الوجه الحقيقي للاحتلال وسياسة تهويد التعليم ضمن خطة الاحتلال السياسية، ترتدي قناعا تربويا سرعان ما سقط ليظهر تحته الوجه الحقيقي للاحتلال في سياسته لتهويد التعليم، حيث استغلت سلطات الاحتلال ضعف المستوى التعليمي في مدارس القدس لتحقق هدفها الذي تسعى اليه بشتى الطرق وهو تهويد القدس, وغسل الأدمغة ألفلسطينية وتفريغها مِن محتواها عن طريق تحريف وأسرلة المنهاج لإنهاء الوجود الفلسطيني في مدينة القدس وتجهيل الجيل الفلسطيني ومن ثم قتل انتماءه للوطن وإبعاده عن قضيته.
خطة التهويد
خطة تهويد التعليم التي انتهجها الاحتلال تكتسي رداءً ممزّقًا يكشف عورتها ويوضح غايتها في إلحاق الضرر بالهوية الفلسطينية وطمسها حتى أنها لا تلقي بالًا "لاتفاقية أوسلو" الذي ينصّ على أن للسلطة الفلسطينية الصلاحية فيما يخص التعليم في القدس، وقامت سلطات الاحتلال بتوسيع نهجها في تهويد التعليم بأساليب كثيرة بدأتها بإعطاء الامتيازات لمن يدخل المنهاج الاسرائيلي في مدرسته، وقامت بدعم وتعزيز كل مدرسة بكثير من الاغراءات المُشبعة بخدعٍ لا تُخفى على عين المواطن الفلسطيني.
كما اشترطت إضافة امتيازات على ميزانية المدراء في المدارس التي تدخِل المنهاج الاسرائيلي لمدارسها، وهذه احدى خطط الترغيب ثم بلورت وزارة التربية والتعليم بحكومة نتنياهو خطّتها بتوسيع المنهاج الاسرائيلي في شرقي القدس بأسلوب الترهيب وإغلاق بعض المدارس ومن ثم نقل طلابها إلى مدارس تعتمد منهاج اسرائيلي إضافة الى التصدي لكل من يحاول من المعلمين أو المسؤولين بالتعليم أن يعترض وذلك بطرق عدة، كالاعتقال والطرد من التعليم وهذا أسلوب من أساليب الترهيب لتهويد التعليم.
وتعتبر سياسة أسرلة المناهج التعليمية بالقدس، بحسب الاخصّائي الاجتماعي والمرشد التربوي الاستاذ ناصر حمامرة، من أخطر السياسات والخطوات الاحتلالية بحق المنظومة المعرفية والتعليمية بحق الجيل القادم من المقدسيين فهي سياسة ممنهجة وبنائية تعمل على إعادة تشكيل شخصية الأجيال القادمة، بما يتلاءم وتصوّرات سياسات الاحتلال في المنطقة وتعمل على إعداد جيل مقدسي فارغ من محتواه الوطني، ومشبع بمنظومة معرفية مشوّهة حول تاريخ القدس ودولة الاحتلال وترسيخ مفهوم التطبيع وتقبل كيان الاحتلال على أنه أمر واقع وله الأحقية التاريخية والإنسانية في التواجد هنا، وهو ليس احتلال وليس كيان مصطنع وإنما هذا هو الوضع الطبيعي لتواجده.
