"كل شيء كان جاهزًا للاحتفال بجنازتنا، لكننا ببساطة نحن من يكتب التاريخ وهذه المجموعة لا نهاية لطموحها" كانت تلك هي كلمات أندريا أنييلي رئيس يوفنتوس بعد إعلان يوفنتوس رسميًّا بطلًا للدوري الإيطالي عقب خسارة نابولي من روما بهدف دون رد.
هي السيدة العجوز اسمٌ على مسمى، هكذا قالوا في بداية الموسم حينما سقط اليوفي في مبارياته الأولى استبعدوه من المنافسة حتى على مقعد مؤهل لدوري الأبطال.
بدأ الدوري وخسر اليوفي مباراة الافتتاح على ملعبه لأول مرة في تاريخه من أودونيزي بهدف دون رد، وفي الجولة الثانية هُزم من روما، ثم تعادل في ثالث الجولات على أرضه مع كييفو.
وحان وقت بداية رحلة دوري الأبطال؛ على يوفنتوس شدّ الرحال إلى مدينة مانشستر لمواجهة فريق الستي متصدر الترتيب في الدوري الإنجليزي. الذي يستضيف صاحب المركز السادس عشر في الكالتشيو، ليحسم يوفنتوس الموقعة بهدف موراتا في الدقيقة 90 وينتهي اللقاء 2-1 لليوفي، تلاها فوز على إشبيلية بطل الدوري الأوروبي بهدفين دون رد في الجولة الثانية من دوري الأبطال وليحقق يوفنتوس فوزه الأول في ملعبه هذا الموسم.
10 جولات مرت من الكالتشيو ويوفنتوس لا يملك سوى 12 نقطة، وهنا انفجر غضب بوفون بركانًا فخاطب الكل بقوله: "البعض حتى هذه اللحظة لا يفهم معنى أن يرتدي قميص اليوفنتوس، أنا الاَن في سن الـ 38 ولازلت أملك رغبة كبيرة للفوز بكل شيء، وللدفاع عن شرف اسم يوفنتوس، من لا يملك هذه الرغبة فليترك مكانه الاَن، أريد 10 انتصارات متتالية ووقتها سنعود للسباق".
وقتها تكلم الكل عن انهيار يوفنتوس، وأن نجوم الفريق سيرحلون حينما يدركون أن فريقهم لم يعد قادرًا على الفوز، ليخرج المدرب أليغري ويقول: "لا تستعجلوا الدوري كالمرثون، العبرة في النهاية، في شهر شباط سنكون ضمن المقدمة، وفي آذار سنسترجع القمّة"، وخرج كريستيان فيري ليقول: "إذا فاز يوفنتوس في النهاية باللقب فعلى الجميع قتل أنفسهم".
لاحقًا يوفنتوس حقق 15 انتصارًا متتاليًا، واسترجع القمّة، ثم كان عليه مقابلة البايرن في ذهاب الدور ثمن النهائي من دوريالأبطال، الترشيحات كلها للبايرن، وأطلق الحكم الإنجليزي أتكنسون صافرته مساء الثلاثاء 23-2 وسيطر البايرن على مجريات المباراة، ونجح في تسجيل هدفين قبل أن يعود اليوفي ويتعادل لينتهي اللقاء بالتعادل، رغم ما حصل من كارثة تحكيمية في حق اليوفي.
عاد اليوفي للدوري وهزم إنتر، قبل أن يخسر منه في إياب نصف نهائي كأس إيطاليا، لكنه نجح بالوصول للنهائي بفوزه عليه بضربات الترجيح، بعدها توجه نحو ميونيخ، وفي مساء الأربعاء 16-3 انطلقت مباراة الإياب بتحكيم سويدي للحكم إيريكسون، ليسجل يوفنتوس منذ البداية من خلال بوغبا ثم يضيف كوادرادو الهدف الثاني، ويتبعه موراتا بالثالث، لكن الحكم يلغيه بداعي التسلل الغير موجود، ليعود البايرن ويتعادل، ويلجأ الفريقان للأشواط الإضافية.
سيطر اليوفي على الأول وأهدر الفرص وانتهى سلبًا، ومع بداية الثاني سجل البايرن هدفه الثالث، وتبعه بالرابع الذي كان مسبوقًا بخطأ ليوفنتوس لم يحسب، فقضي على أمل يوفنتوس في العودة في المباراة، وخرج يوفنتوس بعد أن قدم مباراتين رائعتين أمام أحد عمالقة أوروبا، وإن كان يوفنتوس من هؤلاء العمالقة إلا أنه غاب عنه في اللقاء 5 لاعبين أساسيين .
خرج رئيس البايرن رومينغة ليقول: "إن الحظ خدم فريقه ليتأهل، وأن الويفا ظلم يوفنتوس وبايرن حينما وضعهما وجهًا لوجه، بينما تُلعب مباريات أخرى تجمع فرقًا لا شأن لها بأوروبا".
ثم عاد يوفنتوس للدوري ليحقق سلسلة انتصارات، وبعد فوزه على فيورنتينا خسر نابولي من روما فحقق يوفنتوس اللقب الخامس تواليًا والـ 34 في تاريخه ،والـ 32 في سجلات الاتحاد الإيطالي لكرة القدم.
بعضهم يقول إنه فاز باللقب بفضل مساعدات الحكام، وبعضهم يقول إنه فاز لانعدام المنافسة، وهنا قال فابيو كانافارو: "نحن في إيطاليا لا نعترف بتفوق الآخر، ونحب الأعذار، فنقول إنهم فازوا بالحكام".
