القدس المحتلة – خاص قُدس الإخبارية: على شرفة منزلها في قرية حزما شرق مدينة القدس، وقفت آيات الخطيب (8 سنوات) تشير إلى منزل صديقتها روعة في الحي المقابل، والذي يبعد عن منزلها أقل من خمس دقائق فقط، إلا أن الوصول إليه اليوم يستغرق ساعة من الزمن على الأقل.
منذ 22/أيار/2016 ما عادت آيات تزور صديقتها لتراجعا دروسهما سويا، ثم تلعبا معا، فسلطات الاحتلال بدأت بنصب جدار فصل جديد في محيط قرية حزما، لتفصل عائلة الخطيب المكونة من 60 فردا عن القرية وذلك بعد (14 عاما) من فصلها عن مدينة القدس، لتجد العائلة نفسها تسكن اليوم بين جدارين، حيث لا خدمات أساسية تصلها.
تحلم آيات أن تصبح طبيبة، وكانت تعتقد أن مثابرتها في دروسها هو أولى خطوات تحقيق حلمها، إلا أنها اليوم تفكر فقط كيف ستصل مدرستها، "الطريق للمدرسة أصبح طويلا جدا، يجب أن نمر عن الحاجز العسكري وهذا يعني أننا سنصل دائما متأخرين، حيث نشعر بالتعب ولا نستطيع التركيز بدروسنا"، تقول آيات.
عائلة الخطيب تسكن المنطقة منذ (50 عاما)، في أرض توارثتها عن أجدادها، يقول عبد العزيز الخطيب (70 عاما)، جد آيات: "تبلغ مساحة هذه القطعة 130 دونما لكن لم يبق منها إلا 67 دونما، كل عام يصادروا جزءا من الأرض، ويهدموا أجزاء من منازلنا ويحررون المخالفات الباهظة ويسجنون أبنائي.. إلا أننا صامدون".
[caption id="attachment_93321" align="aligncenter" width="960"] الجدار الذي أقيم على أراضي العائلة[/caption]وتتساءل زوجته، نهاد الخطيب (55 عاما)، "كيف سيذهب الأطفال الآن إلى المدارس؟ إذا مرض واحد فينا كيف نصل إلى الطبيب؟... كل الخدمات التي نحتاجها موجودة في حزما كيف ستصبح حياتنا بعد اليوم؟".
وتقول أم نسيم وهي أم لثمانية أطفال، "أطفالي أصبحوا يخافون الذهاب للمدرسة، آيات كلما رأت الجنود ترجف من الخوف وتتمسمر مكانها، فعدة مرات حاول الجنود ضرب الأطفال وتهديدهم بالأسلحة".
وتضيف، "نحن نطالب بحقنا فقط في أن يهدم الجدار لنتمكن من العيش بطريقة طبيعية، فأطفالي يتساءلون دائما لماذا كل الأطفال يذهبون لمدرستهم بشكل طبيعي فيما لا يستطيعون هم الذهاب".
جنود الاحتلال يمنعون الأطفال من اللعب في محيط منازلهم، ولا يترددون في ملاحقتهم ومحاولة اعتقالهم كما فعلوا مع الطفل نديم (12 عاما). ويروي شقيقه أحمد (16 عاما) أن جنود الاحتلال المتمركزين في محيط منازلهم يوقفونه وأقرانه صباحا، ويخضعونهم للتفتيش كما يفتشون حقائبهم المدرسية، "يلاحقوننا ويفتشوننا دائما ويقومون بشتمنا بألفاظ بذيئة".
ويضيف، "رغم أن طريق المدرسة أصبحت صعبة وطويلة .. إلا أنني أريد أن أصبح طبيبا وسأستمر بالذهاب للمدرسة حتى أحقق حلمي".
يوما إثر آخر، تزداد حياة عائلة الخطيب تعقيدا؛ في ظل تصعيد الاحتلال من محاصرة العائلة وفصلها عن محيطها. فتروي هند الخطيب (60 عاما) معاناتهم طوال سنوات قائلة: "حياتنا منذ سكنا هنا تزداد تعقيدا يوما بعد آخر، الأطفال لا يستطيعون الذهاب إلى المدارس، وإذا احتجنا شيئا يجب أن نقطع طريقا طويلة للحصول عليه، كما لم نعد نشارك بالمناسبات الاجتماعية للعائلة والأصدقاء".
وتوضح هند، أنه وبعد إقامة جدار الفصل العنصري وفصل مدينة القدس، حصلت العائلة على تصاريح مفتوحة لدخول المدينة، إلا أن الاحتلال سحبها من العائلة مرة أخرى، لتعيش أزمة هويتها الضائعة بين الضفة الغربية والقدس، حيث بلدية الاحتلال تطالبها بتسديد الضرائب رغم أنها لا تقدم لها أيا من الخدمات الأساسية مقابل هذه الضرائب.
وكانت سلطات الاحتلال أقامت في ثمانينات القرن الماضي شارعا استيطانيا على أراضي عائلة الخطيب، لتكون أولى مراحل فصلها عن قرية حزما. فتروي هند، أن الشارع سريع وحركة المركبات لا تتوقف، ما يدفع الأمهات لأن تتواجد مع أبنائها يوميا عند ذهابهم للمدرسة لتمكنهم من قطع الشارع، وخاصة بعد تعرضهم لحوادث دهس.
منازل العائلة المقامة على أراضيها الخاصة تعتبرها بلدية الاحتلال غير قانونية وتسعى لهدمها وتشريد من فيها، وتؤكد هند أن عائلتها أُجبرت قبل عدة أشهر هدم غرفة مرفقة للمنزل بعد تهديدهم بهدم المنزل كاملا.
وفي الحي المقابل لعائلة الخطيب أقيم جدار الفصل العنصري على باب منزل علا أبو خليل، فما عادت علا تلوح لجارتها وتدعوها لشرب القهوة، تقول: "نسكن في هذا المنزل 24 فردا.. أصبحنا محرومين من الهواء حتى".
وتشير علا إلى أن مستوطنين حاولوا خطف أطفالها أثناء لعبهم أمام المنزل المحاذي للشارع، وتقول: " نحن اليوم في سجن كبير، لا نستطيع الوصول إلى القرية بسهولة، إذا تعرض الجنود لإلقاء حجارة يداهمون المنطقة ويخضعونها للتفتيش.. كما انهم يتواجدون بشكل مستمر في محيط المنزل وهو ما يخيف الأطفال".
[caption id="attachment_93316" align="aligncenter" width="960"] باب منزل علا أبو خليل يطل على الجدار الفاصل الذي أقيم مؤخرا[/caption]