد إلا بعد إجراء مصالحات فتحاوية داخلية تضمن عودة ورد الاعتبار لكل القادة الذين تم إقصاءهم عن مواقعهم ظلما، في هذه الحالة فقط سيكون مؤتمرا ناجحاً قادراً على انتخاب قيادة جديدة وطنية تؤمن بأهداف الحركة ومبادئها لتقود شعبنا نحو إنجاز مشروعه الوطني.
لكن في حال استمر الوضع الحالي وعقد المؤتمر على أساس ومعايير ورغبات الرئيس عباس فإن مؤتمراً كهذا لن يتمكن من إحداث التغيير المطلوب وإنما سيؤدي إلى تكريس فكرة توظيف الحركة لصالح مشروع التسوية الهزيل الذي لا يؤمن به إلا الرئيس محمود عباس وفئة قليلة من حوله ارتبطت عضويا بالاحتلال، إن استمرار السكوت أمام نهج محمود عباس الكارثي لن يؤدي إلا لمزيد من الضياع لأرضنا وقدسنا وهويتنا الفلسطينية وسيكرس الاحتلال مشروعه الاستيطاني على أرضنا الفلسطينية والذي تحميه سلطة الرئيس عباس من خلال ما يعرف بالتنسيق الأمني.