ثم خرج مارادونا ليقول: "يوفنتوس حقق سلسلة كبيرة من الانتصارات ويملك لاعبين من الأفضل في العالم، لكن أفضل لاعبيه في الاتحاد الإيطالي لكرة القدم وفي لجنة الحكام". وحديث لويس سواريز لاعب ومدرب إنتر حينما قال: "كلام مارادونا مبالغ فيه، لا يمكن لفريق أن يفوز بـ 5 ألقاب متتالية بمجاملة الحكام، كل الفرق تستفيد من أخطاء التحكيم، لكن يوفنتوس وحده من يفوز بكل المعارك بينما هم يفوزون بمعركة ويخسرون الباقي".
هنا أقول: هل يملك الحكام أن يجعلوا فريقًا يفوز في 24 مباراة من أصل 25، ثم ألم يكن يوفنتوس مترنحًا في البداية؟ ألم يحقق نقطة واحدة في أول ثلاث جولات؟ ألم يتأخر عن المتصدر ب 12 نقطة؟ ثم حقق اللقب بذات الفارق؟.
بل إن ذلك قد حدث لقوة يوفنتوس، ولعدم امتلاك خصومه شخصية البطل، وعدم تحملهم ضغط اللقب، ولإنهم اعتمدوا على 11 أو 14 لاعبًا فقط، ولضعف إداراتهم وسوء تخطيطهم.
أما بالنسبةلانعدام المنافسة؛ لم يعد الكالتشيو كما كان، ولم تعد فرقه قوية كما كانت، لكن هذا ليس ذنب يوفنتوس، لم تكن المنافسة صعبة، لكن قوة اليوفنتوس كانت أكثر وضوحًا من ضعف فرق الكالتشيو.
تخيلوا فريقًا جمع 12 نقطة في أول 10 جولات، ثم يعود ليجمع 73 نقطة من 75 ممكنة، و10 مبارايات متتالية لم تهتز فيها شباك بوفون، و9 مباريات متتالية في ملعبه لم يستقبل أي هدف، ليكون يوفنتوس أول فريق في تاريخ إيطاليا يحقق اللقب وقد جمع نقطة في أول ثلاث جولات،و 12 في أول 10 جولات، وكان وصيف بطل الشتاء لا البطل في شهر كانون الثاني.
أما بالنسبة لما اتهم به يوفنتوس من ضعف على المستوى الأوروبي، فإن يوفنتوس وصل نهائي الموسم الماضي لدوري الأبطال،ولم يكن مرشحًا لذلك، وخسر من برشلونة بعد مبارة كبيرة كان فيها نقطة تحول هامة في الدقيقة 68، إذ إن ماسكيرانو يسقط بوغبا داخل منطقة العمليات بحركة ترقى لمستوى المصارعة ، والحكم التركي تشاكير يواصل اللعب لترتد الهجمة ويسجل البارسا هدف التقدم 2-1، ثم يحتسب تشاكير 5 دقائق كوقت بدل ضائع لكنه يلعب 8، وفي الدقيقة الـ 8 سجل نيمار الهدف الثالث للبارسا بعد نهاية وقت المبارة الأصلي والإضافي بثلاث دقائق، برشلونة كان يستحق الفوز كما كان يستحقه يوفنتوس، كلاهما قدم مباراة رائعة لكن الحكم كان له دور حاسم فيها لا ينكره عاقل.
أما هذا الموسم فقد هَزم يوفنتوس الستي ذهابًا وإيابًا، وتفوق على إشبيلية بطل الدوري الأوروبي، وقدم في الدور ثمن النهائي ملحمة كروية ستظل في التاريخ و خسرها اليوفي بشرف الفرسان بعد أن قدم كل شيء رغم فداحة التحكيم وكوارثه في الذهاب والإياب.
للفوز في أوروبا يجب أن تكون الأقوى؟ لا. هذا ليس شرطًا فقد فاز ميلان 2007 وإنتر 2010 وتشلسي 2012 ولم يكونوا الأقوى، للفوز في أوروبا يجب أن تكون ضمن الأقوى، ويجب أن يحالفك الحظ، وأن تملك المال الوفير، فالمال اليوم هو عصب كرة القدم، وهو ما تفتقده معظم فرق إيطاليا، وأن تجد تحكيمًا عادلًا، ففنيًّا كان يوفنتوس على نفس مستوى الفرق الثلاث الكبرى البايرن والريال والبارسا، لكن ما خانه هو الحظ والتحكيم في بعض اللقاءات والإصابات في بعضها الآخر، لكنه مع ذلك قدم مستويات كبيرة ومباريات رائعة.
في نهاية مقالي؛ هذا أقول نعم. تراجعت كرة القدم الإيطالية، لكن تاريخها لا يمكن نسيانه، وحاضرها المتجسد في فرق كيوفنتوس ونابولي وبعض ما يقوم به روما يبشر بالخير، ما يمر به الكالتشيو الاَن مرت به باقي الدوريات في سنوات قد خلت.
يوفنتوس كان بطلًا متوّجًا في إيطاليا، والبطل غير المتوج في أوروبا، رغم ما قدّمه من ملاحم ستبقى خالدة في التاريخ، وأخيرًا أذكّر بما قاله بوفون: "خلال موسمين سنكون أبطال أوروبا"، وما قاله أليغري: "الموسم القادم سيكون هدفنا الفوز بدوري الأبطال".