وتعمد سياسة التهويد إلى خلخلة الهوية الوطنية للطلبة المقدسيين وخلق جملة من التناقضات داخل الفرد نفسه ومع مجتمعه وبالتالي ضرب الوحدة الاجتماعية المقدسية في معادلة تشويه المعرفة والمعلومة وهز الهوية الوطنية نتيجة زعزعة الاستقرار المجتمعي وتسهيل السيطرة الخطير في الأسرلة، حيث يمتد لمختلف الموضوعات التعليمية ويعمل على مسافة زمنية بعيدة وفي ظل عجز وتقصير في المواجهة الرسمية، لذلك يقول في هذا الاستاذ علاء أبو شخيدم مدير مدرسة دار الايتام بالقدس، إن المنهاج الاسرائيلي تم تفعيله في المدارس التابعة لبلدية القدس لنحو 6 مدارس ,كان هنالك تحريف واضح في التاريخ وتم حذف دروس عديدة عن تاريخ القدس , معتبرًا أنه أمر خطير وله تأثير سلبي جدا على فئة مهمة جدا من المجتمع المقدسي للسنوات القادمة.
افتقار مدارس القدس للبنى التحتية ومقومات التعليم وتفتقر مدارس القدس لمقومات التعليم، ويعاني قطاع التعليم في مدينة القدس، من مشاكل عديدة، منها نقص في عدد الصفوف مما يؤدي لظاهرة خطيرة جدا وهي التسرب الطلابي من المدارس، كما تمنع إعاقة وصول الطلاب الى مدارسهم بسبب سوء الطرق وعدم تمكّنهم من الوصول بيسر إلى التسرب الطلابي، وعدم الاهتمام الكافي بخطط منع التسرب وتدّني مستوى التعليم ونقص في المختبرات والتجهيزات الرياضية وعدم توفر المتطلبات الخاصة بالمدارس، إضافة إلى سوء الخدمات وضيق الصفوف وسوء التدفئة والتهوية في بيئة التربية، كما عدم قدرة الكثير من الطلاب على التسجيل بمدارس خاصة مما يؤدي الى التسرّب، وبالتالي فان سياسة التجهيل قد أخذت مكانها المطلوب وحققت هدفها الذي ينشده الاحتلال.
تحريف وتزييف المنهاج الفلسطيني فمنذ عام 2011، بدأت سلطات الاحتلال الاسرائيلي بتزويد مدارس القدس بكتب مزورة للحقائق التاريخية ومنع دخول النسخ الأصلية من الضفة، واستبدلت في منهاجها الجديد كلمة فلسطين بكلمة "اسرائيل" وقدّمت أورشليم على القدس، كما زوّرت حقائق التاريخ والجغرافيا وطمستْ مادة العقيدة الاسلامية وشوّهت صورتها الحقيقية وغيّبت كل ما يحث على الجهاد والنضال والحريّة، كما وظّفت منهاجها البديل عن المنهاج الفلسطيني، في تزوير المعالم الحضارية والإسلامية، مثل استبدال المسجد الأقصى بجبل الهيكل وإلغاء العلم والنشيد الفلسطيني، وأن القدس هي عاصمة لـ"إسرائيل" وإلغاء الدروس والأنشطة التي تربط الشعب الفلسطيني بهويته الحقيقية وتفكك ارتباطه القوي بأرضه، وهذه بعض النماذج من المنهاج المزور .
إنّ ضعف التحرّك السياسي الفلسطيني المتعلق بمجابهة هذا الغزو الفكري والثقافي والآفة التي ستقتل الروح الفلسطينية وتطمس هويتها أدّى إلى أبعاد خطيرة على واقع بنية المجتمع المقدسي، بحيث أصبح الوضع مأساوي ويتطلب وقفة جادة، ومن هنا تأتي الدعوة لوضع برنامج وخطة ذات بدائل احتياطية وفعالة ومدروسة بشكل متّقن تعمل على تقوية المنهاج الفلسطيني وتحرره مِن الأساليب التلقينية في التدريس، والعمل على إصلاح هشاشة العمود الفقري للتعليم في مدارس القدس وتلبية احتياجاتها الأساسية، وإقامة برامج تربوية وإرشادية بما يخدم هذه القضية، وسعي المسؤولين للضغط باتجاه التدخّل الدولي لإلزام "اسرائيل" احترام اتفاقياتها مع الفلسطينيين وعدم المساس بالمنهاج الفلسطيني.