الخليل - خاص قُدس الإخبارية: لم تكتفِ الصابرة "أم أحمد"، بثنائية الألم التي أصابتها منذ شهور، إنما تعدت هذه الثنائية لتتوج صبرها ثلاثًا بائنًا، لتطبق المثل الشهير القائل "المهموم ما بيشبع هموم"، حتى كان منعها من أداء العمرة همها الأخير وربما لن يكون كذلك.
الفلسطينية أم أحمد أبو فنونة من الخليل جنوب الضفة المحتلة، احتضنت شبانها الثلاث منذ اعتقال والدهم إداريًا مع بدء الانتفاضة الحالية، حيث اعتقلت قوات الاحتلال زوجها الأسير محمد أبو فنونة في الثاني والعشرين من تشرين أول الماضي على ذمة الاعتقال الإداري.
للمرة الثانية، مددت سلطات الاحتلال الاعتقال الاداري لثلاثة شهور ممتابعة لمرتين للأسير القيادي في حركة الجهاد الإسلامي محمد "أبو أحمد" بالرغم من كبر سنه وسوء وضعه الصحي، كما تمنعه من زيارة زوجته وأولاده منذ شهور، وتسمح أحيانًا لأخوته بزيارته، بحسب زوجته.
جمعة حزينة تلقّاها الأسير في زنزانته، لم تكن أشد صعوبة على زوجته المثابرة التي تلقت خبر استشهاد نجلها محمود، لكنهما قررا أن يكون يوم احتفالهم بشهادة ابنهم هو يوم عيدهم الوطني الذي حصدوه بعدما حاولوا جاهدين تربيتهم على أن الله والوطن لا ينازعهما شريك في الحب وأنهما وحدهما يستحقان نهاية مثلى.
الخامس والعشرين من آذار الماضي، أطلقت قوات الاحتلال النار على الشاب محمود، بدعوى محاولته تنفيذ عملية طعن بالقرب من مجمع مستوطنات غوش عتصيون شمال مدينة الخليل، ما أدى إلى استشهاده وتشييع جنازته لدفنه في المقبرة الجنوبية بالخليل.
بعد شهور على اعتقال زوجها واستشهاد نجلها، قررت الوالدة أن يرتاح قلبها بزيارة بيت الله والأنس بجوار بيت رسوله، التي لطالما كانت أمنيتها برفقة زوجها ونجلها، لتقدم على التسجيل في مكتب السفريات واستصدار تأشيرة وفيزة السفر، حتى حصل ما لم تكن تتوقع.
حزمت العائلة حقائب السفر، للسفر حيث المملكة العربية السعودية منطلقين برفقة جوازات سفرهم إلى "الجسر" مجموعة عائلية تتضمن "أم أحمد واثنين من أولادها الشباب وأختها وأخوتها وأنجال أخوتها"، جميعهم مروا عبر الحاجز الاسرائيلي إلا "أم أحمد وشبانها".
وتروي أم أحمد في حديثها لـ قُدس الإخبارية، "وصلنا الجسر لدى الجانب الاسرائيلي وقدّمنا جوازاتنا، استلمها أحدهم وقال لنا "تريّحوا"، عاد لنا بعد ساعة من الانتظار ليقول، "إنتو ممنوع تطلعوا من هون" وعند سؤاله عن السبب رد "أنا جندي مش مخابرات، وبامكانكم مراجعة الارتباط المدني بالخليل لو كنتم تشعرون بالظلم".
أم أحمد ونجليها أحمد (25 عامًا)، ومحارب (23 عامًا)، عادوا يحملون انتكاستهم الجديدة بعدما منعتهم قوات الاحتلال من السفر دون توضيح الأسباب، لتكون هذه المرة الثانية التي ترجعهم فيها فقد كانت المرة الأولى بحجة عدم وضوح صورة الهوية التي اضطرت أحمد لتغيير وتجديد هويته، لكن يبدو الأمر متعمدًا ومقصودًا بحجة " اللاشيء" هذه المرة، تقول أم أحمد.