شبكة قدس الإخبارية

مرح بكير فاجأت والدتها!

سماح دويك

القدس المحتلة – خاص قُدس الإخبارية: "الأسبوع الماضي كان من أصعب الأيام علي، فابنتي مرح بلغت سن السابعة عشرة عاماً  في سجن هشارون، ليكون أول أعياد ميلادها خلف القضبان"، تقول سوسن مبيض متحدثة عن آخر ما وصلت إليه ابنتها مرح بكير المعتقلة منذ نحو أربعة أشهر بعد إصابتها بالرصاص بزعم محاولة تنفيذ عملية طعن.

وتقول سوسن، "اعتدت أن أصنع نوعا مخصصا من الحلوى لكل ابن من أبنائي في أعياد ميلادهم، ولكن يوم الاثنين  الماضي كنت في زيارة لمرح وهنأتها بعيد ميلادها من خلف الزجاج ودون حضن".

مرح كانت تغادر مدرستها بتاريخ 12/تشرين أول عندما تعرضت لإطلاق رصاص من قبل مستوطن وأصيبت بجروح وصفت حينها بأنها فوق المتوسطة، ثم احتجزت في أحد مستشفيات الاحتلال قبل أن يتم نقلها إلى سجن "هشارون" دون استكمال علاجها حتى نهايته، حيث تتهمها سلطات الاحتلال بمحاولة طعن مستوطن.

وتوضح سوسن لـ قُدس الإخبارية، أن مرح تحب حلوى "تشيز كيك" ولأنه غير مسموح إدخال الطعام للأسرى، فقد شرحت الأم لابنتها خلال الزيارة الأخير كيفية صناعتها والاحتفال بها مع الأسيرات داخل المعتقل.

مرح بكير كانت تعيش مع عائلتها الصغيرة في بيت حنينا شمالي القدس المحتلة، إلى جانب شقيقها الوحيد موسى وشقيقتيها الصغيرتين نور وحلا، إضافة لأمها وأبيها، وهي طالبة في الثانوية العامة تستجمع منذ بداية العام الدراسي كل طاقتها وقواها للنجاح بتفوق في هذا العام الحاسم.

وتبين سوسن، أن مرح كانت تطمح لدراسة السكرتاريا الطبية أو إدارة الأعمال، لكن عند وقوع الحادث تغير طموحها فأصبحت تريد دراسة المحاماة  لتدافع عن المظلومين، "بعد أن أبهرتها محاميتها في كيفية الرد على السجانين"، كما تقول أمها، وقد قررت مرح أن تتقدم لامتحانات الثانوية العامة هذا العام خلف القضبان.

وعن صفاتها الشخصية تقول والدتها، "مرح حنونة وطيبة جداً وصاحبة شخصية قيادية، إذا احبت شخصا قدسته، وهي صديقتي الصغيرة وست بيت وأم ثانية لأختها الصغيرة حلا، واليوم تعتني مرح بالأسيرات نورهان عواد ومنار شويكي وهي المسؤولة عنهن في سجن هشارون".

وتضيف، "حلا الأخت الصغرى لمرح تشتاقها أكثر من الجميع، وبغياب مرح فقد المنزل فرحته، وتوقفت الحياة فيه عن سيرها الطبيعي فلم تعد كما كانت عليه، ومن فترة قصيرة فقط عدت لصناعة ما تحبه وتأكله مرح في البيت".

قرابة الأربعة أشهر مرت على جريمة الاحتلال بحق مرح، لكن والدتها مازالت تتذكر ذلك اليوم المشؤوم الذي بدأ طبيعيا ولم يستمر كذلك، ففي حين كانت تنتظر عودة ابنتها عند الثانية والنصف عصرا تلقت اتصالا هاتفيا من صديقتها تبلغها فيه بإصابة مرح، "حكتلها امزحي مزحة غير هيك مزحتك ثقيلة، ولكن صديقة مرح بدأت تصرخ بأنها الحقيقة، شعرت وكأنني كنت في السماء وفجأة سقطت الأرض صرخت وسألت بنتي عايشة ولا ماتت".

أصيبت مرح بـ 12 رصاصة في يدها اليسرى وفقا للتقرير الطبي الذي أصدره مستشفى هداسا عين كارم بالقدس، ما أدى لإصابتها بتهتك في عظم يدها استدعى وضع بلاتين فيه، لكن مرح مازالت بحاجة لزراعة عضل، وتعاني من تلف في الأعصاب بنسبة 80%، وعند تقييدها من قبل قوات الاحتلال يزداد وضعها سوءًا.

وبعد عمليتين جراحيتين في يدها، نقلت مرح إلى سجن عسقلان لأسبوعين، ثم إلى سجن الرملة، قبل أن ينتهي بها الحال في سجن "هشارون"، الذي تعتقل سلطات الاحتلال الأسيرات الفلسطينيات فيه.

والتقت عائلة مرح بابنتها لأول مرة بتاريخ 25/كانون أول، أي بعد شهرين ونصف تقريبا من محاولة قتلها ثم اعتقالها، في زيارة كانت مفاجئة لمرح التي أُبلغت حينها بأن القادم لزيارتها وفد من منظمة أطباء بلا حدود.

وتستذكر والدتها، "فور رؤيتنا قفزت من مكانها من صدمة المشهد وبدأ الجميع بالبكاء"، مؤكدة صعوبة اللقاء الذي لم خلا من أي عناق بين الأم وابنتها بعد هذا اللقاء الطويل.

وتنقل سوسن عن ابنتها مرح اعتقالها في ظروف سيئة، حيث قالت إن الزنزانة معتمة وغير دافئة وتفتقر للغذاء وقلة النظافة، هذا عدا عن الحرمان من المقتنيات الشخصية، منوهة إلى التعاون المستمر بين الأسيرات وعلى رأسهن عميدة الأسيرات لينا الجربوني.

وعن يدها المصابة، قالت مرح لوالدتها إنها تجري لها تمارين ومساجات دون أي مساعدة من أي طبيب أو مختص.

ويُخفف قليلا عن قلب سوسن مبيض، أن ابنتها تبدو قوية، فتقول إنها لم تعد تلك الطفلة التي كانت قبل الاعتقال، فقد صنع الاعتقال والسجانون من مرح فتاة كبيرة، "شخصيتها قيادية وجبارة وتعتمد على نفسها، لقد فاجأتني بهذا الإصرار والتحدي".