رام الله – خاص قُدس الإخبارية: لم يستطع الطفل الجريح أحمد جمال حماد (14 عاما) مراجعة طبيبه منذ خروجه من بين فكي الموت، فوزارة الصحة تماطل في منحه حوالة صحية إلى مشفى "شعاري تصيدق" الإسرائيلي في مدينة القدس المحتلة.
في21/كانون أول الماضي، أصيب أحمد بخمس رصاصات أطلقها عليه جنود الاحتلال متمركزين عند المدخل الغربي لبلدة سلواد شرق رام الله، ليصاب بنزيف حاد بعد أن أدت إحدى الرصاصات لقطع شريان رئيس في يده، لينقل أحمد إلى مستوطنة "عوفرة" ثم إلى مستشفى "شعاري تصيدق" حيث أخضع لخمس عمليات خلال الشهر الذي بقي خلاله في المستشفى.
أحمد انتشل من الوضع الخطير الذي كان يهدد صحته، إلا أن وضعه لم يتحسن كثيرا خاصة أنه لم يتمكن من مراجعة طبيبه وتخلف عن أربع زيارات كانت مقررة له، فتبين والدته لـ قدس الإخبارية، أن موعدا كان مقررا له قبل أسبوعين فتقدمت العائلة بطلب الحصول على تصريح، لكن الرد جاء برفض الطلب لعدم وجود تحويلة من وزارة الصحة.
وتمكنت العائلة من الحصول على تصريح يتيح لها دخول مدينة القدس بعد شهرين من الجولات اليومية في مكاتب الارتباط الفلسطيني، إلا أن ذلك لم يتضمن حوالة صحية لتكون تكلفة هذه المراجعات أكثر من 1500 شيقل دفعتها عائلته.
وتضيف والدته، "الآن كل ما نريده أن تساعدنا السلطة في تكاليف علاجه بالأيام القادمة فهي مكلفة جدا على أسرة مكونة من 10 أفراد ويعيلها أب عامل"، مشيرة إلى أن المراجعة القادمة والتي ستُجرى لأحمد فيها فحوصات للأوردة الدموية ستكلف أكثر من خمسة آلاف شيقل وهو مبلغ يفوق قدرة العائلة ولا يمكن دفعه.
العائلة تقدمت بكتاب رسمي إلى مكتب الرئاسة الفلسطيني، وبكتاب آخر إلى مكتب محافظة مدينة رام الله والبيرة، إلا أنها لم تتلق أي رد حتى اليوم على الرغم من أن وضع نجلها الصحي لا يحتمل التأجيل.
وتقول والدة أحمد، "تقدمنا في البداية لوزارة الصحة، أخذوا منا كل الأوراق المطلوبة ورقم هاتفنا وطلبوا منا أن ننتظر اتصالا منهم.. ولكنهم لم يردوا لنا أي جواب حتى الآن".
ولا يستطيع أحمد اليوم تحريك قدمه ويده، فالعمليات الخمس التي أجريت له تضمنت زراعة "بلاتين" في قدمه وتحتاج لمراجعة بشكل مستمر للتأكد من سلامتها، كما تم زراعة "شريان" بدل الذي قطع في يده، إلا أنه ما زال عاجزا عن تحريك أصابعه التي ما عاد يشعر بها.
ووصل أحمد مرحلة الخطر وخضع لعمليات جراحة خمس لإنقاذ حياته، وقد تُقرَّرُ له عمليات أخرى إذا لم يتحسن وضعه الصحي، وهو ما يستدعي وضعه تحت المراقبة المستمرة للأطباء من خلال المراجعات المتواصلة والفحوصات الصحية الدورية المقررة.
"وزارة الصحة تماطل بشكل كبير في الموضوع على الرغم أنه لا يحتمل، وكل يوم يمر دون علاج يؤثر على أحمد بشكل كبير"، تقول الوالدة القلقة على وضع نجلها الذي لم يتحسن للأفضل خطوة واحدة حتى الآن.
وعن العمليات التي خضع لها أحمد، تبين والدته أن العملية الأولى كانت لوقف النزيف، فيما تم في العملية الثانية فتح قدمه وإخراج شريان منها لزراعته في يده اليمنى، ثم عملية ثالثة لزراعة بلاتين في قدمه، وعملية أخرى للتأكد من سريان الدم في شريان قدمه، كما أخضع لعملية أخيرة لزراعة جلد لتجميل المنطقة المصابة.
ويعاني اليوم أحمد من ضعف كبير في يده اليمنى فلا يستطيع تحريكها أو حمل شيء بها، كما لا يستطيع تحريك قدمه التي لم يعد يشعر بها، هذا عدا عن أن الأطباء لم يستطيعوا إزالة إحدى الرصاصات التي استقرت في عظام قدمه.
وعلى الرغم من الوضع الصحي لأحمد، فقد قدم الاحتلال ضده لائحة اتهام، إلا أن العائلة قدمت تقارير صحية لتأجيل جلسات المحاكمة نظرا لوضع أحمد وعدم قدرته على الحركة والخروج من المنزل.
وكانت سلطات الاحتلال أخضعت أحمد لحراسة مشددة في الأيام الأربعة الأولى من إصابته، وتوضح العائلة أن أربعة جنود كانوا يراقبونه حتى خلال وجودة في غرفة العناية المكثفة، كما كانوا يضايقونه بتشغيل الأغاني الصاخبة وحرمانه من النوم، كما كانوا يرفضون تقديم الماء له.
ورغم صعوبة وضع أحمد الصحي، إلا أن ذلك لم يمنع محققي الاحتلال من إخضاعه للتحقيق، فيروي أحمد أن أحد المحققين اقتحم غرفته وأخضعه للتحقيق وطرح عليه العديد من الأسئلة، مشيرا إلى أن ذلك حدث حين كان يستخدم جهاز التنفس الصناعي ولا يستطيع الكلام.
الطفل الجريح أحمد حماد، لن يتمكن ولأكثر من ستة أشهر من المشي، فيما استمرار وزارة الصحة في مماطلتها بمنحه الحوالة الصحية العاجلة، سيعيده للوراء كثيرا ويؤخر علاجه.
وتوقف أحمد عن إضافة ميدالية جديدة لميدالياته المعلقة على جدران المنزل، فهو أحد اللاعبين المتميزين في مسابقات الجري والتي كان يمثل بها مدرسته، فهل ستلبي وزارة الصحة نداء أحمد للحصول على حقه بالعلاج؟